محمد مصطفي حسن محمود


التعلم من المواقف الحياتية

محمد مصطفي حسن محمود | Mhamed Mostafa Hasan


16/01/2022 القراءات: 3541  


في الحياة يتعرض المرء لكثير من المواقف، التي قد تكون محزنة أو مفرحة لكن يبقي الموقف هو الخبرة التي تكتسبها في حياتك لحياتك المستقبلية، ومن المواقف التي واجهتني في حياتي العملية أثناء إمتحانات الثانوية العامة ان جاء أحد الطلاب وقدم شكوةً في أحد المعلمين متهمه بأنه سمح بالغش داخل الامتحان وأنكر المعلم ذلك لكن للآسف المعلم لا يملك دليلاً والمؤسف أن وزارتنا الجليلة تعتمد خطأ المعلم دائماً أبدا وفي خلسة من الحضور قام المعلم بدس ورقة إجابة أدعي المعلم أن الطالب كان يغش منها وكان عليه أن يرفقها بورقة الطالب وان المعلم رأفة به لم يفعل، والأغرب أن زميله الذي أنكر معرفته بما حدث أثبت إدعاء زميله وهنا إنهار الطالب بأن المعلم لم يحدث منه شيئاً وانه قال ذلك نكايةً في المعلم الذي رفض أن يسمح بالغش داخل اللجنة وهنا يلوح في سماء الفن، فن الرد لسيدنا ‏المغيرة بن شعبة أحد دهاة العرب وهو معروف عنه بسرعة الرد وسرعة البديهة، وفي زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولاه على إمارة البحرين حيث كان حازماً وشديداً على أهلها واشتكوه الى الخليفة حيث عزله لكن أهل البحرين قالوا إن الخليفة عمر يحبه ويحترمه ‏ويفكر بإعادته الى البحرين وهنا فكر أهل البحرين بمكيدة ومؤامرة للمغيرة لكي لا يعود لهم مرة اخرى حيث جمعوا مبلغ 100 ألف دينار وكلفوا شيخهم لكي يذهب إلى الخليفة ودخل الشيخ إلى مجلس عمر وكان هناك المغيرة أيضاً فقال شيخ البحرين مخاطبا عمر : يا أمير المؤمنين جئتك من البحرين ‏وأهلها يقرؤنك السلام ومعي 100 الف دينار وضعها عندي المغيرة الذي سرقها من بيت مال المسلمين وها أنا أعيدها لك وأنا شاهد على ذلك نظر عمر الى المغيرة فقال له ما قولك ؟ فقال المغيرة إنه لكاذب فقد سرقت 200 ألف دينار وليس فقط 100 الف فما أتى إلا بنصف المبلغ فما هو إلا بسارق : فقال عمر فما حملك الى ذلك ؟ فقال المغيرة : كثرة عيالي وقلة ذات اليد واحتجت هذا المبلغ وها أنا أعترف أمامك بسرقة 200 ألف دينار... فأخذ الرجل يقوم ويسقط من شدة هول المفاجأة... فقال : والله لم يعطيني أي دينار أو درهم هذا المال جمعه أهل البحرين للكيد بالمغيرة لكي لا تعيده إليهم، ‏فنظر عمر رضي الله عنه وهو يبتسم وقال للمغيرة كيف فعلت ذلك ؟ فقال المغيرة ؟ هذا الرجل يتهمني بالسرقة وهو يكذب فأردت ان أخزيه فأخزاه الله وهكذا أفلت رضي الله عنه من كيد هذا الخبيث. غير أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ولاه البصرة بعد ذلك فمكث فيها ثلاث سنين رضي الله عنهم وأرضاهم،  وفي وزارتنا الموقرة إكتفت بحفظ التحقيق وأن المعلم يشكر الله ان ظهر الحق قبل فوات الآوان ، وهنا نتعلم ان التعليم لم يكن مقصوراً يوماً علي الفصل والكتاب والمعلم وإنما تقتضي الحاجة دوماً للتعلم من الأخرين وخبراتهم ومواقفهم فحياتنا عبارة عن صور متكررة من حياة الأخرين.


صور متكررة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع