العدد السادس عشر مقالات
توظيف نتائج الأبحاث العلمية في الدول النامية: الواقع والمأمول / مقالات
2/20/2022
محمد حبيب أبوبكر
يحتل البحث العلمي مكانة سامية بين أهل العلم؛ لقدرته على تشخيص دقيق للمشكلات التي تحيط ببني الإنسان، وعرض حلول مناسبة حسب الظروف والبيئة التي يعيش فيها، من أجل مواكبة تغيرات العصر وتحقيق الازدهار والتنمية.
وقد فطنت الدول المتقدمة منذ الوهلة الأولى إلى أهمية البحث العلمي في تحسين الظروف والمستويات المعيشية للبشر، فتوجهت بكل قواها نحو تمويل البحوث العلمية وتوظيف نتائجها مما كان له انعكاسات إيجابية على حضارتها وثقافتها. ويعد توظيف نتائج تلك الأبحاث العلمية العامل الأساسي وراء تطورها وتفوقها.
ولحاقا بالركب، سارت الدول النامية على هذا الضرب، وحقق شعبها إنجازا عظيما في كتابة بحوث علمية والنشر في مجلات علمية محكمة، بيد أن أغلبية هذه الجهود لم يتعد أثرها مرحلة الإطار النظري، إذ بقيت أسيرة المكتبات، يرجع إليها الباحثون عند الضرورة. وقد كان لهذا الوضع أثر في ركود الذي تعاني منه شعوب هذه الدول وتخلفهم في كثير من الميادين والمجالات، فكريا وثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا، ويكمن السبب وراء ذلك إلى عدم وجود آليات محكمة لتفعيل نتائج وتوصيات هذه الدراسات، ولعل هذا له علاقة بانقطاع الصلة بين مراكز البحوث والجهات المستهدفة.
إذا، في الواقع أن الجامعات والهيئات البحثية لم تأل جهدا في توفير الخدمات للتخفيف من حدة المشاكل الراهنة، وذلك من خلال الرسائل والمؤتمرات والمجلات التي تصدر عنها يوميا، تتضمن في محتواها نتائج مهمة وتوصيات مفيدة، جديرة بتحقيق الرفاهية وتعزيز الاقتصاد، غير أن هذه الجهود تفتقر إلى التتبع والتوظيف، فلا توجد رقابة تهتم بتتبع ما يتم إنجازه وتمييز ما يمكن الاستفادة به ووضعه موضع التنفيذ. فالدول النامية بكل ما لها من قدرات ومقومات يمكن لها المضي قدما نحو مستقبل أفضل إذا سعت إلى تسخير نتائج بحوثها العلمية في مختلف مجالات الحياة.
وعليه فإن الأبحاث العلمية ظل دورها قاصراً في الإطار النظري، يستعين بها أكاديميون للترقية والطلبة لنيل الدراجات العلمية، فاستفادة الدول النامية من أبحاثها العلمية من حيث التوظيف استفادة ضئيلة جدا مقارنة بالدول المتقدمة.
ومن هنا فإن الدراسات والأبحاث العلمية الصادرة من قبل الجامعات والمؤتمرات والمجلات بحاجة إلى الرعاية من قبل قطاع حكومي في كل دولة، تكون مهمته فحص واختيار الدراسات والأبحاث المميزة، وتقديمها إلى مواقع الاستفادة للقيام بتعميق هذه البحوث وتوظيف نتائجها في الواقع العملي ليعم النفع بالمجتمع، وإلاّ ستظل كل الجهود المبذولة إهدارا للوقت والطاقة، إذ ليس المقصود الأسمى من الأبحاث العلمية طلب الترقية أو نيل الدرجة العلمية، بل تصوير المشاكل والحلول، التي من شأنها أن ترفع مستوى الحياة نحو القمة والرّقي.
العدد السادس عشر توظيف نتائج الأبحاث العلمية في الدول النامية: الواقع والمأمولمواضيع ذات صلة