العدد الخامس عشر مقالات

التعليم المدمج: مزايا وتحديات / مقالات

2/19/2022

د. منى أحمد الشاوي

لا يخفى على أحد ما يمر به العالم من تحديات وأمور صعبة على مستوى الحياة بشكل عام والعملية التعليمية بشكل خاص؛ فقد تأثرت العديد من الدول نتيجة لانتشار جائحة فايروس كورونا، وقد اتجهت معظم دول العالم نحو التعليم عن بعُد أو التعليم المدمج بديلا عن نظام التعليم التقليدي أو التعليم الصفي حيث أصبح نظام التعليم عن بُعد والتعليم المدمج ضرورة حتمية لضمان استمرارية المسيرة التعليمية.

وقد فرض نظام التعليم عن بُعد نفسَه على الساحة التعليمية والتربوية منذ بداية الجائحة ولحد الان، حيث قامت المؤسسات التربوية والتعليمية في مختلف دول العالم بتهيئة البنى التحتية وجميع المستلزمات التكنولوجيا المطلوبة في هذا المجال، كما قامت بتطوير وتأهيل الأفراد في هذا المجال، وقد طالب الكثير من المختصين والباحثين بهذا النوع من التعليم بضرورة تطبيقه في المدارس بجميع مراحلها وكذلك الجامعات لمنع تفشي فايروس كورونا بين الطلاب والهيئة الإدارية والأكاديمية لهذه المؤسسات. 

مر التعليم المدمج بعدة   مراحل تاريخية، حيث ان التعلم المدمج مرتبط ارتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي، كما أن بينه وبين تقنيات التعليم علاقة وطيدة، فقد نجد تاريخ التعلم المدمج هو نفسه تاريخ تكنولوجيا التعليم، وهو نفسه تاريخ الحاسب الآلي. فالتعلم المدمج لا يتجزأ عن علم تقنيات التعليم فنجد جذوره في كل مرحلة من مراحله، ولكنه يتطور بتطور الوقت.

وهنا يظهر دور التكنولوجيا الجديدة في تحقيق عملية التعليم والتعلم وهي التي قدمت التعلم المدمج للأضواء، ويعتبر الدمج شكلا من أشكال الفنون التي يلجأ إليها المعلم للجمع بين المصادر والأنشطة المختلفة في نطاق بيئات التعلم التي تمكن المتعلم من التفاعل وبناء الأفكار.

عموما، يعرض هذا المقال التعلم المدمج من حيث مفهومه ومسمياته، ولماذا برز الاهتمام به في العملية التعليمية، ومراحله التاريخية التي مر بها، كما يقدم أهدافه، كما يستعرض بعض إيجابيات التعليم المدمج وبعض سلبياته.

تعريف التعلم المدمج

ليس هناك تعريف دقيق وحاسم عن مفهوم التعلم المدمج، حيث ان التعريف الدقيق يشترط أن يكون جامعا مانعا لكل أوصاف الفن أو المصطلح لا يتداخل مع غيره، فكل التعريفات غير مكتملة وقاصرة. وتلك الشروط لا تتوفر في تعريفات التعلم المدمج لأنه يتداخل مع التعلم الإلكتروني ولا يجمع لمواصفات معينة محددة. كذلك لاختلاف الرؤية للتعلم المدمج سواء من المعلمين أو المتعلمين أو الخبراء والمتخصصين.

يُعرف التعلم المدمج على أنه «مصطلح لوصف الحل الذي يجمع بين عدة طرق تقديم مثل التعلم التعاوني ومقررات عبر الويب ونظم دعم الأداء الإلكترونية وممارسات إدارة المعرفة مع قاعات الدروس وجها لوجه والتعلم الإلكتروني الحي“ وانه «مزج من التدريب التقليدي الموجه بالمعلم والمؤتمرات المتزامنة على الإنترنت والدراسة ذات الخطو الذاتي غير المتزامنة”. 

كما أشار كل من أن التعلم المدمج يصف نموذجا هجينا من التعلم الإلكتروني الذي يسمح بوجود طرائق التدريس التقليدية بجانب مصادر وأنشطة التعلم الإلكتروني الحديثة في مقرر واحد. 

كما يعرّف بأن التعلم المدمج هو “توظيف المستحدثات التكنولوجية في الدمج بين الأهداف والمحتوى ومصادرو نشطة للتعلم وطرق توصيل المعلومات لإحداث التفاعل الإيجابي بين المعلم والطلبة والمحتوى وتوفير التناغم بين احتياجات الطالب وبرنامج الدراسة المقدم لتحسين إنتاجية التعلم”.

هناك العديد من الدراسات التي تناولت تعريف التعلم المدمج المتمادي منها دراسة دري سكول في العام 2002 حيث أشارت إلى أن هناك أربعة معان مختلفة لمعنى التعلم المتماذج وهي:

• المزج بين أنماط مختلفة من التكنولوجيا المعتمدة على الإنترنت لإنجاز هدف تربوي.

• المزج بين طرق التدريس المختلفة والمبنية على نظريات متعددة مثل البنائية والسلوكية والمعرفية.

• مزج أي شكل من أشكال التقنية مع التدريس من قبل المدرس وجها لوجه.

• مزج التقنية في التدريس مع مهمات عمل حقيقية لعمل إبداعات فعلية تؤثر على الانسجام بين التعلم والعمل.

وعليه فالتعلم المدمج هو شكل جديد لبرامج التدريب والتعلم يمزج بصورة مناسبة بين التعلم الصفي والإلكتروني وفق متطلبات الموقف التعليمي، بهدف تحسين تحقيق الأهداف التعليمية وبأقل تكلفة ممكنة. 

أنواع ومسميات التعلم المدمج

للتعليم المدمج مجموعة متعددة ومتنوعة من الأنواع، وتتمثل هذه الأنواع من خلال ما يلي:

1. التعليم وجهاً لوجه: حيث يقوم المعلم على إيصال المعلومة إلى الطالب بصورة مباشرة، ويتم أيضاً إضافة العديد من الموارد عن طريق الشبكة العنكبوتية لكي يتم اكمال أو العمل على مراجعة المادة الدراسية، وعلى ذلك يتمكن الطالب من دراستها في البيت أو في البيئة الصفية وغيرها. 

2. التعليم التناوبي: حيث يتناوب الشخص المتعلم في هذا النمط على الدراسة بناء على جدول أو برنامج زمني محدد، ما بين التعليم الفردي عبر الشبكة العنكبوتية، والتعلّم بصورة تقليدية وجهاً لوجه مع المعلم في الصف. 

3. التعليم المرن: إن هذا النوع من أنواع التعليم المدمج يتصف بوجود منصة عبر الشبكة العنكبوتية تدرّس العديد من المواد التعليمية، ويمكن تقديم الدعم من قبل المعلم أثناء حلقات التدريس الشخصية، أو المجموعات الصغيرة وفق الحاجة لذلك. 

4. مختبر على الإنترنت: في هذا النمط يتم توصيل جميع المواد الدراسية التي تعتمد بصورة رئيسية على الشبكة العنكبوتية، ويتم هذا خلال مختبرات في داخل المدرسة، ويتفاعل المعلم مع الطلاب عن طريق مقاطع الفيديو المسجلة من قبله، أو عن طريق البريد الإلكتروني وغيرها. 

5. الدمج الذاتي: هو تعليم فردي بصورة كاملة، يتيح المجال أمام التلاميذ من اجل أخذ دورة أو أكثر عبر الشبكة العنكبوتية، من أجل إكمال المواد الدراسية التي تم تناولها في الصف بطريقة تقليدية، حيث إنه يحصل على الجزء الأكبر من عملية التعلم عن طريق الشبكة العنكبوتية، مع استمرار حضور الطالب الحصص الدراسية وجها لوجه.

6.  برامج التشغيل عبر الإنترنت: يتمثل هذا النمط في استخدام الشبكة العنكبوتية، لتقديم الدرس من قبل المعلم، حيث يتعلم الطالب عن بعد في أغلب الأوقات، وكذلك الذهاب الى المدرسة لحضور بعض الحصص التي تتطلب تواجد الطالب مع المعلم وجهاً لوجه. 

وقد أطلق على هذا النوع من التعليم العديد المسميات وكما يلي (4):

1. التعليم المزيج (Blended Learning).

2. التعليم الخليط أو المختلط (Mixed learning).

3. التعليم الهجين (Hybrid Learning))  

تاريخ التعلم المدمج

مرّ التعليم المدمج بعدة مراحل تطور فيها التعلم المدمج بالاشتراك مع التقنيات التعليم، وحسب التسلسل التاريخي التالي:

1900-1910: وهي بدء مرحلة التعليم البصري ،حيث استخدم فيها في الصور المجسمة، الشرائح، الأفلام، الجداول، والرسوم البيانية، وغيرها من المواد التعليمية. وتعتبر هذه الوسائل مواد تكميلية للمنهج المدرسي لدعم عملية التعلم والذي عرف في حينه بمصطلح (Visual Instruction) التعلم المرئي، أو (Visual Education) التربية البصرية والمرئية.

1911-1923: خلال هذه الفترة زاد التوجه نحو التعلم البصري ، حيث زادت الورش والدورات التدريبية الموجهة لهذا النوع من التعلم. مما أدى إلى ظهور عدد من المؤسسات المهنية المتخصصة في هذا المجال، والمجلات العملية التي تركز على هذا التوجه. 

1924-1940: خلال هذه الفترة تمت كتابة وتأليف ونشر العديد من الكتب التي تخدم مجال التعليم البصري ومن أبرزها كتاب المنهج بشكل بصري Visualizing the Curriculum، وظهر كتاب توجه الأهداف السلوكية Learning Objectives التي يعد Ralph Tyler بمثابة الأب لهذا التوجه الجديد.

1941-1950: وهي فترة الحرب العالمية الثانية، حيث تم استخدام الأجهزة السمعية البصرية بشكل مكثف في القطاعات العسكرية والصناعية للأغراض التدريبية. وفي عام 1946 قدم Edgar Dale هرمه الشهير والذي يعرف بمخروط الخبرة Cone of Experience ظهر كذلك تصنيف بلوم للأهداف السلوكية. Bloom’s Taxonomy of Educational Objectives.

: 1951-1979 خلال هذه الفترة انتشر استخدام التلفزيون التعليمي بشكل كبير مما شكل عاملاً مؤثراً كبيرا في توجه المواد السمعية البصرية للاستخدامات التعليمية.

: 1980-1999 بعد أن أصبح الحاسب الشخصي متاحاً للاستخدامات العامة والخاصة أصبح استخدام الحاسب كأداة تعليمية في المدارس أكثر انتشاراً، فبحلول يناير 1983 كانت 40% من المدارس الابتدائية و75% من الثانوية قد وظفت الحاسب للأغراض التعليمية في أمريكا.

2000 حتى يومنا هذا: الآن أصبح هناك مجموعة واسعة من أدوات التكنولوجيا والتطبيقات المتاحة لها في أي مكان وفي أي وقت عن طريق دورات التعلم الإلكتروني التفاعلي.

أهمية التعليم المدمج

 هناك مجموعة متعددة من الأهداف المرجوة من التعليم المدمج تحقيقها، وتتمثل هذه الأهداف من خلال ما يلي: أولاً: الأهداف الأساسية العامة للتعلم المدمج، وتهدف الى تحسين وتنمية جودة التعليم وعملياته، ورفع مستوى مشاركة الطلاب وكذلك رفع مستوى فاعلية التعلم. وثانيا: له أهداف تفصيلية إجرائية لعملية التعلم المدمج، وتتمثل من خلال ما يلي: تدعيم ومساندة أداء الشخص المتعلم من خلال توظيف مستحدثات تقنية وتكنولوجية. رفع مستوى التفاعل بشكل مباشر وغير مباشر مع المعلم ومع المحتوى والمضمون التعليمي للمادة الدراسية. خفض النفقات. تنمية وتطوير الطالب من ناحية الجانب المعرفي والأدائي.

مزايا التعلم المدمج

عندما ندمج أي مكونين تعليميين إلكتروني مع تقليدي فهذا الدمج إما أن يكون تكرارا أو واحد منهم يدعم الآخر أو يكون هناك فعلا مخطط مرتب ومنظم لعملية الدمج ينتج على نوع جديد من التعلم غير موجود في كلا النوعين من التعلم) فالإيجابيات إما أن تكون:

إعادة صياغة وتحسين، أو نوع جديد غير موجود في كلا النوعين ولم يظهر إلا من خلال الدمج. 

أن للتعلم المدمج العديد من المزايا نلخصها فيما يلي:

• إمكانية تغيير اتجاهاتنا ليس فقط تجاه مكان وزمان ممارسة التعلم، ولكن تجاه المصادر والأدوات التي تدعم التعلم.

• تقليل نفقات التعلم مقارنة بالتعلم الإلكتروني وتوفير جهد ووقت المتعلم.

• يوفر المرونة في زمن التعلم ووقت الالتحاق ببرامجه.

• يوفر فرص التفاعل المتزامن جنبا إلى جنب مع فرص التنسيق والتعاون غير المتزامن.

• مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين بحيث يمكن لكل متعلم السير في التعلم حسب حاجاته وقدراته.

• اتساع رقعة التعلم لتشمل العالم وعدم الاقتصار على الغرفة الصفية.

• يسمح للطالب بالتعلم في الوقت نفسه الذي يتعلم فيه زملاؤه دون أن يتأخر عنهم.

عيوب التعلم المدمج

أن للتعلم المدمج العديد من السلبيات والمشكلات التي يعاني منها والتي يمكن أن نلخصها فيما يلي:

• اعتماد التعلم المدمج على تقنيات ما تزال غير معتمد عليها، فما زال الإنترنت غير فعال في بعض الأماكن من العالم خاصة الأماكن الريفية أو الأماكن النائية.

• استخدامه بشكل فعال يتطلب من الطالب الإلمام باستعمال التكنولوجيا بشكل جيد.

• اعتماد التعلم المدمج على الأجهزة الحاسوبية والتي تكلف الكثير من الأموال ومن أعمال الصيانة والتركيب.

• تدني مستوى المشاركة الفعلية للمتخصصين في المناهج في صناعة المقررات الإلكترونية المدمجة.

• التركيز على الجوانب المعرفية والمهارية لدى الطلاب أكثر من الجوانب الوجدانية.

• التغذية الراجعة والحوافز التشجيعية والتعويضية قد لا تتوافر أحيانا.

• تدني مستوى فاعلية نظام الرقابة والتقويم والتصحيح والحضور والغياب لدى الطلبة.

مزايا التعلم المدمج

وفي هذا المجال قدمت دولة قطر نموذجا رائدا لاستخدام التعليم المدمج كبديل لمواجهة جائحة كورونا، ومنذ  الإعلان عن إغلاق جميع المدارس والجامعات الحكومية والخاصة سارعت وزارة التعليم والتعليم العالي، لوضع الخطط والبدائل الفعالة لمختلف المستويات والفصول الدراسية. حيث أطلقت الوزارة بوابة التعلم عن بعد و «Qlearning كما، قامت بإنشاء قناة تعليمية على يوتيوب قناة «التعلم عن بعد في قطر»، للمراحل من رياض الأطفال الى الصف الثاني عشر. كما قامت الوزارة بتوفير أجهزة حاسوب (عادية ولوحية ومحمولة) إضافة الى توفير المئات من أجهزة موديم للوصول إلى الإنترنت، للطلاب الذين لا يملكونها ويحتاجون إليها خلال عملية التعلم عن بعد. وبتلك الخطوات الهامة أكملت الوزارة العام الدراسي 2019-2020 بنجاح بدلاً من إلغائه.  

وفي العام الأكاديمي 2020-2021 وجهت الوزارة مختلف المدارس الى استخدام تطبيق (MS Teams)، لتيسير التواصل المباشر بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور. بالإضافة إلى ذلك، وقد تم إنشاء قناتين تلفزيونيتين تعليميتين مفتوحتين بالتعاون مع تلفزيون قطر؛ «التعليم 1» والتعليم 2». لتسهيل انتقال الطلاب من التعلم حضوريا داخل الفصول الدراسية إلى التعلم عبر الإنترنت، بطاقة استيعابية تبلغ أكثر من 200 ألف طالب وطالبة، لمواصلة التعليم عبر تصميم وتطوير نظم التعلم عن بُعد في 320 مدرسة لمختلف المراحل الدراسية.

قد أظهرت هذه المنصات، قدرة كبيرة على التفاعل بين الطلاب والمعلمين، فقد بلغ إجمالي عدد الدروس المصورة التي تم إنتاجها حتى 30 أبريل 2020، حوالي 23533 درساً مصوراً.

وقد بلغ عدد الواجبات اليومية التي تم نشرها على برنامج «مايكروسوفت تيمز» لمختلف المراحل والمواد الدراسية وتعليم الكبار حوالي 2121 واجباً يومياً، فيما بلغ عدد التقييمات الأسبوعية الالكترونية Microsoft Forms) والتي تمت لغاية 30 أبريل الماضي حوالي 756 تقييماً أسبوعياً لمختلف المراحل والمواد الدراسية وتعليم الكبار.

التحديات التي تواجه التعلم المدمج

التحدي الأول، متعلق بالتعريف: لا يوجد هناك تعريف جامع مانع للتعلم المدمج. التحدي الثاني، القيمة والجدوى لهذا النوع من التعلم: يرى الباحثون أن التعلم المدمج قد ينشأ بسبب المرونة الذي يوفرها وليس بسبب الفائدة او الجدوى التي يوفرها هذا النوع من التعلم. التحدي الثالث، التقييم والقياس: كيف يتم قياس ما تم تعلمه من خلال عملية الدمج وحتى الطرق التي اتبعها الملمون في القياس تنقصها الدقة ومنها كيفية تغطية الاحتياجات وأنماط التعلم المختلفة للطلبة. التحدي الرابع، يرتبط بالتصميم التعليمي: كيف يمكن وضع العديد من المكونات التعليمية معا لخدمة هدف واحد مع الأخذ في الحسبان أن لكل مكون إجراءاته وتجهيزاته. التحدي الخامس، يتعلق بالمعلم: عدم الرغبة في التغيير والتمسك بالتعليم التقليدي بالنسبة للمعلم وعدم توافر العديد من المهارات لدى المتعلم مثل المشاركة والتفاعل والتعلم الذاتي ومهارة استخدام الحاسوب. التحدي السادس، المدّة الزّمنيّة للحصّة الدّراسيّة، لا تزيد عن 30 دقيقة، وهذه من أبرز التّحديات، التي تواجه المعلّمين، علمًا بأنّ الإطار الزّمني للحصة 45 دقيقة على غير ما كان سابقًا؛ إذ كان زمن الحصّة الدّراسيّة ما بين 50-55 دقيقة. وقد شكّل هذا الأمر تحديًّا كبيرًا؛ بسبب صعوبة إشغال زمن الحصّة كاملًا في العمليّة التّعلميّة؛ لما يستدعيه من حشد هائل للأنشطة، وابتكار إستراتيجيّات تضمن انخراط الطّلبة في التّعلّم الفاعل المنتج، وفي الوقت نفسه شكّل تحديًّا كذلك أمام الطّلبة، من حيث إمكانيّة التّأقلّم على شيء لم يألفوه من قبل، وبالتّالي سيسبّب لهم الملل، والتّشتت، وعدم التّركيز، وإثارة بعض المشاكل في الغرفة الصّفيّة. التحدي السابع، الذي يتعلق بالطالب، هو وجوب اتصال جميع الطلبة بالإنترنت ولديهم أجهزة آيباد او أجهزة (برودباند) لمن لا يملكون إنترنت في المنزل تمكنهم من دخول النظام واستيعابه. وكذلك مشكلة غياب الطلبة، حيث لم يزد عدد الطّلبة المتواجدين في الفصل الدّراسيّ الواحد على ثمانية طلاب تقريبًا كحد اقصى من أصل خمسة عشر طالب مما يسبب تشتت الطالب و ضعفه اكاديميا. أيضا لاحظت قلّة التّفاعل، والمشاركة من قبل الطّلبة الذين يتعلّمون عن بعد وذلك اما بسبب لامبالاتهم، أو لقلة الدافعية، او الملل الذي سببه استخدام أجهزة الحاسوب او الهواتف النقالة لفترات طويلة اثناء اليوم اما لتلقي الدروس او لعمل الواجبات والتطبيقات. التحدي الثامن هو توفير نظام إدارة التعلم (lms) أو توفير مقرر إلكتروني لكل مادةE-course ، وكذلك  ضعف الشبكة العنكبوتية في بعض الأحيان  ،وظهور بعض المشاكل التقنية اثناء تقديم الدرس  مما يربك العملية التعليمية. وهناك أيضا تحديات إدارية كانخفاض الوعي وضعف التخطيط للتعلم المدمج. ولا ننسى التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تتمثل في انخفاض الوعي بالتعلم المدمج وارتفاع تكلفة الأجهزة.

وعليه فإن مستقبل التعلم المدمج مرهون بالتغلب على الصعوبات، فعندما يتم التغلب عليها عندها يكون التعلم المدمج جاهزا لأن يكون هو الأفضل بدون منازع، وإذا لم يتم التغلب عليها فسوف تكون هناك إشكاليات في المستقبل. فمن ضمن التحديات التي تواجهنا كون مستقبله مرتبط بتطور البيئة الخارجية والتي تسبب ضغوطات على البيئة الداخلية، فالتعلم المدمج سوف يكون الخيار الأمثل في المستقبل لاستيعاب تلك المتغيرات ووضعها في مكان واحد حتى لا تصبح البيئة التربوية في معزل عن التطورات والتسارع الذي يحدث في البيئة التربوية وفي الخارج.

 

العدد الخامس عشر التعليم المدمج: مزايا وتحديات

مواضيع ذات صلة