مدونة يحيى أحمد المرهبي


غربة اللغة العربية بين أبنائها

يحيى أحمد المرهبي | Yahya ahmed almerhbi


12/23/2021 القراءات: 1630  


غربة اللغة العربية بين أبنائها...

د. يحيى أحمد المرهبي

الذين يعملون في التربية والتعليم، أو التعليم العالي يدركون ما أرمي إليه، وما أقصده بغربة اللغة العربية بين أبنائها وأجيالها المعاصرة والمستقبلية.

فاللغة كوعاء للفكر وكأداة للتواصل، أصابها التآكل في أغلب إن لم يكن كل مهاراتها، قراءة وكتابة وتعبيرا وإملاء وخطاً، وهذا أمر يُشعر المرء بالمرارة والأسى والأسف.

أبناء اللغة العربية الذين درسوها على مدى إثنى عشر عاماً (المرحلة الأساسية والثانوية) لا يستطيعون التكلم بها بشكل صحيح، ناهيك عن الكلام بها بشكل فصيح، ولا يتقنون خطها وإملاءها بشكل سليم، فخطوطهم لا تقرأ، وأخطاؤهم الاملائية فاحشة لا يمكن السكوت عنها، أما التعبير بها قولا أو كتابة فهي مما لا يوصف ولا يعبر عنه، لكونه قد فاق ما يقال. وما يقال عن خريجي الثانوية يقال عن ما بعدها (الجامعية)، ولا يمكن استبعاد حتى خريجي أقسام اللغة العربية في الجامعات إلا ما ندر منهم.

هذا الاغتيال المسكوت عنه، والوأد المتغافل عنه، ليس في صالح اللغة العربية ولا في صالح الهوية العربية الجامعة، وله ما بعده من الانتكاسات، التي تبدأ باللغة لتتبعها بقية المجالات.

هناك اهتمام بالغ بلغات أخرى على حساب اللغة العربية، بل ويأخذ من رصيدها، ويحصرها في حيز ضيق كلغة مرتبطة بدين ولا تمت للعلم والحضارة والمعاصرة بصلة، ويتم ذلك من خلال تشجيع تعلم اللغات الأخرى، ودعم هذا التوجه، وافتتاح معاهد لتعلمها، بل وسعي بعض المدارس الخاصة للتعليم بها، منذ الصفوف الأولى للسلم التعليمي، على الرغم مما في ذلك من خطورة على اللغة الأم للطالب وإفراغ لهويته، ونحن هنا لا نرفض تعلم اللغات الأخرى، ولكن شريطة ألا تكون على حساب اللغة العربية، ولا سحبا من رصيدها، وأن يتم السعي أولا للتمكن من اللغة العربية، ثم بعد ذلك لا حرج من تعلم لغات أخرى، أما أن يتقن الطالب اللغة الأجنبية قبل لغته العربية فهنا تكمن المشكلة.

أعتقد أن غربة اللغة العربية في هذا الزمان عائدٌ إلى غربة الأمة الحضارية، وغربة الدين الذي تحمله، فقوة اللغة من قوة من يحملها، ورقيها من رقي حملتها، وتطورها من تطورهم.

ليس أمامنا كحراس على أبواب التربية والتعليم، كمعلمين وأساتذة جامعات، ويأتي في مقدمة أولئك معلمي وأساتذة اللغة العربية، أقول ليس أمام الجميع إلا أن يتحملوا المسؤولية التاريخية تجاه لغتهم، من خلال إصلاح المعوج من اللغة في أبنائهم وطلابهم في المدارس والجامعات.

سيبقى الحب الخالد للغة العربية، هو التمكين لها لتصبح لغة حياة، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى واتساع، وسيبقى التغني بالعربية شعرا ونثرا، هو العمل على تحويلها إلى خط جميل وإملاء سليم وتعبير فصيح وقراءة طليقة، أما غير ذلك فيعني أننا نغني على غير (ليلانا) ونسلم على غير (ضيفنا) ونتوجه إلى غير (قبلتنا) .

#اليوم العالمي للغة العربية.


اللغة العربية، اليوم العالمي.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


شكرا جزيلا على المقال القيم ، لكنني لا أشاطركم فكرة تعميم الحكم ( أن أبناء العربية لا يستطيعون التكلم بها بشكل صحيح و لا فصيح ...) لأن : مادامت هناك قدرات لدى المتعلمين وفوارق فردية ، فنسبة منهم يتخرجون و أرصدتهم اللغوية و كفاءاتهم عالية في التحدث بالفصحى.