الهجرة من الأدب إلى الأدب
د. ريمه عبدالإله الخاني | D. RIMA ABDULILAH ALKHANI
4/15/2020 القراءات: 4833 الملف المرفق
د. عبد الإله الخاني. كمحل آيل للتصفية، وجرد البضائع، أمضي في طريقي بإصرار، فقرارك في هجران بعض أمورك إرهاصات لبدايات جديدة مختلفة تماما، بعيدا عن أحلام دون كيشوت، التي دامت دامت عشرون سنة محبطة فزماننا ليس زمان القيم والمثل العليا الواضحة، بقدر ما يحتاج لبراعة في تقديمها ولمعان في حماية الأفكار، وسباق المحموم في حلبات التواجد الطاغي والتجاري، التجارة المسكوبة في مسرحية فكرية، غاية في التحضر السفوري، ولو كنت سارقا للأفكار، المهم أن تسبق الجميع. أن تتقن تسويق نفسك، هو أول مايجب أن تملكه، قبل أن تملك أفكارك العظيمة، وعندما تجد أياديك قصيرة نحو ذلك، فانصرف فورا لمنحى آخر تثبت فيه نفسك بطريقة مغايرة، لا أن تبقى على الباب منتظرا، عليك البحث عن عائض لزمن اتفلت منك بلا ثمرة كبيرة ناضجة تفرحك. في طريق اللاعودة للأدب، تتجرد من بضائع انتهت مدة صلاحيتها، ترمي مالا نفع منه ، تستدرك ماتبقى من عمرك وتتحول بملئ إرادتك لعالم استهلاكي خالص، تحافظ على ماتبقى من ذاتك لئلا تفقدها، ولكن عليك أن تتقن اللعبة جيدا قبل ولوج الحلبة الجديدة. ************ لقد قالها أمير تاج السر منذ عدة أعوام: -الأدب التجاري هو الذي يحتل قائمة الأعلى مبيعا في العادة، في جميع الأماكن، لما يحتويه من بساطة في الفكرة والكتابة، وأدوات التعبير التي يفهمها المراهقون وكبار السن على حد سواء، وأيضا لما يحتويه من غراء لاصق وبهارات تزين الخلطة، وطبعا لا بد من جنس كثير، وإثارة، وخروج عن المعتقدات، وإيحاءات ليست بريئة بأي حال من الأحوال. هذا لاينفي أن هناك انحسار في التعاون بين الأدباء نفسهم إلى حد ما، لأنهم صيادي أفكار غالبا وعليه، فكل شيء بات كبضاعة تباع وتشرى إلا مارحم ربي، فقد نادى براد شيرمان وليونيل بنتلي، في كتابهما: الملكية الفكرية ومفهومها المعاصر،دراسة كمبردج في حقوق الملكية، وهنا لايعفون أحدا عالميا من سرقة الأفكار أبدا، وكانت دعوة الحزم في أمر الملكية الفكرية، التي مازلت غير منضبطة بحال، وعليه فيجب أن يكون هناك علامة تجارية للأعمال الأدبية المبدعة، أسوة بالإنجازات الأخرى المبتكرة، وعلامة أدبية للمثابرة والعطاء، إن الملكية الأدبية لم تتمكن من حصر الملكية المعنوية في المستندات، وهذا مايدعى حقوق النشر، والتي مازالت محل شك وريبة. لقد ظهر الإبداع حاليا بشكل مخفي جديد، وانتقاله من التعبيري للوصفي، حيث كان من متطلبات الأصالة، وعدم البداهة، حيث كان على طالبي التسجيل، إثباتها بالفعل، وأن أعمالهم المعنية إبداعية حقيقية، بصرف النظر عن أن قانون الملكية الحديث، باتت تخشى من نوعية إبداع معين، والحكم عليه، مما أدرى لتورط في فعاليات خاصة. الأدب ملون على معظم بلون الهجرة وأنواعها، أما مهجر الأدب، فهو عالم جديد يلجا إليه يتامى الأدب الرفيع، ليدخلوا بكلمتهم عالما خاصا لهم وحدهم، لايسمعون فيه نقيق الضفادع الانتهازية ليتملكون عالما مجديا ومثمرا أكثر، عالم خفي لايعلمه سواهم.... لقد قالها الدكتور اسماعيل مهنانة، وهو يفند أدب المهجر العربي، حتى غدا الأدب كله هجرة، منذ لقد امتدّت فكرة الهجرة والترحال في الأدب العربي منذ القدم حتى «أدب الرحلة» علامة مُميّزة للأدب العربي القديم منذ العصر الأموي، وهو أدب أنثروبولوجي بالمعنى الحديث للكلمة، حيث كان ظهوره مرافقاً لامتداد الفضاء الإمبراطوري الإسلامي، كما سيكون الفضاء الإمبراطوري الحديث شرطاً لظهور الكثير من الأنساق المعرفية كالأنثروبولوجيا والإتنولوجيا والاستشراق. إنه السياق التاريخي نفسه الذي مكننا أن نقرأ فيها رحلات «ابن بطوطة» والحسن بن فضلان ، وحسن الوزّان (ليون الإفريقي) بالأدوات المعرفية المعاصرة. وإذا كانت الهجرة والرحلة علامة قوّة وهيمنة في العصر الإسلامي الأول، فإنها أصبحت علامة ضعف وأزمة إنسانية وتاريخية في العصر الحديث، حيث صارت الهجرة قسرية وجماعية وهروباً من الحروب والتشتت والاستعمار، لقد ظهر «أدب المهجر» بداية القرن العشرين نتيجة التهجير الجماعي الذي تعرّضت له أقليّات دينية وثقافية عربية، حيث هاجر الكثير من الكتّاب إلى روسيا والدول الغربية ليخلّدوا تجاربهم في المنفى داخل أدب عربي. تقول شذى مصطفى: -إن الأعمال الأولى عن الهجرة، غلبت عليها صورة الضعيف المنبهر بالقوي، أو الغارق في المقارنات لحد السخرية، أو المنتقم من مستدمر ما زال يجثم على صدره. لكن الوضع تغير اليوم، وصار للأدباء صورة مسبقة عن الغرب بحكم وسائل الإعلام، التي خففت من وقع صدمة الاختلاف، وإن كانت هناك أزمات جديدة تطل برأسها تؤرقهم وتظهر في أعمالهم. كان قد أصدر عمر الشارني أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية وكذا جامعةClermont –Ferrand الفرنسية في عام 2011، كتابا بالفرنسية بعنوان: Figures de L’émigration dans la littérature arabe contemporaine : le moi assiégé. الهجرة في الأدب العربي المعاصر: الذات المحاصرة. وقد لفت نظري فيه عدة محاور تكلم عنها، وفندها سعيد بو خليطة منها: إذا كان تقليد خلق مؤسسات ثقافية، تهتم بالترجمة لا زال ضعيفا إن لم يكن منعدما في البلاد العربية من أجل التعريف بالثقافة العربية. مع العلم أن الرهان على المعرفة، يزداد حجمه يوما بعد يوم في عالمنا المعاصر. فإن الأمر يبقى داخل سياقنا الثقافي مقتصرا على كتابات واشتغالات ومبادرات فردية لمبدعين أخذوا على عاتقهم تقديم نماذج من تفكيرنا إلى الغرب.(بقية النص في المرفقات)
الهجرة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة