مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 السرايا بعد غزوة أحد

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


08/03/2023 القراءات: 599  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 السرايا بعد غزوة أحد

بقدر ما كان انتصار بدر ذا أهمية كانت هزيمة أحد درساً للمسلمين في لزوم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعدم التكالب علي عرض الدنيا ، ولقد كان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص أختبر الله به المؤمنين وأمتحن المنافقين وكشف خبيئتهم مما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاط منهم بعد ذلك

وكان من أثار غزوة أحد أنها جرأت علي المسلمين بعض البدو المجاورين للمدينة وفتحت لهم أبواب الأمل في الإغارة علي المدينة ، وانتهاب أهلها فقد اعتقد هؤلاء الأعراب أن غزوة أحد قد غيرت ميزان القوة لغير صالح المسلمين ولقد أدرك النبي صلى الله عليه و سلم حرج الموقف ودقته فأخذ أهبته وأستعد لكل طارئ

وكان أول من أراد انتهاز هذه الفرصة والإغارة علي المدينة هم بنو أسد ،حلفاء قريش ، فلم ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم ، وسارع إلى إرسال سرية يقودها أبو سلمة رضي الله عنه في مائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار وأمره بالسير إلى أراضى بني أسد فسار في هلال المحرم من السنة الرابعة للهجرة حتى بلغ جبل لبني أسد شرقي المدينة ، فأغار عليهم فهربوا من منازلهم وهكذا رد الله كيد المشركين وكانت الدائرة عليهم وغنم المسلمون ما وجدوه من إبل وغنم فأخذوها وساقوها إلى المدينة التي وصلوها بعد أحد عشر يوماً من خروجهم منها


🔖 حادثة الرَّجِيع‏

وفي شهر صفر من السنة الرابعة من الهجرة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من قبائل " عَضَل" و "قَارَة " ، وذكروا - كذبا - أن فيهم إسلاماً، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث معهم من يعلمهم الدين، ويقرئهم القرآن، فبعث معهم عشرة من أصحابه رضوان الله عليهم ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت رضي الله عنه

فذهبوا معهم، فلما كانوا بالرجيع ـ وهو موضع ماء لهُذَيلِ بين عسفان ومكة ـ غدروا بهم واستصرخوا عليهم حياً من هذيل يقال لهم‏:‏ بنو لَحْيَان، فتبعوهم بقريب من مائة مقاتل ، واقتصوا آثارهم حتى لحقوهم، فأحاطوا بهم ، وقالوا ‏:‏ لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً‏

فأما عاصم رضي الله عنه فأبي النزول وقال :" أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر "، فقاتلوهم حتى قتلوا عاصما رضي الله عنه وستة من أصحابه ، وبقي خُبَيب وزيد بن الدَّثِنَّةِ ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق مرة أخري، فنزلوا إليهم ولكنهم غدروا بهم وربطوهم ، فقال الرجل الثالث ‏:‏ هذا أول الغدر، وأبي أن يصحبهم، فقتلوه ، وانطلقوا بخبيب وزيد رضي الله عنهما فباعوهما بمكة، وكانا قتلا من رؤساءهم يوم بدر

فأما خبيب رضي الله عنه فقد اشتراه بنو الحارث بن عامر ، ليقتلوه بالحارث الذي كان خبيب رضي الله عنه قد قتله يوم بدر، فمكث عندهم أسيرا حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث، ليستحد بها فأعارته، وغفلت عن صبي لها فجلس على فخذه، ففزعت المرأة لئلا يقتله انتقاماً منهم ، فقال خبيب رضي الله عنه : أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله تعالى. فكانت تقول: ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد وما كان إلا رزق رزقه الله

ثم أجمعوا على قتله ،فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم، فلما أجمعوا على صلبه قال ‏:‏ "دعوني حتى أركع ركعتين" ، فتركوه فصلاهما، فلما سلم قال‏:‏ "والله لولا أن تقولوا‏:‏ إن ما بي جزع من الموت لزدت"، ثم قال‏:‏ "اللهم أحْصِهِمْ عَدَدًا، واقتلهم بَدَدًا ، ولا تُبْقِ منهم أحدا " ، فكان هو أول من سَنَّ الركعتين عند القتل ، ثم صلبوه ووكلوا به من يحرس جثته، فجاء عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه ، فاحتمله ليلاً، فذهب به فدفنه

وأما زيد بن الدثنة رضي الله عنه فاشتراه صفوان بن أمية وقتله بأبيه (أمية بن خلف الذي قتل ببدر)، وقد سأله أبو سفيان قبل قتله: أنشدك الله يا زيد أتحب محمداً الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟ فقال:" والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي"
فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً


وبعثت قريش إلى عاصم رضي الله عنه ليؤتوا برأسه ، فبعث الله عليه مثل الظُّلَّة من الدَّبْر ـ النحل ـ فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء‏.‏ وكان عاصم رضي الله عنه أعطي الله عهداً ألا يمسه مشرك ولا يمس مشركاً‏.‏ وكان عمر رضي الله عنه لما بلغه خبره يقول‏:"‏ يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته" ‏.‏


سلسلة السيرة النبوية 🔻 السرايا بعد غزوة أحد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع