إنهم يتحدثون العربية ؟!! - ألسنتهم
د/فاطمة عبدالله | Dr. Fatma Abdallah
3/31/2021 القراءات: 1064
(بلسان عربي مبين)
جاء القرآن الكريم مُعجزا بلغته العربية العذبة، الجزلة، اليسيرة، البلغية التي ليس لأهلها ولا لأهل البلاغة أن يأتوا بمثله فكان هذا إعجاز النبي محمدا صلى الله عليه وسلم ولذا كان هذا القرآن معجزة ومُعجِزا في ذاته بلغته العربية الرصينة الجزلة الفريدة التراكبيب والعبارات والمعاني. فاللغة العربية هي أقدم لغة على وجه الأرض لأكثر من ألفي سنة وذلك برغم موت واندثار كثير من اللغات؛ إلا أنها ظلت حية نابضة بين أيدينا إلى اليوم بل ولها قوتها وسطوتها ووقعها وتميزها حتى أنك لتجد اليوم كبرى منابر الإعلام العالمية وقنواتهم الإخبارية الأجنبية تفتتح منابرا إخبارية لها باللغة العربية وتخصص قنوات كاملة باللغة العربية .
لا يخفى على القاصي والداني، والسامع والرائي أن لغة القرآن الكريم (اللغة العربية) هى من أميز اللغات على سطح الأرض لغة ثرية، فتية، أبية قوية تحمل آلاف المعاني والمفردات بعكس الإنجليزية التي لا تتعدى عدد كلماتها الربع مليون والفرنسية والألمانية وغيرها بينما تتجاوز مفردات وكلمات اللغة العربية ال 12 مليون ونصف كلمة وهذه ثروة لغوية بامتياز. وتتميز بثرائها وتشعبهاعن باقي لغات العالم بل هى أم تلك اللغات وقد اشتقت كل لغات العالم مفرادتها منها :
وهى أم لكل لغات العالم التى اقتبست منها لاحقا الأسبانية والألمانية والإنجليزية وهاكم بعض الأمثلة من الكلمات الإنجليزية (كوب,cup- jury شورى, cave كهف، hallo أهلا وهلا، الشريف, sheriff, نبيل , noble، أوسم awasoume , وسط waist , رسخ rest , وغيرها أرضearth حتى يرث الله الأرض ومن عليها فهي الأرض هي الأرث .
فاللغة العربية ثرية للغاية فتحتوى على كم هائل من المرادفات والمترادفات وتتعد فيها الأسماء فمثلا الأسد له 1500 اسم ودرجات الحب 12 درجة واسم. وقد اقتبست اللغة الفرنسية كلمات اللغة العربية وورد ذلك في كتاب جون بروفست بعنوان" أجدادنا العرب فضلهم على لغتنا الفرنسية"، وأيضا معجم الكاتب الجزائري الفرنكوني "معجم الكلمات الفرنسي من أصل عربي"، ومعجم المؤلف الجزائري عبد الرحمن بن عطية "الجذور العربية للغة الاتينية"، كما قام الطبيب البروفيسور العراقي مهند الفلوجي بعمل قاموس الفردوس (معجم إنجليزي–عربي) للكلمات الإنجليزية ذات الأصول العربية وعكف على إعداده لمدة 24 عام ورصد فيه أكثر من3000 جذر كلمة إنجليزية من أصل عربي تشكل 25 ألف كلمة من أصول عربية في اللغة الإنجليزية.
ذلك أن اللغة العربية تحتوى على 31 صوت وبهذا تأتي وسطا من ضمن عدد الأصوات لبقية اللغات (بين 18 و45 صوت فهناك علاقة حقيقية ووطيدة في اللغة العربية بين الأصوات والمعاني فهي ليست عفوية الكلمات التي تحتوي على علو في أصواتها تدل على رفعة المعنى والعكس بالعكس وأصوات اللغة العربية لم تتغير ولم تتبدل ولم يسقط منها أيّ صوت كما أنها تخرج من أطول مدرج صوتي عرفته الإنسانية، الجوف، فتخرج واضحة رقراقة براقة فتزداد بياناً وتخرج منسابة بصورة هينة لينة ونحرك الساكنين لنيسر النطق فتخرج الأصوات واضحة بعكس كثيرا من لغات العالم فهي لا ترتبط فقط بمخارج الحروف وإنما المعاني كما ذكرنا.
وتتميز اللغة العربية بموازين الصرف التي تميزها عن سائر اللغات فالصرف ميزان ذهبي وهو دال أيضا على معنى معين كما نجد في البلاغة بحورا شعرية وموازين للكلام تصل إلى ستة عشرا بحرا شعريا في علم نشأ كاملا لهذا يسمى بعلم العروض .ليس في دقتهم وحصرهم في اللغة العربية ما لأي لغة أخرى. ولنفهم تراكيب القرآن الرائعة الفريدة الجزلة المهيبة السهلة الممتنعة في ذاتها لابد لنا من الإلمام أيضا بعلوم النحو العربية: فالنحو قيمة إضافية يعيننا باستخدام الحركات على أن نقدم وأن نؤخر والنظام النحوي دقيق جدا في تحديد العلاقات بين الفعل والفاعل والتطابق التام بين المكتوب والمنطوق نحن نكتب ما ننطق وهذه سمة ليست إلا للعربية .
فالإنسان يولد بنظام لغوي جاهز فطر الله سبحانه وتعالى كل منا عليه هذا النظام هو نظام اللغة العربية. وتتسم اللغة العربية بالبيان وهي أقدم لغة موجودة وتستعمل كما هي الأن وتتطابق أصوات كلماتها مع معانيها كما أن الميزان الصرفي في اللغة العربية يميزها عن جميع اللغات، حيث تستطيع معرفة مضارع أي كلمة وماضيها دون الحاجة الى حفظ تصريف كل كلمة وهي لغة مرنة فضفاضة تسطيع أن تتجول فيها وفي دروبها لا تؤذيك وإنما تثريك فكان واصل ابن عطاء ألثغا في حرف الراء ومن نبوغه وبراعته كان يخطب في الناس خطبا مطولة دون استخدام حرف الراء وهذا من ثراءوجمال اللغة العربية.
وقد اختلف الناس عليها هل هي توقيفية علمها الله لآدم أم اصطلاحية وضعية اصطلح الناس عليها.
البعد عن اللغة العربية
وفي زمننا هذا ومنذ فترة للأسف أهمل كثيرون اليوم اللغة العربية وابتعدوا عنها وانبهروا بلغات الأخرين وأصبح كثيرون لا يعنون بها قدر استحقاقها وعنايتها، برغم كونها لغة القرآن وفي ذات الوقت لغتهم الأم فوجدنا تراجعا لاستخدامها بل وتحرفيا وتقولا عليها.
وفي وقتنا المعاصر بسبب المفاهيم المغلوطة تنحت اللغة العربية جانبا وظن البعض أن استبدالها باللغات الغريبة هو دربا من التحضر والرقي والحداثة لذا فقد بعد معظم الشباب عن اللغة وهنا نشير إلى أن الأمل مازال قائما معقودا في لغة فتية ثرية حيث كان للدكتور عبد الله الدنان تجربة فريدة بهذا الصدد مع أبنائه حيث أصر للتحدث مع ولده باللغة العربية الفصحى بالرغم من كونه أستاذا للغة الإنجليزية وإذا بالصبي يحدث طفرة لغوية هائلة منذ الصغر فليتنا كلنا نطبق مثل هذه التجارب الواعدة لتصدير نوابغ للمجتمع. ولكننا غرقنا في عجمة ألسنتنا.
فلابد لنا أن نفجر بهذه اللغة العظيمة أيما فخر ونعلمها لأولادنا فالسر كل السر يكمن في الغرس، الغرس في النفوس، في العقول، وفي القلوب، في أولادنا، أجيالنا، أنفسنا، قلوبنا، أرواحنا؛ أن نغرس أشجار المعرفة والإيمان لتطرح ثمار العلم واليقين فنجني النبوغ والفوز بإذن الله عز وجل
#فاطمة_عبدالله #موئليات
تدبر لغة قرآن علم لغة عربية فصحى الفصحى اللغة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة