العدد الرابع عشر مقالات
البيروقراطية وإشكالية التنمية في الدول النامية / مقالات
2/18/2022
أ. محمد التميمي
لا زالت البيروقراطية تقف عائقا أما التنمية، وبما أننا في مجتمعاتنا العربية انحرفنا نحو التوجه السلبي للبيروقراطية فما زلنا نعاني من مشكلة الوساطة والمحسوبية وبناء علاقات يشوبها التحيز دون النظر إلى الأشخاص من منظور إنساني، فبدلا من اتباع تسلسل هرمي من القمة إلى القاعدة أصبح الأمر معكوسا من القاعدة إلى القمة، الأمر الذي أدى إلى إضاعة الجهد والوقت بل وربما انعكس سلبيا على طبيعة علاقة الموظف مع أي شخص عادي، الأصل أن يكون هناك تعاطي والمساواة في تقديم الخدمات للجمهور بعيدا عن التحيز والمصالح.
مازالت أزمة التنمية في الدول النامية تواجه إشكالية تعاني منها، مايتعلق بطبيعة وتركيبة النظام السياسي، ومنها ما يتعلق بغياب السيادة وتبعية سياسية للغرب، ومنها ما يتعلق بـ البيروقراطية والجمود الإداري في المؤسسات ومنها ما يتعلق بطبيعة البيئة الثقافية للشعوب، ومنها ما يتعلق بمخاطر العولمة الاقتصادية على هذه الدول، ومنها ما يتعلق بغياب أولوية التنمية، فبعض هذه الدولة لا تستطيع تحقيق الأمن لشعبها بحيث بات يطلق عليها دول فاشلة. ولازالت هذه الدول النامية تعكس ثقافة الاستهلاك بعيدا عن الانتاج. إنّ الدافع الرئيس وراء الاهتمام بموضوع التنمية في الدول النامية هو الانتشار المذهل للفساد وسوء الإدارة في كثير من الدول وخاصة الدول النامية والفقيرة، وأشارت كثير من الدراسات التي قامت بها منظمات دولية وأكاديمية إلى أن السبب الرئيس لارتفاع معدلات البطالة والفقر وكذلك الهوة الآخذة بالاتساع بين الطبقات والشرائح الاجتماعية يعود بشكل كبير إلى انتشار الفساد في الأنظمة الحاكمة في تلك الدول. ويشير بعض المحللين إلى أن كثيرا من الدول الفقيرة تملك ثروات وموارد طبيعية وبشرية هائلة لم يحسن استغلالها وتوجيها، ولم تعطَ الفرصة الحقيقية لها خاصة الفئة الشابة في المشاركة ببناء الدولة أو المساهمة في عملية التنمية، وبالتالي أصبحنا نشاهد يوميا ظواهرا سلبية وحتى حزينة ومأساويه من موجات الهجرة الشبابية غير الشرعية في قوارب الموت التي تحمل الوفاة من الشباب وصغار السن الهاربين من الفقر والتعسف والظلم من دول عربية وأفريقية إلى شواطئ أوروبا، هذا ما يفسر أغلب ثورات الربيع العربي التي بدأت بالنقم على النظام وتحسين الوضع المعيشي وعلاج الفقر والبطالة كمطلب أساسي في التنمية.
يرادف الكثير من الأحيان مصطلح الحوكمة إلى جانب التنمية وبالرأي وجود تنمية يحقق حوكمة من حيث مفهوم الحوكمة هو أن هناك تعريفات متعددة للحوكمة تغطي بعضها جوانب معينة والبعض الآخر جوانب أخرى ويمكن تلخيص المفهوم بالعبارة التالية» الحكم الرشيد هو السعي لتحقيق الأهداف العامة للدولة مع الاحتفاظ بمصلحة المواطنين في كافة الأوقات و بالتوافق مع التشريعات والسياسات الحكومية والابتعاد عن المصالح الخاصة والفئوية“، ويعرفها البنك الدولي بأنها «مجموعة من المؤسسات والأنشطة والعمليات لممارسة السلطة وإشراك المواطنين في تصميم السياسات العامة وصنع القرار» وهذا يعني تحقيق الأهداف العامة للدولة أولوية من أولويات التنمية مثل الأمن والصحة والتعليم وغيرها.
إن وجود حكم رشيد أو حوكمة ينقل الدولة من المركزية إلى اللامركزية في اتخاذ القرار وهذا يشجع مبدأ المشاركة الجماهيرية في اتخاذ القرار وجود حوكمة يسهم في تحقيق التنمية من خلال القضاء على الفقر، إذن علاقة وثيقة بين التنمية والحكم الرشيد، وهذا ما يؤكد مقولة كوفي عنان سكرتير السابق للأمم المتحدة يقول «إن الحكم الرشيد هو العامل الأكثر أهمية للقضاء على الفقر ودعم عملية التنمية» وبالرغم من أن بعض الباحثين يبدون تحفظا حول هذا الأمر حيث يعتقدون أن العكس هو الصحيح وفي رأيهم أن التنمية والازدهار الاقتصادي هما اللذان يؤديان إلى تبني الحوكمة، إلا أن الامثلة التي يستخدمونها تعكس تجارب عدد محدود من الدول الآسيوية في الستينات والتسعينات من القرن الماضي التي لا تمثل غالبية الدول، وعلى سبيل المثال المقارنة بين وتيرة التنمية في الهند والصين! كما أنهم يستخدمون المعايير المادية في المقارنة ويتجاهلون معايير نوعية وأنسانيه أخرى لا تقل أهمية عن المعايير المادية.
لازالت الحوكمة والتنمية في الدول النامية تواجه معيقات تحول دون الوصول إلى استقرار سياسي أو اقتصادي يكمل دور التنمية منها:
1 البيروقراطية والجمود الإداري في المؤسسات التي من شأنها إطالة مدة تنفيذ المعاملات لدى المواطنين.
2 طبيعة الأنظمة السائدة ذات الطابع الديكتاتوري التي تمنع الأفراد من المشاركة السياسية.
3 الثقافة السائدة في المجتمع التي يغلب عليها الطابع القبلي دون مجاراة الحياة المعاصرة.
4 منظومة التعليم القائمة على سياسة التلقين دون إتاحة الفرصة إلى النقد والتحليل وغياب روح المبادرة.
5 غياب رؤية واضحة تتمثل في تحديد أولويات التنمية.
التوصيات والحلول:
1 تعزيز مشاركة الأفراد في الحياة السياسية واتخاذ القرار.
2 تحديد أولوية التنمية.
3 تقليل أو الحد من ثقافة الاستهلاك وتعزيز الاستثمار والإنتاج.
4 مواكبة التغيير والاستفادة من التكنولوجيا المتاحة.
5 نشر الوعي لدى الشباب بأهمية التنمية كهدف من أهداف الإدارة العامة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للوصول إلى تنمية حقيقية.
العدد الرابع عشر البيروقراطية وإشكالية التنمية في الدول النامية
مواضيع ذات صلة