مدونة سيف بن سعيد العزري


يجوز الرجوع في العاريّة، ولا يستحقّ المعيرُ أجرةً.

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


21/09/2023 القراءات: 903   الملف المرفق


سمحتْ لزوج ابنتها أن يسكن هو وزوجته في جزءٍ من منزلِها، ثمّ سمحتْ له بإضافة بناء في تلك الأرض، ثم قامَ بإضافة أخرى لاحقاً، فلما علمتْ لم تستنكرْ هذه الإضافة، ثم بعد مدّة طالبتْه بالخروجِ من المنزلِ، فرفعت الدعوى بطلب خروجه من المنزل وأداء الأجرة وفواتير الكهرباء، كما قدّم هو دعوى فرعية طالبَ فيها بقيمة بنائه في المنزل.
وبعدَ نظر الدعوى كيّفتِ المحكمة العقدَ بين الطرفين على أنّه عاريّةٌ ورجعت المدعية عنِ العاريّة، فلها الحق في ذلك بحكم أنّها المالكة للأرض والبناء، ولا يضارّ المالك في ملكه، والعاريّة عقد غير لازم، وبناءً عليه لا تستحقُّ أجرةً عن مدّة سكنِ المدعى عليه في المنزل، والتزم هو بالخروج من المنزلِ، وبأداءِ فواتير الكهرباءِ.
أمّا بالنسبة لطلبِ المدعى عليه بقيمة البناءِ، فقد حكمتِ المحكمة له بإلزام المدعية بأن تؤدي له خمسة آلاف وسبعمائة ريالٍ عماني (5.700ر.ع)، وهي قيمة البناء بعدَ خصم قيمة الاستهلاكِ مدّة بقائه في المنزل، حسب تقرير الخبير؛ إذ إنّه دخل في مشروع البناء بسببٍ من قبل المدعية وهو الإذن له بذلك، كما أنّه ما بنى إلا مقابل الحصول على مصلحة من خلال ذلك، وهي السكنى فيما يبني، إذ لولا ذلك لما بنى، فلما رجعت المدعية كان لزاماً عليها أن تُعوّض المدعى عليه عما تكلّفه من البناء كاملاً.
هذه الخلاصة، وهذا بعضُ ما جاءَ في الحكم:
أولاً: في تكييفِ العلاقة بين الطرفين وما يترتب على ذلك: "من المعلوم شرعاً أنّ العاريّة هي تمليك المنافع دون العين بلا عوض وقيل: إباحة المنافع دون العين بلا عوض، وجرى قانون المعاملات المدنية على الأول فقد نصّت المادة (607) على أنّ "الإعارة هي تمليك الغير منفعة شيء بغير عوض لمدة معينة على أن يرده بعدها"، ومن المعلوم أنّ أهل العلم قد اختلفوا في لزوم العاريّة فذهب المالكية إلى أنّها عقد لازم إذا قيّدت بمدة معينة أو اقتضى العرف تقييدها بمدة، وذهب الجمهور إلى أنّها عقد غير لازم، فيصح للمعير والمستعير الرجوع متى شاء ولو كانت مقيّدة إلا أنّه إذا كان الرجوع من المعير يلحق ضرراً بالمستعير كأن يزرع الأرض فيرجع قبل أن يحصد المستعير، فتترك الأرض بيد المستعير وللمعير أجرة المثل، وعلى نحو هذا جرى قانون المعاملات المدنية؛ فقد نصّت المادة (610) على أنّ "الإعارة عقد غير لازم، ولكل من الطرفين إنهاؤه متى شاء ولو ضرب له أجل"، ونصّت المادة (615) على أنّه "1-إذا كانت الإعارة مؤقتة بأجل نصّاً أو عرفاً فرجع المعير فيها قبل حلول الأجل ولحق المستعير ضرر بسبب ذلك لزم المعير تعويضه عن ضرره، 2-إذا كان الرجوع يجعل المستعير في حرج كالرجوع في واسطة النقل المعارة للسفر خلال الطريق أو الرجوع في الأرض المعارة للزرع بعد زرعها قبل الأجل كان للمستعير حق استبقاء العاريّة إلى أن يزول الحرج لقاء أجر مثلها عن المدة التي تلي الرجوع".
ثانياً: فيما يتعلق بندب الخبير: "من المقرّر قانوناً طبقاً للمادة (82) من قانون الإثبات أنّ "للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أن تستعين بأهل الخبرة لتحقيق واقعة معينة في الدعوى أو إبداء رأيهم فيما يطرح فيها من مسائل فنية أو متخصّصة دون المسائل القانونية" كما أنّ لها طبقاً للمادة (104) من القانون ذاته أن تأخذ برأي أهل الخبرة الذي تطمئنّ إليه، مع كونه لا يقيّد المحكمة طبقاً للمحادة (103)، ومن المقرّر قضاءً أن لمحكمة الموضوع إذا اقتنعت بما جاء في تقرير الخبير ورأت أنه يتضمن الرد على مزاعم الخصوم وأخذت به أن تكتفي بمجرد الإحالة إليه في أسباب حكمها ويصبح هذا التقرير جزءاً متمّما للحكم ويعتبر الحكم معه مسببا تسبيبا كافيا وليس على المحكمة أن ترد بأسباب خاصة على الطعون الموجهة إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد إن لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، كما أنّه من المقرّر قضاء "أنّ لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تكييف طلبات الخصوم وفهم الدعوى على حقيقتها بما تتبيّـنه من وقائعها وأن تنـزل عليها وصفها الحق دون أن تتقيد بتكييف الخصوم".
المبدأ من كلِّ ذلك:
"يحوزُ للمعير الرجوع في العاريّة".
"لا يستحق المعيرُ أجرةً عن استخدام المستعير للعاريّة".

وللاطلاع على تفاصيل #الحكم_القضائي فهو في الملف المرفق أعلاه.


حكم قضائي، عارية، رجوع في العارية، أجرة، قيمة البناء، خبير، صلح.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع