هل انتهى عصر تبجيل السياسيين ؟
08/05/2024 القراءات: 888
بقلم:صورية بوعامر
في عصرنا الحالي، عصر الوعي والديمقراطية، قد تبدو فكرة أن يكون حلم مصافحة وزير أمرا غريبا أو حتى سخيفا، فمع سهولة الوصول إلى المعلومات وانتشار الوعي السياسي، أصبح من المفترض أن نرى انخفاضا في ظاهرة "التقديس" أو "التبجيل" للمسؤولين الحكوميين. ولكن، الواقع أن حلم مصافحة وزير لا يزال يراود البعض من أبناء جلدتنا بالرغم من الحقب والمحطات التاريخية التي مرت بها الجزائر في سبيل نيل الحريات العامة والفردية كانت آخرها جولات ماراطونية في حراك 22 فبراير 2019، الذي كان بمثابة انطلاق لشعلة تحرير الوعي الجمعي من بعبع تقديس شخص المسؤول الحكومي وعبادة "الكادر" ،ما دفعني إلى أن أتساءل عن الأسباب الحقيقية لاستمرار هذه الظاهرة؟ التأثير التاريخي: من خلال بحثي بتعمق في المراحل التاريخية التي مررت بها الجزائر في الماضي، أو على الأقل في مرحلة تاريخية عايشتها،نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، حيث كانت السلطة مركزة في أيدي قلة من الأشخاص، وكانوا ينظر إليهم كآلهة أو كائنات خارقة للطبيعة. هذا الشعور بالتقديس انتقل عبر الأجيال، و لا يزال بعض الناس يرون في المسؤولين الحكوميين رموزا للسلطة والنفوذ. نقص الوعي السياسي: قد لا يدرك بعض الناس أن المسؤولين الحكوميين وزراءا كانوا أو غير ذلك، هم بشر عاديون مثلهم مثلنا، وأنهم معينون وتم توظيفهم خدمة المواطن البسيط والشعب. الشعور بالدونية: قد يشعر بعض الناس بالدونية أمام شخصيات ذات مناصب عليا، مثل الوزراء، ويرغبون في الحصول على اعترافهم أو موافقتهم، وهذا يعود إلى التنشئة الأسرية و الاجتماعية القاصرة والمشوهة للأفراد التي تبدأ من النواة الأولى للمجتمع - الأسرة- وتنتهي في الوسط الاجتماعي مما يعزز لدى لديهم احساس الدونية والتمييز. البحث عن فرص: قد يسعى بعض المتسلقين ممن يطوفون في فلك السياسة أو نجدهم قريبون من دوائر السلطة إلى توظيف أسلوب مصافحة المسؤول الحكومي بهدف التقرب منه لااغراض معنوية أو مادية بحتة كالحصول على وظيفة أو امتياز مادي . لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك مخاطر لهذه الظاهرة؟ إن استمرار ظاهرة تبجيل المسؤول الحكومي وتقديسه يعد ظاهرة اجتماعية خطيرة وجب التفطن إلى مآلاتها في تعزيز الفساد، حيث يشعر بعض الوزراء بأنهم فوق القانون ولا يمكن محاسبتهم. كما يمكن أن يؤدي تواصل تقديس الأشخاص إلى إضعاف الظاهرة الديمقراطية ويقلل من شعور المواطنين بالمساواة مع المسؤولين الحكوميين. وقد تؤدي إلى شعور بعض أفراد المجتمع بالظلم عندما يحرمون من فرصة مصافحة وزير، بينما يحصل عليها آخرون اذا لم يكن لديهم مستوى من الوعي الكافي. ما هو الحل؟ من بين الحلول المجدية لمحاربة ظاهرة الولاء للمسؤول الحكومي هو نشر الوعي السياسي حتى يتسنى لافراد المجتمع أن يفهموا أن الوزراء هم بشر عاديون تم توظيفهم في هذا النوع من المناصب خدمة للشعب والدولة والوطن. من بين الحلول الأخرى تعزيز ثقافة المساواة والعدالة الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن نوعية مناصبهم سامية كانت أو عادية. وأهم حل لتجاوز ظاهرة تبجيل المسؤول الحكومي مكافحة الفساد بكل صوره، لكي لا يشعر الوزراء بأنهم فوق القانون. في الختام، يجب أن نتذكر أننا نعيش في عصر الوعي والديمقراطية، حيث لا مكان لظاهرة "التقديس" أو "التبجيل" للمسؤولين الحكوميين. فمهمتنا كجيل واع هي نشر الوعي السياسي وتعزيز ثقافة المساواة، لكي نساهم في بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي وذلك لن يتحقق إلا من خلال تحرير العقل الجمعي من أفكار بابية أكل عليها الدهر وشرب انتهت صلاحيتها بانتهاء عهد "عبادة الكادر" .
#الجزائر، #التقديس،#التبجيل،#المسؤول_الحكومي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع