مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (9)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


03/03/2024 القراءات: 144  


معنى رمضان والصيام
في السنة الهجرية القمرية، اثنا عشر شهرا، تبتدئ بالمحرَّم، وتنتهي بشهر
ذي الحجة، قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [سورة التوبة، آية (36) ] وشهر رمضان، هو الشهر التاسع في ترتيب هذه الأشهر، وهو مشتق من الرمض، والرمضاء، وهي شدة الحر، والرمض: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره، وقد ذكرت أسباب عديدة لتسمية هذا الشهر برمضان:
منها: أن العرب لما نقلت أسماء الشهور من اللغة القديمة، سموها بالأزمنة التي هي فيها، فوافق تسمية شهر رمضان بهذا الاسم أيام رمض الحر وشدة فسمِّيَ به.
وقيل: إن زمن فرضه وتشريعه وافق شدة الحر فسمي به أيضا، وقال بعضهم: إنه اسم وضع لغير معنى.
وعلل بعضهم هذه التسمية بخاصية رمضان، فإنه يرمض الذنوب ويحرقها، فلا يُبقي منها شيئا، وروي هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره، وجاء حديث بهذا المعنى ولا يصح.
ويجمع على: رماضانات، ورماضين، وأرمضاء، وأرمضة، وأرمض.
وقد تعددت أسماء شهر رمضان عند المسلمين، لما له من مكانة خاصة، وقُدْسِيَّة عظيمة في نفوسهم، لما يرجون فيه من الأجر والثواب، من المتفضل الوهاب، فهو شهر الصيام، وشهر الصبر، وشهر العتق من النيران، وشهر القيام، وشهر الإحسان، وشهر إجابة الدعاء، وشهر الخيرات، وشهر الجود، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، وشهر المواساة.
ودخول شهر رمضان، يوجب على المسلم البالغ العاقل المقيم الخالي من الموانع أن يمسك في نهاره من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس عن المفطرات كلها، وهذا يسمى بالصيام، فالصيام في اللغة، الإمساك عن الشيء وتركه، ومنه قول النابغة الذبيانيّ:
خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللُّجما
والمراد بالصائمة: الممسكة عن الصهيل.
ومن هذا، اشتق معنى الإمساك عن الكلام، قال تعالى:- حكاية عن مريم عليها السلام- {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً} [سورة مريم، آية (26) ] أي نذرت صمتا وإمساكا عن الكلام فلن أنطق بأي كلام، ويؤيده قراءة أبَيٍّ رضي الله عنه: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً صَمتاً} بالجمع بين اللفظين، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ. صَمتاً}
والمسلم في صيامه مأمور بالإمساك عن المفطرات الحسية، وكذلك منهي عن النطق والكلام والتفوه بكل ما يخدش صومه، أو من شأنه أن يقلل أجر صيامه أو ينقصه، من سائر أنواع الكلام المحرم والمنهي عنه، كالكذب، والسباب والشتم، والغيبة والنميمة، والفحش في القول، والمراء والجدال الذي يا يترتب عليه إلا الحطُّ من حسناته، وزيادة سيئاته، لذلك فإن الصوم عن الكلام الرديء، من الأمور الأساسية التي أمر بها الصائم، حتى لا يؤدِّي كلامه هذا إلى النفور، الموصل إلى الفسق والفجور، فصوم الأتقياء، الذين ينشدون الكمال في صيامهم، وتشرئب أعناقهم إلى الوصول إلى الدرجات العليا للصائمين، هو أن لا يكون صمتهم إلا فكرا، ولا كلامهم ونطقهم إلا قرأءة وذكرا، واعتافا بفضل الخالق وشكرا.


يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (9)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع