مدونة د.جعفر عايد دسه


الإسلام دين يحارب الإرهاب

د.جعفر عايد دسه | dr. jafer A dassha


9/16/2020 القراءات: 4211  


الإسلام يحارب الإرهاب
د. جعفر عايد دسه
صور الإفزاع والتخويف كثيرة ، وعلى مر العصور والأزمان ، وفي كل الأماكن ، وعبر الكثير من الأشخاص ، المصطلحات مختلفة ، ولكن في النهاية نرجع بها إلى مصطلح أصبح اليوم ساطعا، وكأنه متأصلٌ لدى طائفة أو ملة واحدة فقط ، وكأن الآخرين أبرياءٌ منه ألا وهو الإرهاب .
فالإرهاب خطرٌ على الأمة وعلى العالم ؛ ولكن هل الإرهاب يتمركز في منطقة دون أخرى أم توصف به ديانة دون غيرها .
ولذا فالإرهاب صفة دخيلة على الأمة الإسلامية عُمل على وصفها بهذه الصفة تحريضاً وطعناً في الدين ، وكأن القرآن والسنة تؤصلان لهذا الفكر ، وللأسف تماشى معه من يسعون لذلك ، فئة من أبناء الإسلام والعروبة الذين يحاولون أن يُلصقوا هذه الصفة بالإسلام مع أن الإسلامَ برئٌ من ذلك .
فقد ورد في القرآن الكريم الكثير من المواقف التي تُدلل على إرهاب أقوام وأمم سابقة لنزوله ، فمثلا إرهاب فرعون للسحرة الذين آمنوا بموسى _عليه السلام_ بقوله تعالى : {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى }طه71 ، وأيضاً إرهاب المؤمنين في قصة الأخدود ،قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }البروج10
والإسلام لم يدعُ للقتل ولا للتخريب ولا للإساءة إلى الآخرين وإنما يدعو للإحسان والجدال بالتي هي أحسن ، و يدعو للعدل والرأفة بالآخرين ،وقد حارب الإسلام الإرهاب والتخويف والإيذاء ومنه قوله تعالى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً }المائدة32. فالإسلام حرم ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، وقال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }الأعراف33. وشنع الإسلام في الذين يؤذون الناس ، قال تعالى : {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ }البقرة205. فمن هو المفسد ومن هو الإرهابي ومن هو الذي يفزع الناس ومن هو الذي يخوفهم.
ومن يفعل ذلك ليس من الإسلام في شيء ، وعليه يجب أن يُعيد حساباته وأن يراجع نفسه ويحاسبها ، فالفقه ليس في التشديد وإنما الفقه في التيسير .
وجلب الناس إلى ما يفهمه هؤلاء من دمار وهلاك ، ليس من أساليب الدعوة ، ولنعلم أن الإسلام انتشر في بقاع الأرض بالتعامل الحسن وطيب الكلام والسماحة في البيع والشراء ، وغير ذلك من أمور او افكار سمحة مبنية على الأخلاق .
إنﱠ الكيدَ للإسلام وترهيب الناس من الدين من خلال تزيف الحقائق الإيمانية من خلال الانقياد وراء الأفكار التطرفية ، والغلو والتشدد من قبل بعض أفراد المجتمع المسلم الذين يُغَذون من خلال مفكرين أو اصحاب أقلام مسمومة تبرر الباطل ويعملون على يشويه صورة الإسلام من خلال كتابات أو أفعال قبيحة يظنوا أنهم بذلك يطبقون الإسلام بفهمهم الخاطئ .
ولم تشهد البشرية أمناً وسلاماً وعدلاً إلا في المجتمعات الإسلامية على مدار التاريخ، والذي يحاول أن يزج السياسة في الفقه، فهو واهم لأنﱠ السياسة فن الكذب ، والإسلام في الفقه والأحكام الشرعية يحارب الكذب .
الإسلام يحذر دوماً من الغلو والتطرف ويحث الناس على أخذ الحيطة والحذر من الانقياد وراء الأفكار التي تروج على أنها من الإسلام، والإسلام منها بريء، فالتطرف لا يكون إلا من شخص مأزوم نفسياً ، أو عنده طمع دنيوي ، أو انتقام شخصي ، أو حسد بغيض . وحذر الإسلام ممن استهواه الشيطان وأخذ وانجر خلف مصطلح التخريب والتكفير ويظن في نفسه أنه يحسن صنعاً من أجل الإسلام. فالسلوكيات الخاطئة والأقوال التي لا تستند الى دليل صريح وصحيح ، فلتلقى ويضرب بها عرض الحائط ، ولا بُدﱠ من المراجعات الفقهية والعمل على تصويب بعض الآراء التي أدت بفهمها الى الإساءة لهذا الدين بقصد أو بغير قصد ، والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان ، ولكن ضمن الأصول الشرعية المعتبرة ، فتجديد الفقه لهذا العصر من الضروريات التي على علماء الأمة العمل عليه .


الإسلام، الإرهاب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع