رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (48)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
13/09/2023 القراءات: 876
إكمال مقدمة
سقطت الورقة الأولى من مخطوط "الأربعين الصحيحة فيما دون أجر المنيحة" ليوسف بن محمد السُّرَّمري (ت: 776) في برلين، وطُبع ناقصًا، وعثرتُ على نسخة أخرى فاستدركتُ الساقط منها، وهو:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله على نِعمِه الباطنة والظاهرة، ومنحِهِ الماضية والحاضرة، حمدًا أشهد به عطاياه الوافرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدَّخرها للآخرة، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله المستخرجُ من الأصلاب الزكيّة والأرحام الطاهرة، صلى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه أولي المناقب الفاخرة.
وبعدُ: فإني تأملتُ الحديث الذي رواه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أربعون خصلة، أعلاها منيحة العنز، ما مِن عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله الجنة.
وإنَّ حسان بن عطية -رحمه الله- هو راوي هذا الحديث عن أبي كبشة عن عبدالله بن عمرو قال: فعددنا ما دون منيحة العنز مِن رد السلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق، ونحوه، فما استطعنا أنْ نبلغ خمسة عشر خصلة.
وهذا الحديثُ قد أخرجه البخاري في "صحيحه" كما سقناه، فرأيتُ في القوةِ -والحمد لله- الإتيانَ بأربعين خصلة وأكثر في أربعين حديثًا مِن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلا وقد ذكر في حديث أمثاله، ألم تره قال: "أربعون خصلة" نكرة غير معرَّفة ولا محصورة في أربعين معينة، إذ لو عرّفها للزم الإتيانُ بالمعرَّفة مع ثبوته، فلما كان الأمر كذلك جاز أنَّ كلَ مَن عمل أربعين خصلة بالصفة المذكورة كان قد أتى بالمقصود منها. ثم الخصال التي ورد فيها الأجر والثواب (.........) يظهر لي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أربعين مبهمة ليسارع كلُّ ذي همة عالية (.......) غير التي جمعها مَن تقدَّمه؛ لتكثير العلم في أمتهِ والعامل به، فاستخرتُ الله تعالى في جمع أربعين حديثًا".
***
الفوائد البهية ليس لابن قطلوبغا
جاء في "الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف" إعداد الأستاذ محمد أسعد طلس (ص ج) نسبة "الفوائد البهية في تراجم الحنفية" إلى ابن قطلوبغا. وهو خطأ، فالفوائد البهية لعبدالحي اللكنوي. وعنوان كتاب ابن قطلوبغا: تاج التراجم.
***
أعلام العراق ليس للآلوسي
وجاء في "الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف" (ص ج) أيضًا نسبة هذا الكتاب: "أعلام العراق" للآلوسي، وهو خطأ فالكتاب للشيخ محمد بهجة الأثري، ترجم فيه لشيخه الشيخ محمود شكري الآلوسي والأسرة الآلوسية.
***
عبارة فاسدة
قال بعض الناس:
(نرجو الله أن يمنح العافية والسلامة لأهلنا في المغرب، وأن يساعدهم على التعافي من هذه الكارثة بأسرع وقت ممكن).
وكأن إمكانّ هذا لله يكون في وقت دون وقت.
وهو تعبير فاسد يجب اجتنابه.
والصواب إسقاط هذه الكلمة: (ممكن).
***
ضرورة التثبت:
أرسل أحد الإخوة رسالة، هي لوحة مصممة، كُتِب فيها:
(قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
مِن رحمة الله بعبده أن يبتليه ببلاء لا يستطيع البوح به، ولا يجد مَن يفهمه في تفاصيله، حتى لا يكون في قلبه تعلقٌ بأحد غير الله يشكو إليه.
الوابل الصيب ص: ٣٥).
ولا أخفيكم أنني استشعرتُ استغرابًا في نسبة هذه الكلمة بهذه الألفاظ والتركيب إلى ابن القيم. ورجعتُ حالًا إلى طبعتين من "الوابل الصيب" فلم أجدها، ثم بحثتُ في الشاملة بحثًا عامًّا فلم أجدها أيضًا، فمن أين جاءت؟
ولو نُشرت من غير عزو لكان الشك ظاهرًا، أما ذكر المصدر فإنه يجعل عامة القراء يثقون بهذه النسبة.
والله المستعان.
***
كيف تجعل الزمن جيدًا:
قال الأستاذ محمد أبو موسى في الجامع الأزهر عام (2017):
"عليك أن تنجز أجلَّ الأعمال في أسوأ الأزمان؛ لأن أسوأ الأزمان لن تتغيَّر إلا إذا أنجزت فيها أحسن الأعمال، ولأن الزمن السيئ لو جعلك سيئًا فسوف يستمرُّ السوء، اقطع نِياط الزمن السيئ بأن تنجز فيه أعمالًا كريمة..
لا تَعِشْ تبكي على الأطلال؛ لأن الذين بكوا على الأطلال ماتوا وبقيت الأطلال أطلالًا.. دموع البكاء على الأطلال لم تُحْيِ طللًا، وإنما العزيمة الحذَّاء هي التي تُغيِّر، ليس البكاء ولا الشكوى ولا النُّواح، وإنما الحَزْم القاطع، والعَزْم القاطع، والإنجاز القاطع.. نحن تعلَّمْنا الشعر، ولكن بقيتْ مثلُ هذه الأشياء النافعة أعلِّمها لطلابي".
***
النفس عمياء:
"إنَّ النصح أولى ما تعامَل به رفيقان، وتسامرَ به صديقان، وقلما دامت اليوم صحبة إلاّ على مداهنة، وكلُّ إنسان يقبل النصح مِن غيره لا مِن نفسه؛ لأنَّ النفس عمياء عن عيوبها، بصيرة بعيوب غيرها".
روح القدس في محاسبة النفس لابن العربي.
***
الألم والتكفير:
قال الإمامُ ابن رجب الحنبلي البغدادي (ت: 795) رحمه الله تعالى:
«ولا ريب أنَّ إسباغ الوضوء في شدة البرد يشقُّ على النفس وتتألمُ به، وكلُّ ما يؤلم النفس ويشق عليها فإنه كفارة للذنوب وإن لم يكن للإنسان فيه صنعٌ ولا تسببٌ، كالمرض ونحوه كما دلت النصوصُ الكثيرةُ على ذلك.
وأما إنْ كان ناشئًا عن فعلٍ هو طاعة لله تعالى، فإنه يُكتب لصاحبه به أجرٌ، وترفعُ به درجاته كالألم الحاصل للمجاهد في سبيل الله تعالى، قال الله عز وجل: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئًا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلًا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) [التوبة: 120].
وكذلك ألم الجوع والعطش الذي يحصل للصائم، فكذا التألم بإسباغ الوضوء في البرد، ويجب الصبر على الألم بذلك، فإنْ حصل به رضى، فذلك مقام خواص العارفين المحبين».
تفسير ابن رجب (2 /157-158).
***
خمسة بخمسة:
روى الخطيبُ في «تاريخ مدينة السلام» (8/ 218) بسنده إلى المُزني قال:
"سمعتُ الشافعي يقول:
مَن تعلم القرآن عظمتْ قيمته.
ومَن نظر في الفقه نبل مقداره.
ومَن تعلم اللغة رق طبعه.
ومَن تعلم الحساب تجزل [كذا، وفي مواضع: جزل] رأيه.
ومَن كتب الحديث قويت حجته.
ومَن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه".
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مَن تعلم القرآن عظمتْ قيمته. ومَن نظر في الفقه نبل مقداره. ومَن تعلم اللغة رق طبعه. ومَن تعلم الحساب تجزل [كذا، وفي مواضع: جزل] رأيه.ومَن كتب الحديث قويت حجته.... >>>>>>>>>> فكيف بمن أخذ من هذا كله؟؟؟ .......... ربِّ زدني علما
من أخذ من هذا كله فذاك الكامل...
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة