القبيلة والتعليم في اليمن
أحمد عبده علي البحيري | Ahmed Abdo Ali Al-Baheri
7/16/2020 القراءات: 2444
القبيلة ..والتعليم
احمد البحيري
---------------------------------
تتحدد نظرة القبيلة _كبنية اجتماعية_للتعليم بطبيعة العوامل الثقافية التي تحكم تصرفاتها ، من عادات، وتقاليد ،واعراف، واخلاق ،وبطبيعة الظروف السياسية والاقتصادية التي تعيشها ،و كذا بطبيعة علاقتها بالنظام السياسي القائم .
يمكن القول إن التعليم في أي مجتمع هو تابع لثقافة المجتمع، و وسيلة لتطويرها. وتعد "ثقافة القبيلة اليمنية" التي تتسم بالمراوحة بين "الجمود" و "المحافظة "من أهم العوامل التي تحدد طبيعة نظرتها للتعليم وتفاعلها معه. فقد اثبتت بعض الدراسات (١) ان الواقع الاجتماعي القبلي السائد في اليمن لا يبدي اهتماما بالتعليم خصوصا تعليم البنات ، وترجع الدراسات ذلك الى تسيد بعض العادات ،والتقاليد ،و الاعراف القبلية التي تمثل سياج حاجز يمنع وصول الخدمات التعليمية الى ابناء القبيلة خشية تمردهم و يعيق ابناء القبيلة من الوصول الى التعليم خصوصا البنات .
ففي المحافظات القبلية، كعمران، والجوف ، وصعدة ،وحجة ، ..يمثل الزواج المبكر للإناث ، وعدم توفر معلمات اناث خاصة في المراحل المتقدمة من التعليم الاساسي والثانوي ،و نمط " التعليم المختلط "اضافة الى عوامل اخرى عوائق تمنع الفتيات من الالتحاق بالتعليم ،او الاستمرار فيه. كما تعمل ظاهرة الثأر و الحروب القبلية على عسكرة الحياة العامة للقبيلة ما يحول ابناءها الذكور الى جنود مدججين بالسلاح للدفاع عنها ، او تحميلهم تبعات تلك الحروب والثارات ما يقلص فرص التحاقهم بالتعليم .
تقول التقارير التربوية الرسمية بان محافظة: حجة ،الجوف صعدة ، عمران ،اقل المحافظات اليمنية التحاقا بالتعليم ،حيث وصل متوسط الالتحاق بالتعليم الاساسي في هذه المحافظات ٢٠١٣م الى اقل من٦٠ ٪ وهي نسبة منخفضة كثيرا مقارنة بالمحافظات الاخرى ،و مع ذلك فان هذا الرقم يعكس تفاوتا بين هذه المحافظات وبين مديرات كل محافظة على حده، و بين الذكور والاناث ،حيث تتقلص نسبة الالتحاق وتزيد فجوة النوع بين الذكور والاناث ،وتضعف الخدمات التعليمية كلما كان الطابع القبلي اكثر تجذرا وتغلغلا في الحياة العامة في المحافظة ،اوكلما اقتربنا اكثر من مركز القبيلة داخل المحافظة الواحدة .
هذه العوامل الداخلية التي حددت نظرة القبيلة للتعليم وحكمت ممارساتها تجاهه لا يمكن فصلها عن السياق العام الذي تعيشه القبيلة ،وعلاقتها بالسلطة السياسية تحديدا ، فمن المؤكد ان نظام "صالح " عمل احياء القبيلة فمكن مشايخها من المال والسلاح والمناصب السياسية على حساب ابناء القبيلة الذين حولتهم سياساته الى قطيع يستطع تحريكهم لصالحه مثلما يشاء ..
فالدور الذي لعبته القبيلة تجاه التعليم لم يكن خارج ارادة السلطة الحاكمة او علمها ،انما كان تحت رعايتها واشرافها ، ففي اغلب المناطق القبلية تحولت المدرسة الى ملكية خاصة بالشيخ فهو من يديرها او يرشح احد اقاربه لتولي منصب تربوي حساس في المديرية او المحافظة على حساب معايير الكفاءة والمهنية .ليس هذا فحسب بل ان شيخ القبيلة تحول الى ثقب الاوزون الذي التهم الموارد المحلية والدعم المركزي والخارجي المخصصة للمشاريع التنموية .
هذا بالتأكيد لا ينفي بعض الادوار الايجابية التي لعبتها القبيلة في مراحل سياسية مختلفة كالإسهام في بناء المدارس في السبعينيات وتوفير السكن والاقامة للمعلمين الاجانب الا اننا عندما نقارنها بما سبق فهي ادور محدود ولا تخلوا من الممارسات السلبية التي رافقتها .
القبيلة - التعليم - الامية - ثقافة المجتمع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة