مدونة محمد كريم الساعدي


فلسطين والمسرح رؤية في خطابات ما بعد الاستعمار / الجزء الثاني

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


11/21/2024 القراءات: 43  


لم يقتصر الخطاب المسرحي النقيض في سوريا ومصر ، بل انتقل أيضاً للمسرح الفلسطيني وقضيته الفلسطينية ودوره أيضاً في مجابهة الخطاب اليهودي ومخططاته المستندة إلى خطاب الغرب الاستعماري ولاسيما في مسألة تهويد القدس والأراضي العربية المحتلة ، إذ قدمت ضمن مسرحيات المقاومة ، مسرحية (الباب) للمؤلف المسرحي (غسان كنفاني) ، وكانت قصتها تدور حول المقاومة ومجابهة الموت بدلاً من الدعوة إلى الخضوع والخنوع والاستكانة للمحتل(ينظر : البشتاوي ، يحيى : توظيف التراث في المسرح العربي ، ص102) .كما أن القضية الفلسطينية كانت محور عدد من المسرحيات العربية التي حاول الكاتب العربي تسليط الضوء عليها لكونها جزءاً من مخطط ثقافي غربي يريد تفكيك المنطقة العربية من خلال إيجاد كيان دائم لهذا النفوذ الثقافي الذي اتخذ من الدين اليهودي مصدراً لأفكاره ، حيث قدم (عبد الرحمن الشرقاوي) مسرحية (وطني عكا) التي يخاطب بها أهل فلسطين لمقاومة المحتل بدلاً من الاعتماد على الآخرين في استرداد الأرض ، والمسرحية مكونة من خمسة عشر مشهداً حبكتها الرئيسة تدور حول موضوعة النفع الخاص ، ولكن بتقدم الأحداث تتكشف عدم جدوى الاعتماد على الآخرين في إيجاد حلول للقضية الفلسطينية (ينظر : فتحي ، كرامي : القدس في المسرح العربي ،ص67).
كما صاغ (سعد الله ونوس) هذه القضية في مسرحية (حفلة سمر من اجل (5) حزيران) وتناول هزيمة يونيو 1967 ، محاولاً منه استخدام المسرح في إدانة السلطات العربية التي أسهمت في إضاعة الأرض والانسياق وراء مبررات ومسوغات تدخل في إطار تشويه حقائق الشعوب العربية ومن أهم هذه المبررات هي (تفرقة) بين أبناء الأمة والابتعاد عن هدفها المشروع ، واستخدام (ونوس) في مسرحيته أسلوب الكتابة التحريضية في مواجهة الأحداث العنيفة التي هزت الساحة الثقافية العربية وكشف عن طريق التهكم الذي يبتدئ به عنوان مسرحيته ، لنسف العقائد السياسية المطروحة على الساحة العربية (ينظر : محمود ، فاطمة موسى : ، ص1809). كذلك توسعت اهتمامات كتّاب المسرح العربي في خطابهم النقيض بأكثر من قضية ، حيث تناولوا قضايا الأستعمار الفرنسي للمغرب العربي ، وقدمت مسرحيات نادت بمقاومة الاستعمار وعلى أثرها أغلقت المسارح في المغرب بعد أن أدت الانفعالات الجماهيرية إلى حدوث إضرابات سياسية ، على أثرها صدر مرسوم في مايو 1930 في هذا الشأن ، ومن هذه المسرحيات المقاومة للاستعمار مسرحية (انتصار البرابرة) لـ محمد الزغاري ومسرحية (انتصار الحق بالباطل) لـ (عبد الخالق الطريس) (ينظر : محمود ، فاطمة موسى ، ص1571)..
وفي (الجزائر) التي خضعت للاحتلال الفرنسي ، وقدمت العديد من التضحيات في سبيل التحرر والاستقلال ،حيث وظف المسرح الجزائري لخدمة هذا الغرض ، ومناهضة التركة الثقافية الاستعمارية التي خلفتها فرنسا في هذا البلد العربي ، فقد استلهم المؤلف الجزائري (كاتب ياسين 1929 -1989) "مسرحياته من بطولات مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي وكفاحهم ضد المشاكل الداخلية بالبلاد ، عُرضت أولى مسرحياته (دائرة الانتقام) (1958) ببروكسل بسبب الموقف السياسي في فرنسا وفي (1967) نشرت له ثلاثية بعنوان (دائرة الانتقام) (...) بصفة عامة تصور مسرحياته المذابح والفضائح التي ارتكبها الجيش الفرنسي" (محمود ، فاطمة موسى ، ص1831) بحق أبناء وطنه.


فلسطين ، المسرح ، الاستعمار


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع