مدونة الدكتور موسى نجيب موسى معوض
العلاج بالإرادة (نحو نموذج علاجى فى خدمة الفرد)
الدكتور موسى نجيب موسى معوض | dr /moussa naguib moussa moawad
09/10/2020 القراءات: 1892
ظلت قضية الإرادة تشغلني زمنا طويلاً وتحتل مساحة ليست بالقليلة من عقلى وظلت تؤرقنى كثيرا وخاصة عندما بدأت انظر إليها على أنها من الممكن ان تكون نموذجا للعلاج فى خدمة الفرد لعلاج العديد من المشكلات التى تتعامل معها خدمة الفرد وتواجه العملاء مستهدفى مهنة الخدمة الاجتماعية بصفة عامة وطريقة خدمة الفرد بصفة خاصة مثل بعض المشكلات المتعلقة بالارتباط بممارسة بعض العادات السيئة التى يتطلب إرادة قوية للإقلاع عنها كالعادة السرية عند البالغين وعادة تدخين السجائر عند البالغين واليافعين والكبار أيضا ومشكلة العصبية الزائدة والتوتر العصبي وعدم الاتزان الانفعالي وغيرها من المشكلات الأخرى التى تتطلب الإرادة القوية للتخلص منها ومواجهتها والقضاء عليها وهنا برز التحدي الأكبر أمامي كباحث وهو كيفية وضع الفروق بطريقة علمية بين الإرادة كعلاج وبين الإرادة كمتطلب رئيس وهام وحيوي لعملية العلاج ولعل من أهم تلك الفروق هو الفصل بين استخدام أنواع أخرى من العلاج فى خدمة الفرد مثل العلاج المعرفي أو الأسرى أو العلاج السلوكي ومعها إرادة قوية وبين استخدام الإرادة وتقويتها دون تداخل أي نوع آخر من العلاج معها فى هذه الحالة تصبح الإرادة هي العلاج لتلك المشكلات التى يعانى منها الفرد ومن هذا المنطلق كان ضروريا تحديد طبيعة المشكلات والحالات التى تتعامل معها الإرادة كعلاج والتى سبق الإشارة إلي بعضها ومحاولة الوصول إلى آليات واستراتيجيات تقوية الإرادة وتفعليها كعلاج في مثل هذه المشكلات ومثل تلك الحالات ،كذلك من بين التحديات والصعوبات التى واجهتني عند التفكير في الإرادة كعلاج هو مدى ارتباطها بنظرية الأمل ل( سنيدر Snyder ( وتطور العلاج فيها علي يد (جيروم فرانك Jerom Frank) وما كانت تذهب إليه هذه النظرية كمدخل للعلاج إلي أن الأمل هو عبارة عن مجموع من قوة الإرادة وقوة الدافع التى يملكها الإنسان لبلوغ أهدافه وتعتمد نظرية الأمل على ثلاث مكونات عقلية أساسية هى قوة الإرادة وقوة الدافع وخلق المسارات ولعل أهم ارتباط هنا بين الإرادة كعلاج وبين نظرية الأمل هو ذلك المكون الرئيس فى نظرية الأمل وهو قوة الإرادة وهو ما قد يكون السبب فى عملية العلاج عند التعامل بالإرادة كعلاج ويتم تفسير العلاج من خلال نظرية الأمل وليس من خلال الإرادة كعلاج لذا حرصت على توضيح الفرق بين قوة الإرادة كمكون رئيس في نظرية الأمل وبين قوة الإرادة كعلاج ويكمن هذا الفرق فى أن قوة الإرادة فى نظرية الأمل تعنى أنها الدافع الذي يحرك الأهداف والأفكار التي يأمل الإنسان الوصول إليها فهي عبارة عن القوة الذهنية التي يملكها الإنسان لبلوغ هدفه أما الإرادة كعلاج فهى تعتمد على استراتيجات وتكنيكات علاجية ترتبط بها ارتباطا وثيقا ببعضها البعض وتعتبر فى هذه الحالة هى العلاج ذاته وليس مجرد قوة دافعة او مجرد دافع للعلاج الذي يتم عن طريق المداخل العلاجية الاخري .
والإرادة هى العزيمة والتصميم على الاختيار بعد المفاضلة بين عدة بدائل، والتحكم في العقل والجسد من أجل عمل ما يشاءه الفرد حتى ولو كان صعباً بدون أن يجبره أحد على ذلك، وهذا العمل قد يكون في صورة حركة بدنية أو عمليات عقلية أو منع سلوك معين من الصدور، ويدل ذلك على استقلال الفرد وحرية اختياره ويعكس صحته النفسية وقدرته على الكف الداخلي وقوة الذات عنده. يسبق هذا السلوك تمثيلات عقلية وتخطيط وتوقع للنتائج، ويعقب تحقيق الأهداف شعور إيجابي، وصاحب الإرادة القوية يفضل المكاسب المستقبلية على المكاسب الحالية ويتسم تنفيذه لأفعاله بالمرونة.
والإرادة قوة من القوى كالبخار أو الكهرباء، فهي المحرك للإنسان، وعنها تصدر كل الأعمال الإرادية، وجميع ملكات الإنسان وقواه تكون في سبات حتى توقظها الإرادة، فمهارة الصانع وقوة عقل المفكر وذكاء العامل وقوة العضلات والشعور بالواجب ومعرفة ما ينبغي وما لا ينبغي، كل هذه لا أثر لها في الحياة ما لم تدفعها قوة الإرادة، وكلها لا قيمة لها ما لم تحوّلها الإرادة إلى عمل .
وللإرادة نوعان من العمل، فقد تكون دافعة، وقد تكون مانعة، أعني أنها تارة تدفع قوى الإنسان إلى عمل كأن تحمله على القراءة أو التأليف أو الخطابة، وتارة تمنع القوى عن المسير كأن تحرم عليه القول أو الفعل .
وهي بنوعيها منبع لكل الخيرات والسرور، وجميع الفضائل والرذائل ناشئة عن الإرادة، فالصدق والشجاعة والعفة ناشئة إما عن إرادة تدفع قوى الإنسان إلى السير في طريق خاص، أو من أخرى تمنعها من السير في طريق معين، وكذلك الشأن في الكذب وغيره من الرذائل . ونعني بالإرادة القوية إرادة تنفذ ما قصدت إليه مهما كلفها من المشاق، لا تحجم أمام العقبات التي تعترضها، وإنما تبذل ما في وسعها لتذليلها.
وقد توصلت من خلال بحثى العلمي عن الإرادة كعلاج إلي أولي استراتيجات العلاج بالإرادة وهي استراتيجية تفريغ الدافع وتعتمد استراتيجية تفريغ الدافع على ضرورة تفريغ الدافع الذى يدفع الإنسان إلي الوقوع فى المشكلات التى سبق الأشارة إليها والتي تعتبر هى موضوع العلاج بالإرادة فى المقام الأول ويتبع هذه الاستراتيجية العلاجية الجديدة مجموعة تكنيكات لتنفيذها وتتمثل تلك التكنيكات فى الآتي:
1- تكنيك الإبدال والإحلال:
وفي هذا التكنيك يقوم المعالج بالإرادة بعملية إحلال وإبدال لكل المواقف والانفعالات المغذية للدافع الرئيس الذى يؤدي إلي حدوث المشكلة بمواقف وانفعالات تعمل على تفريغ الدافع من قوته وإبطال فاعليته فى إحداث المشكلة .
2- تكنيك الاتجاه العكسى التدريجى:
وفي هذا التكنيك يقوم المعالج بالإرادة بمساعدة العميل صاحب المشكلة بالاتجاه العكسى للمشكلة وبشكل تدريجى فكما تكونت المشكلة نتيجة خطوات متتالية وتراكمات أدت إلي تقوية الدافع الذى تسبب فى حدوث المشكلة يتم تفريغ هذا الدافع بشكل تدريجى تجنبا للقفزات فى العلاج التى قد تؤدى الى استحالة حل المشكلة او مواجهتها وحدوث انتكاسة مما قد يؤدي إلي إحباط العميل وتخفيض قدرته على مواجهة أو حل مشكلته التى يع
العلاج- الإرادة - خدمة الفرد- نموذج
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف