مدونة سيف بن سعيد العزري


أسكن زوجة ثالثة في صالة كانت مشتركة بين الزوجتين الأوليين

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


3/14/2025 القراءات: 234   الملف المرفق


تزوّج امرأتين، وأسكنهما في منزل قُسم إلى قسمينِ، يسكن في كلّ قسم زوجة منهما وأولادها، وبينهما صالة مشتركة للقسمين، ثمَّ تزوّج امرأة ثالثة، فأسكنها في تلك الصالة المشتركة بناءً على صلحٍ تمّ بينهما في المحكمة، فرفعت الزوجتان الأوليان الدعوى لإخراج الزوجة الثالثة من الصالة المشتركة، إلا أنّه تمسّك بأنّ لديه حكماً من المحكمة يقتضي إسكانها في تلك الصالة، وبعد نظر الدعوى ومعاينة المنزل من قبل أمين السرّ حكمت المحكمة في الشكلِ الذي هو الدفع بسبق الفصل، وفي الموضوع، وكان مما ورد في أسباب الحكم: "وحيث إنّ المدعى عليه قد دفع بوجود حكم سابق بينه وبين زوجته الثالثة، فهو دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى المشار إليها، حيث تم التصالح بينهما على أن يهييء المدعى عليه لزوجته الثالثة (المدعية في تلك الدعوى) منزلاً مستقلاً ومناسباً لها في منطقة ... في نفس المنزل الذي تسكن فيه زوجتاه الأولى والثانية على أن يكون منعزلاً ومستقلاً عنهما، هذا الدفع غير سديد؛ إذ إنّه من المقرّر قضاءً "أنّ القاضي وهو يثبت عقد الصلح عملاً بالمادة (105) من قانون الاجراءات المدنية والتجارية لا يكون قائماً بالفصل في خصومة، بل تنحصر مهمته في إثبات وتوثيق ما حصل أمامه من اتفاق، وهو في هذا لا يقوم بهذا الإجراء بمقتضى سلطته القضائية، بل بمقتضى سلطته الولائية، وبالتالي فإنّ هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً لا يحوز حجيّة الشيء المحكوم به وإن كان قد جرى العمل في المحاكم على إعطائه شكل الأحكام عند إثباته"، وعليه فيجوز للمحكمة نظر الدعوى. وحيث إنّه عن موضوع الدعوى فإنه من المقرّر شرعاً أنّ الزوج ملزم بنفقة زوجته لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلّم - لهند بنت عتبة حين شكت زوجها أبا سفيان بأنه رجل شحيح: "خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف"، كما أنّه من المقرّر شرعاً أنّ الزوج ملزم بتهيئة منزل لزوجته؛ لقول الله تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ الطلاق: ١، وهي في المطلّقات رجعيّاً، فجعل لهن السكن بل أضاف البيوت إليهن دلالة على لزوم ذلك، وهي زوجة حكماً، فالزوجة حقيقة أولى، وقوله: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ الطلاق: ٦، فهي وإن كانت في المطلقات رجعيّاً أو بائناً على خلاف بين أهل التنفسير فلأن يكون للزوجة سكن أولى، وعلى هذا نصّ قانون الأحوال الشخصية طبقاً للمادة (49) على أنه: "تجب نفقة الزوجة على زوجها من حين العقد الصحيح ولو كانت موسرة"، وللمادّة (56) فقد نصّت على أنّ "على الزوج أن يهيء لزوجته مسكناً ملائماً يتناسب وحالتيهما"، لما كان ذلك، وكان المدعى عليه زوجاً للمدعيتين، فهو ملزم بنفقتهما ومن ضمن النفقة حقهما في توفير مسكن مناسب للحياة الزوجية يكون سبباً للاستقرار بين الزوجين وأدعى لأن يوفّر جوّ الحياة الزوجية التي يصلان منها للمودّة والرحمة كما أراد الله تعالى، وكان من المعلوم أنّ المنزل لا يكون مناسباً للحياة الزوجيّة إلا أن يكون فيه مجلس لاستقبال الضيوف الذين يكون منهم غالباً أرحام طرفي العلاقة الزوجية، وكان المنزل - حسب ما ظهر من تقرير المعاينة ومن إفادة أطراف الدعوى في محاضر الجلسات - أنّه منزل مقسّم لقسمين بينهما صالة مشتركة تسكن كل واحدة من المدعيتين في قسم مع أولادها، فمع المدعية الأولى ستة أولاد ومع المدعية الثانية سبعة أولاد، وفي المنزل مجلس مشترك، فلا شكّ أنّه لا يمكن للمدعيتين الاستغناء عن ذلك المجلس؛ إذ قد يزور كلّ واحدة منهما أقاربها وهم أجانب عن الزوجة الثانية وأولادها، إضافة إلى أنّ فصل المجلس عن المنزل يترتب عليه ضيق ا لمنزل من بعد، فلكل هذا تقضي المحكمة بإلزام المدعى عليه بإخراج زوجته الثالثة من مجلس المنزل الذي تسكن فيه المدعيتان وعدم إسكانها فيه. يؤخذ من ذلك: أنّ الواجب إسكان الزوجة في مسكن ملائم يتناسب مع حالتيهما. يمكنك - أخي الكريم - الاطلاع على الحكم القضائي بنسخة PDF من الملف المرفق أعلاه.


حكم قضائي، محكمة شرعية، علاقة زوجية، زوجة ثالثة، مسكن زوجية، نفقة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع