مدونة د. محمد سلامة الغنيمي


سر الخلافة: قوة للإصلاح وعلم للإعمار

د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim


17/01/2025 القراءات: 8  


تتجلى حكمة القرآن في قصة ذي القرنين لتؤكد على أن رسالة الإنسان تتعدى حدود المكان والعرق والقومية، لتشمل إعمار الكرة الأرضية جمعاء.
تدحض هذه القصة الخالدة المقولة القائلة بأن كل دولة ينبغي أن تقتصر على شؤونها الداخلية، وأن تتجاهل معاناة الشعوب الأخرى. فالإنسانية جمعاء تشكل جسداً واحداً، وعندما يتألم عضو يتألم الجسد كله،. فالإعمار الحقيقي لا يقف عند الحدود، بل يتجاوزها ليشمل كل بقعة من هذا الكوكب، وعلى الجميع أن يعمل على إقرار السلام ونبذ العنف والانتهاكات، وفق القوانين والأعراف المحلية والدولية.
هذه القصة ليست مجرد رواية تاريخية، بل هي خارطة طريق واضحة المعالم، تُرشدنا إلى دورنا الحقيقي كبشر على هذه الأرض. إنها تفتح أعيننا على حقيقة مهمة: أن العزلة والانسحاب تحت شعار "ليس شأن في غيرنا" ليست فقط ضد طبيعة الرسالة الإنسانية، بل تعطل الهدف الأسمى من وجود الإنسان، وهو تحقيق الخير والنماء على مستوى عالمي.
هذه الرسالة تحمل في طياتها دعوة صريحة لتحقيق متطلبات أساسية:
1. التعليم: التعليم هو المفتاح لكشف أسرار عمارة الأرض وتطوير أدواتها. فمن خلاله تُكتشف العلوم، وتُبنى الحضارات، ويُصنع الإنسان القادر على التغيير.
2. القوة: القوة ضرورة لمواجهة الفساد وإصلاح ما أفسدته الأيدي. ولكن يجب أن تكون القوة مدعومة بالعلم، لأن التعليم هو الذي يرشد القوة لتكون وسيلة للإصلاح لا أداة للظلم.
إضافة إلى ذلك، تلعب الجيوش الدفاعية والهجومية دورًا أساسيًا في تحقيق الخلافة الراشدة لله على الأرض. فهي الحصن الذي يحمي الأوطان من العدوان، وأداة الإصلاح التي تواجه الطغيان، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من مشروع إعمار الأرض. فالإعمار لا يمكن أن يتحقق دون عدالة وقوة تضمن استمراره، وتردع كل ما يهدده بالفساد.
بهذا، تصبح قضية الإعمار ليست مجرد واجب ديني أو وطني، بل هي رسالة إنسانية شاملة تتطلب رؤية عميقة، وإرادة صلبة، واستثمارًا مستدامًا في التعليم والقوة.


#الغنيمي #رؤية_للنهوض_الحضاري #رؤية_لإصلاح_التعليم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع