بقوة القانون تنهض الأمم...
الهادي النحوي | Elhadi ennahoui
9/20/2021 القراءات: 3404
هناك علاقة طردية بين موقع الأمم من الحضارة وموقع القانون في حياة الأمم، فكلما ارتفع القانون كلما ارتفعت معه الأمة التي تخضع له، وكلما علا شعب أو بعض أبنائه على جسد القانون واستباحوه كلما كان موقعهم من الحضارة موقع القانون الذي داسوا بحوافر أقدامهم!
تذكرت هذه المسلمة التي ربانا عليها ديننا الحنيف حين حكم بسواسية الناس أمام ما ينظم لهم حياتهم من مواثيق وعهود، وشدد على كل محاولات التمييز وحارب كل مفاهيم الطبقية ونعتها بالجاهلية.. تذكرتها وأنا أقرأ خبر فشل إمرأة بريطانية للمرة الألف في الحصول على رخصة السياقة! نعم رخصة سياقة وليست رخصة الصيد البحري ولا التنقيب عن الذهب ولا أي معدن آخر مما يمنح لنافذين ووجهاء في هذه البلاد كما تمنح الفتاة للشاب الإفريقي الذي يستيقظ على والده ليخبره بخبر تزويجه إياها له!
حمل خبر فشل هذه المرأة للمرة الألف في الحصول على رخصة السياقة ألف عبرة وعبرة، ولو كنا نجهل كل أخبار بلدها لكفى هذا الخبر ليعلم العقلاء منه أنه بلد متقدم، ولا مكان فيه لكل نفايات الأفكار المدمرة للأوطان كالوساطة والرشوة والسمسرة بالأوراق الشخصية... ولكي نلمس بعض العبرة فلنتوقع أن المرأة من أبناء هذه البلاد فماذا سيكون مصيرها وهي تحاول الحصول على البطاقة الحمراء؟
فهل ستأتيها في بيتها كما حدث مع أمثالي قبل أكثر من عشر سنين؟
أم سيأخذ سمسار ما ملفها ليكفيها مؤونة التعب المادي والمعنوي، فتستيقظ صباح يوم على صوته غير الرخيم وعباراته المفعمة بروح التلاعب والطمع ليقول لها:
رخصتك معي وسآتيك بها!
أم ستخوض الامتحان ثم تتصل على نافذ ما، ليتصل هو الآخر على وكيله في خلية التزوير المعنونة ب"التسهيل"، فيقول له عليك بفلانة فقد خاضت الامتحان ولكنها كما تعلم ينتابها خوف كسائر النساء لعل من أجرى الامتحان لا ينتبه لذلك... فيطبع اسمها وهي نائمة على واجهة رخصة ليس لها من المؤهلات لها سوى اتصال من قريب نافذ!
أم أنها ستعبر الجسر بإرسال ابتسامة هنا وهناك أمام حضرة المدير خاضعة له بالقول، مبدية من زينتها شاهرة من معالم أنوثتها ما يجعل المدير "لمروءته" يشير بكتب اسمها على واجهة الرخصة.
أم أنها ستذهب للبحث في محيطها عن من يعرف أحد المسؤولين في الإدارة المعنية، وستظل كل سنة تتابع أخبار من تم تعيينهم في تلك الإدارة عسى تأتي رياح التعيينات بفرد من ذوي القربى أو المعرفة ليتم لها الأمر وتظفر بالمطلوب فور دخولها عليه وتقديم نفسها ب:
أنا فلانة بنت فلان من القبيلة أو الجهة كذا!!
فكل هذه الطرق المألوفة في وطننا هي أقرب إلى خناجر مسمومة اعتاد أغلب أبناء هذا الوطن أن يأخذ أحدها كلما احتاج خدمة.
طبعا لم تلجأ هذه المرأة رغم تكرار التجربة وبساطة ما تريد -في نظر بعضنا- وطول الفترة إلى أي من هذه الطرق ولا إلى حتى الرشوة، لأنها ببساطة تربت في عقلها الباطني على القناعة التامة بوجود وطن نقي من كل هذه العاهات، فلم تُلجئها الحاجة إلا إلى تكرار التجربة بعد الأخرى، ولم يلجأ أي ممن امتحنوها أن يفكر في منحها ما لا تستحق، فهم ببساطة يحمونها من نفسها ويحمون الآخر منها..
فليتنا ونحن من أكرمنا الله بالإسلام أخذنا العبرة فنتدارك ما فاتنا من إسلام المعاملات قبل أن يصير حالنا في تلك كحالنا في هذه وما فرطنا فيه من حق في أنفسنا ووطننا حتى سار عنا ركب الحضارة.
أصلح الله حالنا وحال وطننا، وعجل بالفرج عن أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
سر نهضة الأمم...
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع