مهارات القائد في السنة النبوية
الدكتورة : فاطمة عيسى محمد | Dr.fatma Essa Mohammad
24/09/2021 القراءات: 5370
لكل فريق أو منظمة قائد يتحلى بمهارات قيادية معينة ، لتنظيم العمل وعدم الفوضوية، لأن وجود القائد يمثل أهمية كبرى في القيادة ، لأنه يوجه الفريق وينظم عمله، كما يدريب فريقه على المهارات القيادية بالقدوة ، ويشكل وجوده لبنة أساسية في تنمية واستدامة العمل ، وقد دعت السنة النبوية إلى ضرورة وجود القائد، مثل: قوله - صلّى الله عليه وسلم -: " إِذا خَرَجَ ثَلاثَةٌ في سَفَرٍ فَلْيُؤمِّروا أَحَدَهُم "( رواه أبو داوود بإسناد صحيح برقم :2608 ).
وجه الدلالة : أمر الرسول- صلّى الله عليه وسلم- الركب بتأمير أحدهم في السفر؛ لإدراكه بأهمية التنمية البشرية ، ووجود القائد في عملية التخطيط المسبق ، والتنظيم لكل عمل؛ كي لايتفرق أمر الجماعة ولايختلف رأيهم.
يشترط اختيارالقائد الأكفأ والأصلح :
لابد من حسن اختيار القائد جاء في السنة : قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم: " من وُلِي من أمر المســـــلمين شيئًا فَوَلى رجلاً، وهو يجد أصلح للمسلمين منه؛ فقد خان الله، ورسوله، والمؤمنين " (حديث صحيح رواه الحاكم في المستدرك) وجه الدلالة : أن الإسلام أقر مبدأ اختيار الأكفأ وعدم إسناد الوظيفة لمن طلبها، أو محاباة لأحد، فقد حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تولية الأصلح ، وإسناد الأمور إلى ذوي الكفاءة، وما يؤيد ذلك مواقفه عليه الصلاة والسلام:
- فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا، ورجلان من بني عمي؛ فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثل ذلك، فقال: " إنَّا والله لا نولي هذا العمل أحدًا سأله أو أحدًا حرص عليه " ( البخاري برقم: 7149 ومسلم برقم: 1733) ولاختيار الأصلح اعتمد الإسلام ركنين أساسيين الاختيار،هما: الأمانة والقوة .
مهارات اختيار القائد من السنة النبوية: لابد للقائ أن يتحلى ببعض المهارات لينجح في قيادة المجموعة، منها على سبيل المثال:
١- مهارات الحوار الناجح والنقد البناء:
القائد يتعامل مع مجموعة من الأفراد فلابد من أن يكون ملماً بأهمية الحوار وعدم فرض رأيه على المجموعة ، بل الحوار والتشاور؛ وإذا اخطأ أحدهم يبدأ معهم بالنقد البناء ؛ للتشجيع وعدم ، فمن نجاح الوعي الفكري لدى القائد بيان النواحي الإيجابية ثم السلبية، كما فعل رسول الله في نقده لأحد الصحابة بقوله : "نِعْمَ الرَّجُل عَبْدُالله، لَوْكانَ يُصَلِّي باللَّيلِ "( رواه البخاري برقم: 3837) ، ووجه الدلالة : أن الحوار لا يكون مباشرة بإبداء الفعل السيء، بل يكون بذكر مظاهر الفعل الحسن والثناء على الفرد أمام الجميع، ثم التوجيه بلفظ حسن إلى استدراك الخطأ، وضرورة الحرص على حسن اختيار الألفاظ لما لها من أثر على الفرد، فالنقد لاعضاء الفريق وإبراز جوانبهم الإيجابية، مع بيان السلبيات للتطوير، يحفزهم للعمل الجاد الذي ينفع الأمة، أما الانتقاد بألفاظ لاذعة، والتقليل من شأنهم يؤدي بهم إلى الإحباط والفتور، ويكون عائقاً أمام الرجوع للعمل التطوعي
٢- التواصل الفعال:
يقوم القائد بالتواصل الفعال مع فريقه، ومشاركتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم يوطد العلاقات الإنسانية في الفريق، ويولد الطمأنينة في نفوسهم ، وكذلك مشاركتهم في صنع القرار والعصف الذهني يشجعهم علي الابتكار والإبداع .كمشاركة رسول الله أصحابه الرأي والعصف الذهنى في غزوة الخندق، ووقوفه على رأي سلمان الفارسي لخبرته السابقة .
٣- مهارة التحفيز المادي والمعنوي:
إن تشجيع الفرد سواء كان هذا التشجيع ماديًا بالحوافز المادية كالمكافآت ، أو التحفيز المعنوي الكتابي برسائل الشكر، أو اللفظي بعبارات الثناء على عمله له أهمية كبرى تعود على الفرد وفريق العمل، ومن ثَمَّ يعود النفع للمجتمع، فيظهر أثره على الفرد مثل: الاستمرار في نجاح العمل التطوعي وتحقيق الأهداف الشخصية، وزيادة نسبة التمكين والشعور بالأمان، بالإضافة إلى تقوية العلاقات بين القائد واعضاء الفريق ، واشباع الحاجات النفسية ، والصبر وزيادة تحمل أعباء العمل، بلا تذمر.( علي المطبونة ، التحفيز ص6 ومابعدها ). واستخدم الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم– التحفيز مع أصحابه لتمكينهم ، وليحثهم على العمل والإبداع والابتكار، وزيادة الإنتاجية في العمل .
كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حريصًا على تنويع التحفيز، وقد كان يعطي عطاءً ماديًا، تحفيزًا للناس لهذا الدين، وترغيبًا لهم بالإسلام ، فقد ورد عن أنس-رضي الله عنه- قال: " ما سُئل رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم - على الإسلام شيئًا إلا أعطاهُ، ولقد جاءه رجلٌ، فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيرًا؛ حتى يكُون الإسلامُ أحب إليه من الدنيا، وما عليها " (رواه مسلم ، برقم : 2312). وكذلك تحفيزه صلَّى الله عليه وسلم للمؤلفة قلوبهم بالعطاء بعد غزوة حنين لتحفيزهم ، وهذا لايتنافى مع كون العمل تطوعياً ، فقد تحصل بعض الفرق على عطاء مادي من أحد الراعين أو الداعمين للعمل ، فلايستولي عليها القائد بل توزع بالتساوي بين أعضاء فريق العمل .
التنظيم وإدارة الأزمات:
عن أبي سعد الخدري - رضي الله عنه - قال : نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى سعد فأتى على حماره، فلما دنا من المسجد قال الأنصار: قوموا إلى خيركم، فقال: هؤلاء نزلوا على حكمك، فقال: يقتل مقاتلهم وتسبى ذرياتهم، قال: " قَضَيْتَ بِحُكمِ اللهِ" (رواه البخاري برقم : 3043) ووجه الدلاله: تكليف الرسول - صلى الله عليه وسلم ¬- سعد بن معاذ بالحكم على بني قريظة يبين حرص القائد على مشاركة الآخرين في الرأي، ومشاركتهم في عملية صنع القراروإدارة الأزمات ، والاستفادة من قدراتهم ومهاراتهم المتميزة، مما يسهم في تعزيز الثقة بين القائد والأفراد.واتصاف الفريق بسنرجية العمل وبعد القائد عن النرجسية وحب الذات.
التنظيم ، القوة ، الأمانة، التحفيز،التواصل الفعال، السنة النبوية، الحوار الناجح
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة