قبس من قوله تعالى: قل كونوا حجارة أو حديدا
مسعد عامر سيدون المهري | Musaad Amer Saidoon Almahry
04/04/2023 القراءات: 464
سورة الإسراء تكشف اللثام عن أبرز قضايا القران الكريم التي اثارها في المجتمع المكي، مثل الإسراء إلى بيت المقدس، وكسر قانون الزمان والمكان بالعرف البشري في ذلك الزمان على الاقل، وهذه الآية ابتلاء للمؤمنين ليزدادوا إيمانا ، أما الذين غلب عليهم الشك فزادوا حيرة وضلالا، لذا تذكر السيرة أن قريش لما سمعوا هذا النبأ العظيم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له أن صاحبك يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس، فماذا كان رد ابي بكر؟ هل فكر وتردد ؟ أم هل عبس وبسر؟ أم هل أدبر واستكبر؟ كلا! وانما قال كلمة واحدة اكسبته لقب الدهر، قال: صدق .. فسمي رضي الله عنه الصديق .
لسنا في حاجة أن نقف كثيرا عن هذه المسألة التي أُشبعت بحثا ودراسة ووعظا .. وإنما الذي دعاني ولفت نظري آيات عطرة من سورة الإسراء قرأها الامام في تراويح الليلة، فتوقفت عندها ورأيت فيها عجبا.
تناولت قضية كونية كبرى، تمحورت حولها آيات القرآن كله من أوله إلى اخره، وهي قضية البعث بعد الموت، هذه المسألة التي نفتتن بها كل مرة ، ويساورنا الشك ونحن عامة الناس ، كما يساور الفلاسفة الكبار الذين ناقشوا هذه المسألة ، كما ساورا اعلام الكفر والزيغ، فتمادوا في تحدي الوحي وجحوده ومحاربة القائمين به من رسل وانبياء ومصلحين ، القرآن في هذه السورة يقدم المسألة على طبق الاستفهام الذي يثير العقل فيدعوه الى التأمل وهو ينقل هنا حجة واهية من حجج أئمة الكفر التي ترى استحالة البعث بعدم تتمزق الأجساد في التراب فتبلى، وتفنى.. يقول القران حاكيا حجتهم( وقالوا اإذا كنا عظاما ورفاتا ، أإنا المبعوثون خلقا جديدا. قل كونوا حجارة أو حديد أو خلقا مما يكبر في صدوركم،) هنا لان خطابهم إلى حد ما ( فسيقولون من يعيدنا) وكأنّ الإنكار هنا لا مبرر له إلا الاستكبار فقط ، فيجيء الرد مباشرة ( الذي فطركم اول مرة) هنا نرى حدة الكبر والتحدي تنزل عن المستوى السابق ، فيتمسكون بالساؤل عن موعد البعث، وقد استخدم القران كلمة موحية تدل على هذا التنازل والخضوع لقوة الحجة والبرهان ( فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون متى هو ، قل عسى أن يكون قريبا، يوم يدعوكم فستيجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ).. يقول السعدي عند هذه الآيات :
فسبحان من جعل خلقا من خلقه ، يزعمون أنهم أولوا العقول والالباب، مثالا في جهل أظهر الاشياء ، واجلاها، واضحها براهين، وأعلاها، ليرى عباده، أنه ما ثم الا توفيقه وإعانته، أو الهلاك والضلال.
القران، الاعجاز، البعث
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع