مدونة د حازم الشيخ الراوي


الخطاب الالهي المباشر للمؤمنين الحلقة الخامسة ( التقوى)

د حازم الشيخ الراوي | D.HAZIM AL SHEIKH ALRAWI


13/08/2021 القراءات: 2559  


التقوى هي الاسم من التقى والمصدر الاتقاء وهي مأخوذة من مادة وقى، فهي من الوقاية، وهي ما يحمي به الإنسان نفسه، وتدل على دفع شيء عن شيء لغيره، فالوقاية ما يقي الشيء. وقواه: بمعنى صانه وحماه منه، وفي التنزيل العزيز: فوقاهم الله شر ذلك اليوم، كما جاء في قوله تعالى (وآتاهم تقواهم) أي جزاء تقواهم. وقوله تعالى (يا ايها النبي اتقي الله) بمعنى اثبت على تقوى الله ودم عليه وقوله تعالى(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) وقال سبحانه: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى} بمعنى هو أهلٌ أن يتقى وأن يخشى وأن يهاب وأن يجلّ وأن يعظّم سبحانه وتعالى.
وإذا كانت التقوى لغة تعني الوقاية والحماية، فإنها شرعا تعني أن يجعل المؤمن بينه وبين ما حرّم الله حاجبا وحاجزا وأن يوقي نفسه غضب الله وسخطه، وذلك باتّباع أوامره وطاعته سبحانه وتعالى، واجتناب نواهيه. وقد عرفها الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأنها الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل..
ورد مفهوم التقوى في العديد من آيات الخطاب الإلهي المباشر للمؤمنين ، ففي الآية 278 من سورة البقرة قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وفي الآية 102 من سورة آل عمران (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) كما َأَمَرَ تَعَالَى عِبَاده بِالتَّقْوَى ومخافته لضمان الفلاح في قوله تعالى بالآية 130 من سورة آل عمران ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) . ويأمر الله عباده المؤمنين بالتقوى وترك ما نهوا عنه، وعدم التعاون على المعاصي والعدوان، وأن يخافوا من عقابه بإطاعته سبحانه فهو شديد العقاب لمن يخالف شرعه، كما جاء بالآية 2 من سورة المائدة (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). ويقارب الله تعالى بين العدل والتقوى في الآية 8 من سورة المائدة بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). ويَأمر الله تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ والعمل بشريعته والالتزام بطاعته واجتناب معصيته وذلك ما جاء بالآية 70 من سورة الأحزاب بقوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).. ويمنح الله تعالى أهل التقوى جائزة عظيمة كما في الآية 29 من سورة الأنفال بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). وفي الآية 28 من سورة الحديد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
ويربط الله تعالى بين التقوى والصدق في الآية 119 من سورة التوبة بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ). ويؤكد الله تعالى على عباده المؤمنين بأن يحفظوا أنفسهم وأهليهم من النار التي وقودها الناس والحجارة كما جاء في الآية 6 من سورة التحريم بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).ويدعم سبحانه المتقين بقوله في الآية 123 من سورة التوبة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) .
وإذا كان الايمان أساس العقيدة، وإذا كان الجهاد هو التجسيد العملي للإيمان، فان التقوى هي الكنز الكبير الذي ترفد المؤمن بكل معاني السعادة والخير الوفير والرزق الواسع والفوز بالثواب والأجر.
ولأهمية التقوى فقد اعتبرها تعالى خير زاد للمؤمن في رحلته بالحياة الدنيا الى الآخرة بقوله في الآية 197 من سورة البقرة (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).
والتقوى تفرج الكرب وتحقق الرزق كما في الآيتين 2 و3 من سورة الطلاق (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
وقد جاء في الحديث الشريف عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ان الدنيا حلوة خضرة، وان الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فان أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء) وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( اللهم اني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ).



المؤمنون .. العقيدة ..


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع