مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية سـرية نخلة

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


25/02/2023 القراءات: 354  


سـرية نخلة
و فى رجب من السنة الثانية بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن جحش رضي الله عنه فى عدد قليل من المهاجرين قيل ثمانية و قيل اثنا عشر و كتب له كتابا و أمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضى لما أمره و لا يستكره من أصحابه أحدا ، ففعل حتى إذا فتح الكتاب وجد فيه:(إذا نظرت فى كتابى هذا فامض حتى تنزل نخله-بين مكة و الطائف-فترصد بها عير قريش و تعلم لنا من أخبارهم )
فقال : سمعا وطاعة

وأخبر أصحابه بذلك ،وأنه لايستكرههم ،فمن أحب الشهادة فلينهض ،ومن كره الموت فليرجع ،فنهضوا كلهم ،غير أنه لما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان رضي الله عنهما بعيرا لهما كانا يعتقبانه (يتناوبون ركوبه) فتخلفا في طلبه ،فأسرتهما قريش

وسار عبد الله بن جحش رضي الله عنه حتى نزل بنخلة، فمرت عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً وتجارة، وفيها عمرو بن الخضرمي، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم ابن كيسان مولى بني المغيرة‏.‏ فتشاور المسلمون وقالوا‏:‏ نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم

ثم اجتمعوا على اللقاء، فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل، ثم قدموا بالعير والأسيرين إلى المدينة، وقد عزلوا من ذلك الخمس، وهو أول خمس كان في الإسلام، وأول قتيل في الإسلام، وأول أسيرين في الإسلام‏.‏

وأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ما فعلوه، وقال‏:‏ ‌‏(‏ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام‏)‏ وتوقف عن التصرف في العير والأسيرين‏.‏
وأسقط في يد عبد الله وأصحابه رضي الله عنهم ،وعنفهم إخوانهم المسلمون فيما صنعوا

ووجد المشركون واليهود فيما حدث فرصة لاتهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم الله، وقالت قريش قد استحل محمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال

حتى نزل الوحي حاسمًا هذه الأقاويل وأن ما عليه المشروكون أكبر وأعظم مما ارتكبه المسلمون‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 217‏]‌‏.‏

وكانت هذه السرية درسا بليغا للمشركين أبان لهم أن المسلمين أصبحوا خطرا على تجارتهم وأنهم يزدادون مع كل يوم صلابة وقوة ،و بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى فداء الأسيرين عثمان بن عبد الله, والحكم بن كيسان ففداهما الرسول بصاحبيه سعد بن أبى وقاص , و عتبة بن غزوان, فأما الحكم فقد شرح الله صدره للإسلام فأسلم و أقام بالمدينة حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا, و أما عثمان فرجع إلى مكة فمات بها كافرا ، و‏أدى عليه الصلاة والسلام دية المقتول إلى أوليائه‏.‏

وبعد سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه فرض الله على المسلمين القتال وأنزل في ذلك آيات بينات ، وإيجاب القتال والحض عليه، والأمر بالاستعداد له هو عين ما كانت تقتضيه الأحوال، فالظروف كانت تقتضى عراكاً دامياً بين الحق والباطل ، وآيات الأمر بالقتال تدل بفحواها على قرب العراك الدامي، وأن النصر والغلبة فيه للمسلمين

وفي هذه الأيام في شعبان سنة 2 هـ أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمون يصلون إلى بيت المقدس و مضى على ذلك ستة عشر شهرا أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرا, و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يحب أن يصرف إلى الكعبة فجعل يقلب وجهه فى السماء يرجو ذلك حتى أنزل الله عليه{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} سورة البقرة، من آية 144

وكان لجعل القبلة الى بيت المقدس ثم تحويلها الى المسجد الحرام حكم عظيمة و محنة للمسلمين و المشركين واليهود و المنافقين
🔻فأما المسلمون فقالوا:سمعنا و اطعنا و قالوا آمنا به كل من عند ربنا و هم الذين هدى الله و لم يكن كبيرة عليهم
🔻و أما المشركون فقالوا:كما رجع الى قبلتنا يوشك أن يرجع الى ديننا و ما رجع اليها إلا انه الحق
🔻و أما اليهود فقالوا:خالف قبلة الأنبياء قبله و لو كان نبيا لكان يصلى الى قبلة الأنبياء
🔻وأما المنافقون فقالوا: ما ندرى محمد (صلى الله عليه وسلم ) أين يتوجه إن كانت الأولى حقا فقد تركها و إن كانت الثانية هى الحق فقد كان على باطل, و كثرت أقاويل السفهاء من الناس و كانت كما قال الله تعالى{وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ}سورة البقرة، من آية 143 وهكذا انصرف المسلمون إلىٰ البيت الحرام مطيعين لله و لرسوله صلي الله عليه وسلم و صارت قبلة المسلمين إلى يوم القيامة أينما كانوا ولوا وجوههم شطرها


سلسلة السيرة النبوية سـرية نخلة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع