مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (174)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


08/05/2024 القراءات: 483  


-تعليق على بيت:
قال الشيخ الدردير في "الخريدة البهية":
منزهٌ عن الحلول والجههْ ... والاتصالِ الانفصالِ والسَّفهْ
وعندي أن قولنا: إن الله منزهٌ عن السفه، غير مناسب، وإن كان منفيًّا. ويمكن أن نقول:
منزَّهٌ عن الجهات والحلولْ ... والوصل والفصل، كذلك نقولْ
السفه كلمة غير جميلة حتى وإن نفيناها، لو جئنا إلى البشر وقلنا: إن فلانًا ليس سفيهًا، فهذا لا يناسب في مقام المدح والثناء أو الوصف، وإنما نقول: فلان في غاية العقل والتصرف السليم الجميل، وأيضا الشاعر يقول:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل هذا السيف خير من العصا
الله عز وجل متصفٌ بجميع صفات الكمال ومنزهٌ عن النقائص، هكذا نقول بصورة عامة، أمّا أن نقول منزه عن السفه، فهذا لا أراه لائقًا، وهذا الذي اقترحتُه ربما يكون أفضل.
فإن قيل: الله تعالى نفى العبث عن نفسه: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا) والسفه من جنس العبث؟
فالجواب: أن السفه خفة العقل، وهي صفة ذات، والعبث صفع فعل، ونفي هذا غير نفي ذاك. ثم نحن في مقام العبودية لا نسمح لأنفسنا أن نتجاوز في الألفاظ، ونقف عند الوارد، ونعظم الله تعالى، ولا نقيس أنفسنا وألفاظنا على الله، والله تعالى عاب على مَن يظن ذلك الظن، ونحن لا نقول: إن الله لا يعبث. جل الله.
***
-طريق الفرح:
‏قال عطاء رحمه الله: "إنَّ الرجل إذا قام من الليل يتهجدُ أصبح فرِحًا يجد الفرح في قلبه". التهجد لابن أبي الدنيا (٢٠).
***
-العلم تفاعلٌ:
"العلم أخْذٌ وعطاءٌ، أو تحمُّلٌ وأداءٌ، إلى جانب القريحة والذكاء، وعلى قدر تنوُّع الثمرات والزهور التي يرتادها النحل، يأتي رحيقُه شرابًا مختلِفًا طعمه وألوانه".
"ابن جُزي ومنهجه في التفسير" (1/ 267).
***
-كتابان لابن الأثير:
قال ابن عاشور يقارن بين كتابي ابن الأثير (ت:630) في مقالٍ له نشر بمجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد (36)، سنة 1381هـ/ 1961م (العدد 4، ص 672 - 677): "... "المثل السائر" يُفيدُ الصناعةَ العملية، و"الجامع الكبير" يفيد الصناعة النظرية ... و"المثل السائر" أمتعُ للناظر، و"الجامع الكبير" أجمع للخاطر. وكلاهما لا بدَّ منه، ولا غنى للأديب عنه".
نَشر هذه الفائدة الدكتور إسماعيل الزيدي.
***
-لعنة التفوق:
يقول بعضُ الناس في ناجحٍ متفوقٍ فُوِّقتْ إليه سهامُ نقدٍ مغرضٍ وإشاعةٍ كاذبةٍ: أصابته لعنةُ التفوق. وهذا التعبير غير مقبولٍ إطلاقًا، وهو تعبيرٌ مستوردٌ، ولا ينبغي وصفُ أحد باللعنة إلا ما جاءتْ به النصوص، ولا يحسنُ هذا في غير ذلك، وكان يمكن أنْ يُقال عن المحسود: إنه يدفع ضريبةَ التفوق، أو ثمنَ التفوق والتقدُّم على الآخرين.
***
-كتاب في ليلة:
قال المؤرخُ المقريزي (766- 845) في آخر كتابه الرائع "إغاثة الأمة بكشف الغمة" (ص: 159): "تيسّر لي ترتيبُ هذه المقالة وتهذيبُها في ليلة واحدة من ليالي المحرَّم سنة ثماني وثماني مئة". وكان في الثانية والأربعين من عمره.
وهذا الكتاب مِنْ كتب الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
***
-تصرُّف في عنوان:
مِن فهارس الكتب: "أسماء الكتب" لرياضي زاده (ت: 1078)، وقد نشرَه د. محمد التونجي، وأضاف على العنوان جملةً وهي: "المتمم لكشف الظنون". وهذه التتمة تُشعر أنَّ الكتاب ذيل على "كشف الظنون"، وليس الأمر كذلك، وهو كتابٌ مستقلٌّ، وما كان للناشر أنْ يضيف هذه الإضافة المُوهمة. واليوم لا يُذكر العنوان إلا بهذه الإضافة، وهكذا الخطأ يشيعُ وينتشرُ ويصعبُ إيقافُ امتداده.
***
-ترتيب كتب السيوطي في الأذكار:
للسيوطي:
-"الكلم الطيب والقول المختار في المأثور من الدعوات والأذكار"، فرغ منه يوم الجمعة (7) من شعبان سنة (874). وكان يُقرأ عليه، ومِنْ ذلك قراءته في مجالس آخرها يوم الخميس (3) من شعبان سنة (883).
وقد ذكر فيه دعاءَ (غسل الأعضاء في الوضوء) (ج 9 من مجموع رسائله/ 258-259).
-ثم رجعَ -فيما يبدو لي- عن ذكر هذا الدعاء في الوضوء، وكتب: "الإغضاء عن دعاء الأعضاء". وهذه اللفظة: "الإغضاء" تُشعر بذلك.
-ثم كتب "تحفة الأبرار بنُكت الأذكار" وذكرَ تلك الدعوات، وتابع النوويَّ وابنَ حجر في عدم ثبوتها وقال (9/ 181): "وقد ألَّفتُ في ذلك جزءًا سمَّيتُه "الإغضاء عن دعاء الأعضاء" بسطتُّ فيه الكلامَ بسطًا شافيًا". فهذا صريحٌ أن تأليف "تحفة الأبرار" بعد "الإغضاء".
-ولم يَذكر هذه الدعوات (أعني أذكار أعضاء الوضوء) في كتابه "وظائف اليوم والليلة"، فلعله ألّفه بعد تلك الكتب.
بينتُ هذا لكيلا يقع القارئ في اضطرابٍ في فهم موقف السيوطي من تلك الأذكار في الوضوء.
***
-سود العين:
قلتُ لأخٍ كان يكتب وترَكَ حرفَ العين مجوّفًا كأنه غينٌ: سوِّد العينَ فإنَّ أجمل العيون السود.
***
-تنبيهات على كتب لابن الجوزي:
نُشِرَ لابن الجوزي في (المكتبة الشاملة) فيما نشر:
• اللطائف. وصواب العنوان: اللطف.
• تاريخ بيت المقدس. وهذا ليس له، ولي في ذلك بحث خاص موسع.
• المقلق. وهذه النسخة المنشورة هي عن طبعة مصر، وهي طبعة ناقصة مضطربة الأوراق محرفة رديئة جدًّا. ولي فيما يتعلق بتلك الطبعة مقال بعنوان: "قولٌ نُسِب إلى الإمام أحمد بن حنبل وهمًا"، وهو منشور.
***
-تعديل بيت شعر:
جاء في كتاب "تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي" (ص: 5):
"كنتُ كالكتاب أخفاه طي ... "
والصواب: كنتَ مثلَ الكتاب. جاء في «أمالي القالي» (1/ 209):
«وكان أبو بكر بنُ دريد يَستحسن قول أبي نواس فِي هذا المعنى:
لا جزى اللهُ دمعَ عيني خيرًا … وجزى اللهُ كلّ خير لساني
نمَّ دمعي فليس يكتمُ شيئًا … ورأيتُ اللسانَ ذا كتمانِ
‌كنتُ ‌مثل ‌الكتاب ‌أخفاه طيٌّ ... فاستدلوا عليه بالعنوانِ».
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع