مدونة د. الحاج أحمد باباعمي


أثر قواعد المنافسة على الصفقات العمومية

د. الحاج أحمد باباعمي | D Hadj ahmed babaammi


31/10/2020 القراءات: 4922  


مقدمة :تحرص كل النصوص التشريعية التي تُنظّم الصفقات العمومية إلى إقامة المنافسة والشفافية في إبرام الصفقات العمومية، لما تمنحه من تنوع في العروض يُمكِّن الإدارة من الاستخدام الأمثل والرشيد للأموال العمومية وتوفير حما فعالة للمال العام، ولهذا كان من الضروري إيجاد طرق لإبرام الصفقات العمومية من شأنها تجسيد مبدأ المنافسة والشفافية، وقد اعتمد المشرع الجزائري في قانون الصفقات العمومية 247/15 على أسلوبي طلب العروض والتراضي لإبرام الصفقات.
وبالتالي مما سبق نطرح الإشكالية التالية :
هل كرست الإجراءات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية قواعد الشفافية والمنافسة
النزيهة ، وهل وفق المشرع الجزائري في ايجاد بيئة تنافسية نزيهة وشفافة من خلال القانون 247/15 المتضمن قانون الصفقات العمومية ؟؟؟
أولا: مضمون قانون المنافسة و غايته:
إن قانون المنافسة وفقا لهذا الاعتبار هو قانون ضبط سلوكيات الأعوان الاقتصاديين داخل السوق من خلال حظر الممارسات التي من شأنها عرقلة لعبة المنافسة الحرة، و ينطبق هذا الأمر بالنسبة لحظر الممارسات المقيدة للمنافسة، و من بينها ما هو منصوص عليه بمقتضى المادة 6 من قانون 03/03 لاسيما عرقلة تحديد الأسعار حسب قواعد السوق بالتشجيع المصطنع لارتفاع الأسعار من خلا الاحتكار، أو انخفاضها من خلال الإغراق، و كذا الممارسات التمييزية Pratiques discriminatoires المتمثلة خصوصا في تطبيق شروط غير متكافئة لنفس الخدمات تجاه الشركاء التجاريين، و الأعمال المضيقة للمنافسةPratiques restrictives de la concurrence المتمثلة خصوصا في الحد من الدخول في السوق أو في ممارسة النشاطات التجارية، و كذلك بالنسبة لمراقبة التجميعات الاقتصادية concentrations économiques Contrôle des و حظرها في حال ما إذا ترتب عنها تضييقا من محال المنافسة.
ثانيا: طرق ابرام الصفاقات العمومية: 1- طلب العروض L APPEL D OFFRES (المناقصة سابقا) ويحتوي على أربع أنواع هي : طلب العروض المفتوح، طلب عروض مفتوح مع اشتراط قدرات دنيا--طلب العروض المحدود - المسابقة 2-التراضي : le gré a gré وفيه نوعين تراضي بسيط وتراضي بعد الاستشارة
ثالثا: تجسيد قواعد المنافسة في طلب العروض
أثبتت الإحصائيات والتجارب أن إبرام الصفاقات العمومية في الجزائر يكثر فيها المحاباة والأفضلية في منحها لمتعامل اقتصادي دون غيره، مما أدى إلى انتشار الفساد وتبديد الأموال العمومية،ومما سبق نجد أن مبادئ الشفافية والمنافسة مكرسة في أسلوب طلب العروض الذي اختاره المشرع كوسيلة أساسية لإبرام الصفقات العمومية وتقوم هذه الوسيلة عل عدة مبادئ إذا تم احترامها ستؤدي الى نزاهة ومنافسة عادلة مثالية : مبدأ العلانية، مبدأ المساواة بين المتنافسين، مبدأ سرية العطاءات .
رابعا: مظاهر خرق قواعد المنافسة في التراضي
إن أسلوب التراضي يعتبره المشرع أسلوبا استثنائيا محصور في حالات قانونية بذلك يُشكل ضمانا كافيا لحماية المال العام وضمان الشفافية والمنافسة، الأمر الذي جعل صفقات التراضي كثيرة من حيث المواد المحددة لحالاتها مما جعل التراضي غطاء قانوني لارتكاب التجاوزات ، ولذلك نجد غموضا في حالات التراضي البسيط استبعاد لقواعد المنافسة ونوضح ذلك في مايلي :
1- حالة احتكار المتعامل للعمليات موضوع الصفقة: مادة 49 وبالتالي توفر الإدارة لنفسها غطاء قانوني يخفي تلاعبها بالصفقة وعدم التزامها بمقتضيات الشفافية المتمثلة في العلنية والمساواة التي تكشف ضبابية هذه الحالة.
2- حالة الاستعجال المُلح المعلّل والتموين المُستعجل قيّدت المادة 2/49 مرسوم 15-247 لجوء المصلحة المتعاقدة للتراضي البسيط تحت حالة الإستعجال المُلح المعلّل بوجود خطر يهدّد أو داهم يتعرض له ملك أو استثمار للمصلحة المتعاقدة أو الأمن العمومي لا يمكن تداركه بلجوء الإدارة لطرق الإبرام العادية بل أحيانا يتحقّق الاستعجال الملح نتيجة لمماطلة و منوارات من الإدارة فتبرم الصفقة بالتراضي خارقة بذلك شروط اللجوء للاستعجال المُلح ، بل قد تتماد في تضخيم أرقام المتطلبات الحقيقية المراد انجازها مستغلة بذلك الظرف والإطار.
3- - حالة مشروع ذو أهمية وطنية يكتسي طابعا إستعجاليا:
ننصت عل هذه الحالة المادة 4/49 وقيد المشرع اللجوء لها للموافقة المسبقة لمجلس الوزراء (10.000.000) أو مجلس الحكومة إذا كان المبلغ أقل، ورغم هذا التقييد تبق هذه الحالة غامضة فمن يُحدّد أن المشروع يندرج ضمن مشاريع ذات أهمية وطنية فهي عبارة عامة تخضع لأهواء وتفسيرات الإدارة ومناوراتها للخروج عن قواعد المنافسة والنزاهة .
4- حالة ترقة الإناج الوطني
هي نفس الحالة السابقة ونوجه لها نفس النقد
الخاتمة ”نتائج وتوصيات“
-إن إعمال المنافسة الحرة في مجال الصفقات العمومية يعد من الشروط الأساسية التي يتوقف عليها نجاح الطلبات العمومية، فالمنافسة تمكن الإدارة من استخدام الموارد العمومية استخداما رشيدا يكفل لها جودة ونوعية السلع والخدمات من خلال تنوع العروض
-وكذلك إعمال قواعد المنافسة يساعد على مكافحة الفساد و المحاباة والتفضيل لمتعامل اقتصادي دون آخر ويضمن المساواة في توزيع الأموال العامة مقابل خدمات وسلع راقية
- غير أن تحقيق هذه الأهداف يتوقف عل المسائل التالية :
- 1- ضرورة اعتماد تكنولوجيات الاتصال الحديثة في إبرام الصفقات العمومية ، وتدعيم المنظومة القانونية الحالية بأنظمة رقابية فعالة
- 2- مدى إستعداد الإدارة لتطبيق القواعد تطبيقا صارما يحقق ضمانات المنافسة والنزاهة
- 3-مدى توافر الإدارة على الإطارات القادرة على تفعيل هذه النصوص القانونية الهامة مع توفير مناخ مناسب خال من سيطرة الفساد والرشوة على إبرام الصفقات العمومية .
- 4- لا يكفي الطابع الاستثنائي لصفقات التراضي حتى نعتبرها مطابقة للمنافسة بل يجب أن تُحدّد.
- إجراءاتها بدقة خالية من الغموض والثغرات لأن وجودها يسبب استغلال الإدارة لها بطرق غير مشروعة تؤدي إلى إهدار المال العام
-




قواعد المنافسة، الصفقات العمومية، حرية المنافسة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع