مدونة د. زياد عبدالوهاب النعيمي


في ذكرى توقيع اتفاقيات جنيف الاربع 12 اب 1949.. تطبيق القانون الدولي الانساني ..الميدان ..والتحديات

د. زياد عبدالوهاب النعيمي | dr. ziyad abdullwahab alneamy


8/12/2020 القراءات: 4474  



يعرف القانون الدولي الانساني بانه ذلك الجزء المهم من القانون الدولي العام والذي يعني بالنزاعات المسلحة سواء كانت نزاعات دولية او غير ذات طابع دولي ،فهو يتضمن مجموعة من القواعد العرفية والتعاهدية يخضع لها سلوك المتحاربين المشتبكين في نزاع مسلح عند مباشرتهم لحقوقهم وواجباتهم، وينطلق والقانون الدولي الانساني يتكون من اسس عرفية في الاساس وتعاهدية وهو ما نطلق عليه صادر القانون الدولي الانساني فضلا عن المصادر الاخرى من مبادئ عامة والفقه والقضاء الدوليين، اما المصادر الاتفاقية فهي تتأتى من اساسين الاول اتفاقيتا لاهاي، والثاني اتفاقيات جنيف، ولذلك فهو يخرج عن في نطاقه عن قواعد القانون الدولي لحقوق الانسان التي قد يشملها هذا القانون بمعناه الواسع والكبير
اما قانون لاهاي :فهو مجموعة النصوص الواردة في اتفاقيات لاهاي 1899-1907 والتي تهدف الى وضع قواعد عامة حول سير الحرب والوسائل المستخدمة في القتال وتحديد حقوق المتحاربين فهما اتفاقيتان دوليتين تم مناقشتهما خلال مؤتمرين منفصلين للسلام عقدا في لاهاي مؤتمر لاهاي الأول عام 1899 ومؤتمر لاهاي الثاني عام 1907الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية 1907.
اما اتفاقيات جنيف فهم مجموع النصوص الاتفاقية التي وضعتها اتفاقيات جنيف الاربع في 12 اب 1949 والبروتوكولان الاضافيان لعام 1977 والبروتوكول الثالث لعام 2005،وقد سبق وضع اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 وضع اتفاقيات جنيف الأصلية لعام 1864المعنية بـ"تحسين حالة الجرحى في الجيوش في الميدان"، لأول مرة في بناء على اقتراح هنري دونان، مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ثم اتفاقية جنيف 1906 المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان واتفاقيتا جنيف لعام 1929 الاولى والثانية بشان تحسين حال الجرحى وبشان معاملة الاسرى في الحرب اما اتفاقيات جنيف الاربع التي وضعت في مثل هذا اليوم 12 اب لعام 1949 فقد شملت ما يأتي:
الاتفاقية الاولى لتحسين حال الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان، اما الاتفاقية الثانية فهي لتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى من القوات المسلحة في البحار، اما اتفاقية جنيف الثالثة فتتعلق بشان معاملة اسرى الحرب، فيما عالجت الاتفاقية الرابعة حماية الاشخاص المدنيين وقت الحرب.
ان هذا اليوم كان يوما مفصليا في تاريخ القانون الدولي الانساني لأنه وضع اسس وقواعد اتفاقية عالجت مسالة النزاعات المسلحة، بكل اشكالها ومعالجة حقوق وواجبات القوات المسلحة وبيان دور كل منهم في التقييد بتلك القواعد والعمل بموجبها ونزول سلوك المتحاربين للأخذ بها، خصوصا وانها تشكل ميدانا واسعا في النزاعات المسلحة قد يدفع ذلك بالقوات المتحاربة بالخروج على القواعد او عدم الالتزام بها او عدم تطبيقها بشكل سليم ما يؤدي الى التخلي عن المسؤولية الاخلاقية والقانونية .
ان ما جاءت به تلك الاتفاقيات من قواعد سواء ما تم تقنينه او ما استحدث من قواعد جديدة كتوسيع نطاق الاتفاقيات لتشمل (النطاق المادي) مثل النزاعات المسلحة الدولية بدون اعلان الحرب، والنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وهذا ما تم انجازه باعتباره درسا مستفادا من الحرب الاسبانية التي اظهرت الصعوبة في تطبيق معاهدات جنيف السابقة، وفضلا عن توسيع النطاق المادي للنزاعات المسلحة فقد تم توسيع النطاق الشخصي ايضا.
يواجه تطبيق الاتفاقيات الدولية الكثير من التحديات القائمة على النزاعات، او الافراد وسلوك المتحاربين وهذا يعني ان هناك صعوبات قد تكمن في بعض الاحيان في تطبيق هذا القانون، وكذلك صعوبات تتعلق بالنطاق الشخصي وحماية المدنيين وغير ذلك من الصعوبات.
ان ابرز التحديات التي تواجه القانون الدولي الانساني يتمثل بالنزاعات المتلاحقة والمتطورة خصوصا غير ذات الطابع الدولي وما يشكله التداخل الكبير في تلك النزاعات من ضرورة التطبيق الفعلي للقانون سواء بين القوات النظامية والقوات المنشقة، او القوات المتحاربة داخل حدوج الدولة الواحدة، وقد ازداد التعقيد مع تطور هذا النوع من النزاعات في التكييف القانوني من خلال ظهور نزاع مستحدث يطلق عليه بالنزاع الهجين او النزاع المسلح المدول وهو يمثل تركيبة معقدة وصعبة للتكييف القانوني، خصوصا مع وجود اساس له في النزاع المسلح الداخلي، وتطوره بالاتجاه الدولي حين تدعم اطراف خارجية هذا النوع من النزاع، وتغذيه على حساب الطرف الاخر، وداخل حدود الدولة، ما اوجد تساؤل فقهي وممارسات قضائية حاولت تكييف النزاع المسلح المدول وفق قواعد القانون الدولي الانساني وبيانه بالشكل الذي يميزه عن النوعين التقليديين من النزاعات المعروفة ولذلك فانه يمثل تحديا جديدا يضاف للتحديات الاخرى .
فضلا عن ذلك فان التطور المتلاحق في استخدام الاسلحة المتطورة، والحرب السيبرانية والتكنلوجية الخاصة بالدول ومدى قدرتها على المواجهة غير المباشرة، واستخدام التقنيات الحديثة، جعل من هذا التطور تحديا جديا يضاف لتلك الاتفاقيات وتطويرها، التي لابد ان يكون لها دور في تحديد مستويات، ونتائج واثار تلك النزاعات من خلال حماية الحقوق والواجبات، وخصوصا ان تلك النزاعات الالكترونية تمثل جانبا جديدا لم يكن معروفا حين تم وضع تلك القواعد .
فضلا عن ذلك، الانتهاكات الخاصة بحقوق الانسان والتي تمثل جانبا اساسيا من جوانب النزاعات وهي ميدان رحب لتلك الانتهاكات، ولذلك تمثل اتفاقية جنيف الرابعة الأساس او الاطار القانوني، لحماية ضحايا المدنيين اثناء تلك النزاعات، وخصوصا النساء والاطفال كونهم الطرف الضعيف تلك المعادلة وهم الاكثر تضررا من ذلك النزاعات وخصوصا ان الكثير من الانتهاكات رافقت نزاعات دولية او غير ذات طابع دولي ما استدعى قيام محكم دولية خاصة في يوغسلافيا وراوندا، عالجت وبينت موقف المجتمع الدولي من تلك الانتهاكات البشعة والخطيرة والتي كانت سابقة على تشكيل المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الاساس لعام 1998 والتي تأسست عام 2


القانون الدولي الانساني- اتفاقيات جنيف الاربع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع