د.امل صالح سعد راجح


أهمية اللغة العربية في تعزيز الهوية وبناء المؤسسة التعليمية (1)

د.امل صالح سعد راجح | Dr.Amal Saleh Saad Rajeh


18/12/2024 القراءات: 12  


يعد تناول موضوع اللغة العربية والهوية في المنظومة التربوية والتعليمية من المواضيع المهمة والشائكة في الوقت الراهن؛ نتيجة للتغيرات المتسارعة من حولنا، التي لم تمس المؤسسة التعليمية والتربوية فقط، وإنما منظومة حياتنا برمتها. لقد شكل موضوع الهوية واللغة العربية ودورهما في المنظومة التربوية والتعليمية موضوعان جد متداخلان، باعتبار أن اللغة هي هوية بحد ذاتها وتشكل أهم العناصر المكونة للهوية، التي يمكن تعريفها بأنها " الآلية التي يمكن للفرد خلالها أن يُعرف نفسه في علاقته بالجماعة الاجتماعية والثقافية التي ينتمي إليها، وعن طريقها يتعرف عليه الآخرون بوصفه منتميًا إلى تلك الجماعة. وهي آليه تتجمع عناصرها المتعددة على مدار تاريخ الجماعة (عنصر التاريخ) وعبر تراثها الإبداعي(الثقافة) وأنماط حياتها (الواقع الاجتماعي) والملامح الحقيقية للهوية- وفقًا لهذا التعريف- هي التي تنتقل زمنيًا داخل الجماعة وتظل محتفظة بوجودها وحيويتها مثل القيم والتراث الثقافي واللغة والفنون والآداب، وطرائق الحياة وأنماط الحياة وأنماط التفكير...الخ
نعاني اليوم من التضاد بين الهوية التقليدية، وهوية الجيل الجديد، التي انبثقت من فعل العولمة، إذ غزت كل جانب من جوانب حياتنا، ولم تكن اللغة العربية إلا جانبا من هذه الجوانب التي تحاول أفكار ما بعد الحداثة طمسها واحلال لغة بديلة، استهلاكية تناسب ما يحدث في حياتنا التي غزتها الفردية، والانانية، وحب الشهرة والاستهلاك السريع لكل ما يصل إلينا، وهذا جلي للعيان من خلال ما يتواصل به الشباب اليوم من لغة غريبة، لغة هجينة تجمع بين اللغة العربية والأجنبية، ايضا التعبيرات المستخدمة في وسائل التواصل الاجتماعي من استبدال بعض الحروف العربية بالحروف الأجنبية؛ مما يؤدي إلى تغيير شكل الكلمة وعدم فهم معناها، وهذا يعود في نظرنا كما اشارت الورقة إلى أن اللغة تتأثر بمحيطها وتؤثر فيه، ونحن في أوطان تمر بأزمات عديدة، نتصارع فيما بيننا، ونصارع اعدائنا، كل ذلك لم يعطنا مجال في ان ننظر إلى هويتنا وهي اللغة وما يحاك لها من المأزق والمهاوي.
كما يعاني الجيل الجديد من عجز في الربط بين علاقة الدال بالمدلول، وعدم مقدرته عن التعبير عما يختلج مشاعره أو ما يريد قوله، وهذا يعود بالأساس إلى غياب أو ضعف تعلم مهارات اللغة العربية (مهارة الاستماع، مهارة القراءة، مهارة التحدث، مهارة الكتابة) وكل مهارة تندرج تحتها عناصر عديدة منها: فهم المعنى الإجمالي، تفسير الكلام والتفاعل معه، تقويم الكلام ونقده، ربط المضمون بالخبرات الشخصية) وكل هذه المهارات لا توليها المؤسسة التعليمية والتربوية الاهتمام الكافي، ويتخرج الطالب من المدرسة والجامعة لا يكتب أو يتكلم بالشكل الصحيح. إذ كان فيما مضى يتم العناية بتدريس اللغة العربية في المراحل الأولى من عمر التلميذ، وتعويده على قراءة موضوع الدرس، وتكليفه بإعداد موضوع تعبير، وكتابة إنشاء، والعناية بالخط، وكتابة الجمل وترتيبها، لكن في الوقت الحاضر، تم اهمال مادة اللغة العربية، وأحيانا يتم وضعها في آخر الجدول الدراسي؛ مما أدى إلى ضعف الاهتمام بها في نفوس التلاميذ، ويعود ذلك بالدرجة الأساسية للمنظومة التعليمية والتربوية التي لم تولي الاهتمام الكافي لترغيب التلاميذ وتحفيزهم على حب مادة اللغة العربية. كما لا ننسى تقصير أولياء أمور التلاميذ واهمال تعليم أبنائهم اللغة العربية.
- إضافة لما سبق نجد أن هناك جوانب تؤثر على اللغة العربية والتحدث بها منها:
-1 " العامية وآثارها السلبية على اكتساب المهارات اللغوية:
إذ إن ما يبنيه معلم اللغة العربية معرض للهدم بسبب انتشار العامية في مرافق الحياة: في البيت والشارع حتى إن كثيرا من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية تقدم برامجها بالعامية. ومن هنا نجد أن المتعلم لا يستمع إلى العربية إلا في ساعات قليلة. وهذه الساعات المحددة غير كافية لاكتساب المهارات اللغوية. يضاف إلى ذلك أن لأغلب المعلمين حتى ضمن جدران الأقسام يستخدمون العامية في تدريسهم وشرحهم، ولا يعملون على تشذيب إجابات المتعلمين إذا ما كانت بالعامية، فيرسخ الخطأ على الألسنة والأقلام.
-2 طرائق التدريس والأساليب التلقينية التي نتبعها في تدريس اللغة:
عامل آخر من عوامل ضعف الاستيعاب؛ إذ إن اللغة لا تكتسب إلا بالممارسة والمران والاستخدام المستمر. والطرائق التلقينية تجعل المتعلمين سلبيين انفعاليين لا إيجابيين فعاليين مما يفوت عليهم استخدام اللغة ويحول بالتالي دون اكتساب المهارات اللغوية"


اللغة العربية - الهوية - اللسان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع