مدونة الدكتور/ معتز يوسف أحمد أبوعاقلة
التجربة الكورية في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر
د. معتز يوسف أحمد أبوعاقلة | Dr. Mutaz Yousif Ahmed Abuagla
27/07/2020 القراءات: 5186
قامت الحكومة الكورية بتحرير استثماراتها منذ بداية الثمانينات لجذب المزيد من الاستثمار، واتبعت حزمة متكاملة من الإجراء والسياسات التي تشكل في مجملها عوامل جذب الاستثمار الأجنبي.
أولاً : السياسة الاقتصادية الكلية :
أ- السياسة النقدية
1- سعر الفائدة
استخدمت الحكومة الكورية سياسة نقدية توسعية حتي بداية الثمانينات للاحتفاظ بأسعار فائدة منخفضة بهدف تشجيع الصناعة، كما استخدمت برامج الائتمان الموجه التي أعطت القروض منخفضة التكلفة إلي قطاعات معينة ذات أولوية، والي المجلات التي يرجح إخفاق السوق فيها، مما ساعد على توفير التمويل اللازم للمشروعات الصناعية الكبرى وعلى زيادة معدلات الاستثمار. ومنذ منتصف الثمانيات تم تحرير سعر الفائدة تدريجياً ورفعه مع تحرير النظام التمويلي وإنهاء المعاملة الائتمانية التفضيلية.
لقد ساعد رفع سعر الفائدة المحلية والذي كان يزيد عن مستوي أسعار الفائدة في الأسواق المالية الدولية بأكثر من الضعف على تدفق رؤوس الأموال داخل كوريا بشكل كبير، وقد أدت هذه التدفقات الكبيرة الي زيادة السيولة المحلية والتي أدت بدورها الي زيادة الضغوط التضخمية، لذلك قامت الحكومة الكورية في ظل اتفاقها مع صندوق النقد الدولي عم(1997م) بإتباع سياسة نقدية انكماشية للتحكم في عرض النقود ولخفض معدل التضخم إلي (5%) أو أقل وتحقيق الاستقرار التدريجي في سعر الفائدة، فقد انخفضت أسعار الفائدة الي مستوي تراوح بين (12-14%) في يونيو عام (1998م) بعد أن وصل الي ما يزيد عن (40%) في ديسمبر (1997م).
2- سعر الصرف :
حافظت كوريا على سعر صرف ثابت ومرتبط بالدولار الأمريكي على مدي فترة زمنية طويلة، وقد ساعد استقرار سعر الصرف على زيادة الصادرات الكورية حيث كان سعر صرف الدولار منخفضاً حتي عام (1995م)، الا أنه في عام (1996م) ارتفع سعر صرف الدولار أمام الين الياباني فارتفع سعر صرف الوون الكوري تجاه العملات الأخرى لا سيما الين الياباني مما أدي لتراجع القدرة التنافسية للصادرات الكورية.( ) ومن ناحية أخري ساعد استقرار سعر الصرف على زيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية نظراً لانخفاض مخاطر تقلب أسعار الصرف وفي السنوات الأخيرة وفي ضوء اتفاقية المساندة مع صندوق النقد الدولي اتجهت الحكومة الكورية نحو الحفاظ على سياسية مرنة لسعر الصرف تسمح بوجود مدي من التقلب أو التذبذب في السعر من أجل تخفيف الضغوط على سعر الصرف والناجمة عن تدفقات رؤوس الأموال والمضاربة على الوون.
3- تحرير القطاع المالي :
قامت كوريا بفتح قطاعها المالي وتحريره تدريجيا منذ بداية الثمانينات، فتم إلغاء بعض القيود على تحركات رؤوس الأموال وتشجيع خروج رأس المال بعدة طرق منها السماح للأفراد بتملك العقارات في الخارج، ومع بداية التسعينات تم الإسراع في تحرير القطاع المالي وتضمن التحرير خصخصة البنوك المحلية، تقليل القيود على الاستثمار المباشر من خلال تبسيط الإجراءات، العمل على تطوير سوق الأوراق المالية والسماح للأجانب بشراء أسهم كورية مع خضوعها لسقف وذلك في عام (1992م)، إلغاء القيود على الاقتراض بالعملة الأجنبية من جانب الشركات المحلية والسماح بحرية أكبر للمؤسسات المالية في مجال الإقراض التجاري قصير الأجل فترة استحقاق أقل من عام من الأسواق المالية الدولية وذلك في عام (1994م)، أما عملية الاقتراض المباشر متوسط وطويل الأجل فلم يتم تحريرها، وقد أدي ذلك مع ضعف الرقابة و الإشراف غير المناسب على المؤسسات المالية في عملية الإقراض لا سيما الممنوح للكيانات الكبرى الي انغماس منشآت كثيرة في عمليات اقتراض واسعة النطاق بالعملات الأجنبية ومن ثم تعرضت هذه المؤسسات الي خسائر كبيرة الأمر الذي عرض الاقتصاد برمته لأزمات سيولة والمضاربة على العملة. وكذلك في إطار التحرير المالي تم فتح أسواق المال المحلية بالكامل للأجانب في عام (1998م) والتي شملت أسواق السندات والأسهم والنقود وأسواق العقارات.
ب- مجال السياسة المالية :
قامت الحكومة الكورية بإتباع سياسة مالي تقييدية منذ بداية الثمانينات مكنتها من التحكم في العجز المالي وخفضه الي أدني حد ممكن بل وتحقيق فائض اعتباراً من عام(1985م) وحتي أوائل التسعينات، وذك نتيجة لتناقص عجز القطاع العام وزيادة الإيرادات الضريبية مع انخفاض التدخل الحكومي المباشر في فترة التحرر الاقتصادي وتجميد النفقات الحكومية، وبالرغم من حدوث مشاكل على مستوي الاقتصاد الكلي من فترة لأخرى الا انه قد تم الاستمرار في التأكيد على أن العجز لم يخرج على نطاق السيطرة وذلك بعد حدوث الأزمة الآسيوية إذ قامت الحكومة بتدعيم السياسة المالية الانكماشية من خلال توسيع قاعدة ضريبة الشركات وضريبة الدخل، وزيادة ضرائب الخمور والنقل وتقليل النفقات الجارية والنفقات الرأسمالية ذات الأولوية المنخفضة.
في مجال السياسة التجارية :
عملت كوريا على تدعيم الصناعات الموجهة للتصدير وزيادة صادراتها الي أقصي حد ممكن منذ بداية مرحلة التنمية وحتي الآونة الأخيرة، وذلك بعدة طرق مختلفة منها أنشاء شركة ترويج الصادرات الكورية التي اضطلعت بمهام الكشف عن المزايا لتصديرية بأسواق العالم ، منح حوافز تصديرية ضريبية وتمويل مفضل للصادرات ، تدعيم جهود تسويق الصادرات والبنية الأساسية المرتبطة بالصادرات ، منح حوافز الاستثمار الأجنبي الموجه للتصدير، معالجة مشاكل المصدرين بسرعة وحسم ، ثم انتقلت كوريا بعد ذلك من مرحلة الدعم الي مرحلة تحرير التجارة وذلك من خلال أعادة النظر في برامج الإعانات القائمة ومعدلاتها الاقتصادية وضع برنامج لتحرير الواردات منذ بداية التسعينات تضمن تخفيض القيود الجمركية وغير الجمركية، وتخفيض معدلات الرسوم الجمركية على الواردات، فقد بلغ متوسط معدل الرسوم الجمركية على الواردات (5%) خلال التسعينات، فضلاً عن تحرير مدفوعات الخدمات عن طريق تخفيف القيود على الصرف الأجنبي، كما قامت كوريا بتحرير حسابها الراسمالي لتسهيل خروج رأس المال.
سعر الصرف - القطاع المالي - السياسة المالية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة