مدونة الدكتور لقرع بن علي


ديمقراطية الخام: ثروة الموارد الطبيعية والنظم السياسية

لقرع بن علي | Lagraa Benali


16/12/2019 القراءات: 3912  



ديمقراطية الخام: ثروة الموارد الطبيعية والنظم السياسية
في سنة 2008 نشر الامريكي تاد دونينج Thad Dunning مؤلفا بعنوان "ديمقراطية الخام: ثروة الموارد الطبيعية والنظم السياسية". يقدم هذا الكتاب رؤية جديدة مغايرة للدبيات التي سبقته في نظرية الدولة الريعيةن، وهو يتناقض معها، حيث يرى أن ريع الموارد الطبيعية ليس له اثر استبدادي فقط على النظم السياسية، بل يمكن أن يؤدي الى اثر ديمقراطي.
انطلق الكاتب من فرضية رئيسية مفادها أن ريع الموارد الطبيعية له اثار ديمقراطية وتسلطية. وفي سبيل اختبار هذه الفرضيةن قام بدراسة مقارنة لمجموعة من الحالات في امريكا اللاتينية (فنزويلا، الشيلي، بوليفيا، الاكوادور، بوتسوانا). وقد اثبت الكاتب ان الفترات التي شهدت ازدهار ريع الموارد الطبيعية انعكست ايجابا على استقرار الديمقراطية على عكس الفترات الني انخفض فيها الريع، حيث شهدت هذه الحالات تراجعا للديقراطية. وبناء على ذلك، قام تاد دونينج بإحداث ثورة في نظرية الدولة الريعية، حيث جاء بمفهوم جديد وهو الديمقراطية الريعية (rentier democracy).
يعد هذا الكتاب اضافة كبيرة للادبيات التي تناولت الاثار السياسية لريع الموارد الطبيعية، فهو يتضمن تحليلا ميدانيا من منظور مقارن للاثار السياسية لريع الموارد في مجموعة من الدول الغنية بالموارد وفي نفس التي شهدت فترات من الدمقرطة. ويدعو الى الاخذ بعين الاعتبار التاثير المزدوج لريع الموارد (أثر استبدادي واثر ديمقراطي) وعدم الاكتفاء بنظرة احادية الجانب مثلما هو سائد في الادبيات الاخرى التي سبقته. والاهم من ذلك يؤسس لاطار نظري جديد في السياسة المقارنة يتمثل في نظرية الديمقراطية الريعية.
لكن رغم ذلك، يبدو أن تاد دونينج أهمل بعض الجوانب الاساسية في دراسته، فهو على الرغم من تمييزه بين الدول الغنية بالموارد والدول التي تعتمد على الموارد لكن لا نجده يتحدث عن الاقتصاد الريعي، لأن المشكلة لا تتعلق بوجود الريع بل تكمن في الاقتصاد الريعي وتوظيف الريع كمورد سياسي أكثر منه مورد اقتصادي في الدول الريعية، ومثلما هو معروف فالدولة الريعية هي التي يعتمد ناتجها المحلي على الريع بنسبة 40 بالمائة فما فوق. ولهذا نلاحظ أن أغلب الحالات التي اعتمد عليها في دراسته لا يبدو فيها ريع الموارد هو المهيمن على الاقتصاد باستثناء فنزويلا. من جهة أخرى عالجت هذه الدراسة مسألة استقرار الديمقراطية اكثر من مسالة التحول الديمقراطي. وهنا يجب ذكر عوامل أخرى تؤثر في أمريكا اللاتينية منها طبقة ملاك الاراضي، والكنيسة، والعوامل الخارجية. أما بالنسبة لحالة بوتسوانا فليس ريع الموارد وحده هو الذي ساهم في استقرار الديمقراطية فيها، بل هناك عامل اضافي يتمثل في كون بوتسوانا بلد جار لجنوب افريقيا التي تعد قطبا اقتصاديا وديمقراطيا تؤثر ايجابا في الاستقرار الذي تشهده البلدان الواقعة في جنوب القارة الافريقية.
باستثناء فنزويلا نجد ان تاد دانينج، لم يدرس حالات تعتمد على الريع النفطي كمورد اساسي ولم يوسج المجال الجغرافي لدراسته حيث اقتصر على امريكا اللاتينية وحالة افريقية واحدة تعتمد على موارد الماس، وهنا كان يجب عليه دراسة حالات أخرى مثل إيران والكويت وأندونيسيا. وبغض النظر عن كل هذا اهمل الكاتب قضايا مهمة جدا لها علاقة بريع الموارد مثل الفساد والحروب الاهلية والعنف السياسي، كما أنه ذكر ظاهرة الانقلابات العسكرية التي تعرضت لها دول امريكا اللاتينية المعنية بالدراسة، لكنه لم يفسرها بالتفصيل، وأهمل كذلك فترة حكم بينوتشيه في الشيلي. كما أنه لم يستعن ببعض المؤشرات المهمة مثل مؤشر الفساد ومؤشر الديمقراطية.


الديمقراطية، الريع، الموارد، النظام السياسي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع