فوائد أصولية ومقاصدية من الآيات القرآنية (22)
الأستاذ الدكتور ياسر طرشاني | Prof. Dr. Yasser Tarshany
8/5/2023 القراءات: 1674
فوائد أصولية ومقاصدية من الآيات القرآنية (22) قال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [البقرة: 127] أهمية وضع القواعد قبل الفروع، وتثبيت الأصول قبل الفروع، وهذا كان من عمل سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام التيسير من الله، طلب سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل من الله أن ييسر أمورهم ويتقبل أعمالهم. المسلم يسأل الله القبول بعد كل عمل ويتذكر هذا الدعاء " رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" اليقين لا يزول بالشك، فالله هو الوحيد الميسر لكل عسير، والمنجي من كل كرب وهم وحزن. حاجة المسلم أن يكثر من العمل الصالح مع الدعاء بالقبول ، مثلا كما بالأثر: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني. أسأل الله القبول لضمان الوصول إلى حب الله والرسول { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] الفعل الصحيح ليس شرطا أن يكون مقبولا، ولذا على العبد أن يسأل الله القبول بعد العمل الصالح. يمكن الحكم على الشيء بالصحة، ولا يحكم بالقبول إلا الله، فيمكن أن تكون هذه الصلاة صحيحة لتوفر شروطها وأسبابها وانتفاء موانعها، ولا يمكن الحكم بأنها مقبولة فهو في علم الله. ختام الآية باسمه السميع العليم فهو مناسب للقبول، فالله يسمع أقوالنا ويعلم أحوالنا. اسمه العليم فيه إشارة لمقصد علم الله بمقاصد المكلف ونياته ، ولا بد من موافقة قصد المكلف لمقصد الشارع ليتحقق القبول المنشود. · في الآية شرع من قبلنا وهو شرع لنا من دعاء سيدنا إبراهيم وإسماعيل لأنه لا يوجد نص شرعي مانع من الاقتداء بهما · المسلم ينشغل بالعمل الصالح ثم يخاف ألا يقبله الله فيكثر من الدعاء {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } [المؤمنون: 60]. · القياس في الدعاء، فقد كان النبيان يقومان ببناء بيت الله الحرام وهما يدعوان الله تعالى بالقبول، ويقاس عليه أي عمل صالح ندعو الله بقبوله. · تهنئة العيد يقول المسلم تقبل الله منا ومنكم وهي مرتبطة بمجموعة من الشعائر التعبدية سواء في عيد الفطر أو عيد الأضحى. · الدعاء فيه سد ذرائع العجب والغرور بعد العمل، فقد قاما ببناء بيت الله الحرام وهو عمل عظيم ولكنهما انشغلا بدعاء الله بالقبول وهم العمل الأهم. · الدعاء الجماعي مقصود شرعا، فقد جاءت صيغة الدعاء بصيغة الجمع فلن يقل كل منهما : "تقبل مني" بل قالا:" تقبل منا" · العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلو كان للدعاء نزول خاص فيمكن الاستفادة منه في عموم لفظه. · أهمية فروض الكفاية فقد قام سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل بعمل مهم للأمة كلها وهو بناء بيت الله الحرام وليس لبناء بيت شخصي لهما، وهذا يدل على أهمية إحياء فروض الكفاية النافعة لأكبر عدد من الأمة. · توحيد المقصد في بناء الكعبة مهم للأمة وجميع المصلين يتجهون لمقصد وقبلة واحدة في صلاتهم، ولذا يستفاد في المؤسسات تحديد المقاصد أو من إنشائها وإعلان ريتها ورسالتها وأهدافها ليتعاون الجميع على تنفيذها وتحقيق مقاصد واضحة مشتركة. · مقصد حفظ الدين واضح في بناء بيت الله الحرام للأمة كلها. · الشريعة لا تعتبر من المقاصد إلا ما كانت متعلقا بغرض صحيح، فالدعاء بالقبول يكون بعد العمل الصالح. · البناء على المقاصد الأصلية يجعل الوسائل عبادات، فسؤال الله القبول لا يقتصر فقط بعد الصلاة أو الصيام وإنما بعد كل وسيلة مشروعة لتحقيق مقصد شرعي. · لا ثواب إلا بنية، الثواب من الله على حسب حسن نية العبد، ولا يعلم النيات إلا الله. · غلبة الظن كاليقين، فالمسلم يدعو الله بالقبول وهو يحسن الظن بالله. اسأل نفسك: • هل تحرص على أن تسأل الله قبول عملكم؟ التوصية: • الحرص على الإكثار من العمل الصالح وسؤال الله القبول. • نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم... اللهم آمين آمين آمين.
القرآن الكريم، مقاصد الشريعة، أصول الفقه، التفسير الأصولي المقاصدي.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
تحية و بعد : شكرا على هذه الكلمات النافعة و ما أحوجنا الى حصد ثمار درس كتابنا المنزل شكرا
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة