مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
[فصل في الخوف والصبر والرضا]
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
03/05/2023 القراءات: 396
[فصل في الخوف والصبر والرضا]
يسن لكل مسلم مكلف خوف السابقة، والخاتمة والمكربة، والخديعة، والفضيحة، والصبر على الطاعة والنعم والبلاء والنقم في بدنه وعرضه وأهله وماله، وعن كل مأثم، واستدراك ما فات من الهفوات، وقصد القرب والطاعة بنيته وفعله، كقوله: وسائر حركاته وسكناته، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، والنظر في حاله وماله، وحشره ونشره وسؤاله، ويسن رجاء قبول الطاعة، والتوبة من المعصية والقناعة، والاكتفاء بالكفاية المعتادة بلا إسراف ولا تقتير ذكر ذلك في الرعاية الكبرى وغيرها.
وقال في نهاية المبتدئين: هل يجب الرضا بالمرض والسقم والفقر، والعاهة وعدم العقل؟
قال القاضي: لا يلزم، وقيل: بلى قال ابن عقيل الرضا بقضاء الله تعالى واجب فيما كان من فعله تعالى كالأمراض ونحوها قال: فأما ما نهى عنه من أفعال العباد كالكفر والضلال فلا يجوز إجماعا إذ الرضا بالكفر والمعاصي كفر وعصيان.
وذكر الشيخ تقي الدين أن الرضا بالقضاء ليس بواجب في أصح قولي العلماء إنما الواجب الصبر وذكر في كتاب الإيمان: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} [الحجرات: 15] .
فلم يجعل لهم ريبا عند المحن التي تقلقل الإيمان في القلوب، والريب يكون في علم القلب وعمله بخلاف الشك فإنه لا يكون إلا في العلم فلهذا لا يوصف باليقين إلا من اطمأن قلبه علما وعملا، وإلا فإذا كان عالما بالحق ولكن المصيبة أو الخوف أورثه جزعا عظيما لم يكن صاحب يقين.
وذكر الشيخ وجيه الدين من أصحابنا في شرح الهداية أنه يجوز البكاء على الميت إذا تجرد عن فعل محرم من ندب ونياحة وتسخط بقضاء الله وقدره المحتوم، والجزع الذي يناقض الانقياد والاستسلام له.
وقال ابن الجوزي في آخر كلامه في قوله تعالى {يا أسفى على يوسف} [يوسف: 84] .
قال وروي عن الحسن أن أخاه مات فجزع الحسن جزعا شديدا فعوتب في ذلك فقال: ما سمعت الله عاب على يعقوب - عليه السلام - الحزن حيث قال {يا أسفى على يوسف} [يوسف: 84]
وذكر الشيخ تقي الدين في التحفة العراقية أن البكاء على الميت على وجه الرحمة مستحب وذلك لا ينافي الرضا بقضاء الله بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه، وبهذا يعرف معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بكى على الميت وقال «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده» وإن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظه لا لرحمة الميت، وإن الفضيل لما مات ابنه ضحك وقال: رأيت أن الله قد قضى فأحببت أن أرضى بما قضى الله به حاله حال حسن بالنسبة إلى أهل الجزع، فأما رحمة الميت والرضاء بالقضاء وحمد الله كحال النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا أكمل.
وقال في الفرقان: والصبر واجب باتفاق العقلاء ثم ذكر في الرضا قولين ثم قال: وأعلى من ذلك أن يشكر الله على المصيبة لما يرى من إنعام الله عليه بها، ولا يلزم العاصي الرضا بلعنه ولا المعاقب الرضا بعقابه قال بعضهم: المؤمن يصبر على البلاء ولا يصبر على العافية إلا صديق.
وقال عبد الرحمن بن عوف: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: الرجل كل الرجل من يصبر على العافية وهذا الصبر متصل بالشكر فلا يتم إلا بالقيام بحق الشكر، وإنما كان الصبر على السراء شديدا لأنه مقرون بالقدرة، والجائع عند غيبة الطعام أقدر منه على الصبر عند حضور الطعام اللذيذ.
[فصل في الخوف والصبر والرضا]
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة