بحث يعالج قضية التمويل بالمضاربة في المصارف الإسلامية وما يحيط بها من مخاطر، وطرق التحوط من تلك المخاطر.
ولا شك أن المضاربة من أهم أساليب وصيغ التمويل في المصارف الإسلامية؛ لأنها أحد العقود الإسلامية الخالصة، وأنها تعتمد على تقديم مال من طرف وعمل من طرف آخر؛ فهي قائمة على الإنتاج ودفع عجلة الاقتصاد قُدُمًا، وهذا ما يميزها عن كثير من صيغ التمويل الأخرى كالمرابحة والإجارة المنتهية بالتمليك وغيرهما.
إلا أن التمويل بالمضاربة يواجه كثيرًا من المخاطر من الناحية التطبيقية في المصارف الإسلامية؛ حيث تقل سيطرة وإشراف المصرف على تنفيذ عمليات المضاربة التي يقوم بها العميل أو المضارب؛ ومن ثم يتوقف نجاح أو فشل المضاربة إلى حد كبير على طبيعة المضارب من حيث خبرته وأمانته وأخلاقه وسلوكه؛ ولذلك تصل المخاطر التي تواجه المصارف الإسلامية إلى قمتها في عقود المضاربة.
ومن أهم هذه المخاطر: حدوث تلف أو ضياع للمال لا يد للمضارب فيه، وبالتالي فإن البنك يتحمل خسارة هذه المخاطر وحده؛ لأن يد المضارب على المال يد أمانة لا يد ضمان. وكذلك عدم إمكانية إثبات مسئولية المضارب بالتعدي أو التقصير أو مخالفة شروط العقد في استخدام مال المضاربة. وعدم تسليم المضارب لما في يده من أموال البنك عند انتهاء المضاربة. وأيضًا: إظهار المضارب نتائج المضاربة بما يخالف حقيقتها، وتأييد ذلك بمستندات مزورة، مما يؤدي إلى قلة الربح المستحق للبنك في تلك المضاربات.
ولأجل ذلك يلجأ كثير من المصارف إلى عدة طرق للتحوط من مخاطر التمويل بالمضاربة، كحسن اختيار المضارب، ومطالبته بضمانات عينية أو شخصية، وتقييد تصرفاته، أو اشتراط ضمانه لرأس مال المضاربة، أو أن يتطوع المضارب بالضمان بعد العقد، أو التزام طرف ثالث بالضمان، وكذلك تأخير تسليم رأس المال ومشاركة رب المال في العمل، والبيع الآجل لطرف ثالث، ونقل عبء الإثبات إلى المضارب، والتوسع في معيار التعدي والتقصير، وضمان الربح المتحقق بالإضافة لضمان رأس المال عند التعدي والتقصير، واعتبار المضارب غاصبًا إذا امتنع عن رد رأس المال عند انتهاء المضاربة.
تاريخ النشر
01/09/2014
الناشر
مجلة مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، وندوة فاس بالمغرب
أ.د. هشام العربي | Dr. Hesham El-Araby | 10011