مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (116)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


31/12/2023 القراءات: 301  


الحصون الثلاثة:
قال أبو خلاد البصري: من دخل في الإسلام، دخل في حصن، ومن دخل المسجد، فقد دخل في حصنين، ومن جلس في حلقة يذكر الله عزّ وجلّ فيها، فقد دخل في ثلاثة حصون.
أ.د سعدي الهاشمي. مكة المكرمة.
قلت: والقول في «الوابل الصيب» (1/ 206).
***
مسلسلات التيمي ليس للسيوطي:
نُسب إلى السيوطي في الفهارس العامة لمجموعة رسائله الحديثية (11/ 844 ط دار اللباب) "مسلسلات التيمي"، وأحيل إلى (8/ 750).
وحين نرجع إلى الموضع المحال عليه نجد قول السيوطي في كتابه "الإسفار عن قلم الأظفار": "ورويناه مسلسلًا في مسلسلات التيمي". أي أن ذلك الحديث وارد في مسلسلات التيمي، ورواه السيوطي في روايته لذلك الكتاب، لا أن الكتاب له. وهذه عبارةٌ يكثر ورودُها في كلام العلماء فيجبُ الانتباه إليها.
***
الزهرات!
نُسب إلى السيوطي في الفهارس العامة لمجموعة رسائله الحديثية (11/ 844 ط دار اللباب) كتاب بعنوان: "الزهرات"، وأحيل إلى (9/ 143).
ورجعتُ إلى الموضع المحال إليه، فخطر لي أن الصواب: "المزهر"، ففيه -أي "المزهر"- كلامٌ يشبهُ ما أراده السيوطي من تلك الإحالة.
ولم يُذكر للسيوطي كتابٌ بعنوان: "الزهرات". والله أعلم.
***
المدرسة الشعبانية في حلب:
-جاء في "تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر" (1/ 223): عُين مدرسًا في المدرسة الشعبانية.
-إمام في الشعبانية خمسين سنة. إعلام النبلاء (7/ 13).
-ناسخ اسمُه عبدالحميد خطيب "الشعبانية" سنة (1288). انظر فهرست مخطوطات الظاهرية / التصوف (2/ 490)، (2/ 576).
ويُجرد "إعلام النبلاء"، و"نهر الذهب"، وينظر "النفحة المسكية في الرحلة المكية" للسويدي البغدادي.
***
سقوط حرف غيّر الحُكم:
جاء في "فتاوى التمرتاشي" (2/ 738): "قال: واعلمْ أن مسائلهم هنا تدلُّ على [أنَّ] مَن استحل ما حرّمه اللهُ تعالى على وجه الظن لا يكفر. وإنما يكفر إذا اعتقد الحرام حلالًا، لا إنْ ظنّه حلالًا، ألا ترى أنهم قالوا في نكاح المحارم: لو ظنَّ الحلَّ فإنه [لا] يُحد بالإجماع، ويُعزر، كما في "الظهيرية" وغيرها، ولم يقل أحدٌ إنه يكفر، وكذا في نظائره".
وما وضعتُه بين معقوفين سقط في الطبع، وقد تغير الحكم في الموضع الثاني تمامًا.
***
الورع في البيع والشراء:
انظر أخبارًا رائعة في ذلك في "صفة الصفوة" لابن الجوزي وردتْ عن هؤلاء السادة:
-مجمّع بن يسار (3/ 108).
-محمد بن سيرين (3/ 244).
-محمد بن واسع (3/ 270).
-يونس بن عُبيد (3/ 302).
-حسان بن أبي سنان (3/ 337).
-عبدالرحمن بن مهدي (4/ 6).
***
بيت علم وصلاح:
شمس الدين محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني الشهير بالخطيب: بيته بيت علم ودراية، ودين وولاية، كعمه، وأبيه، وجده، وجد أبيه، وولديه: محمد، وأحمد، وحفيده، وحفيد حفيده.
شجرة النور الزكية (١/ ٢٣٦).
اللهم ذرية كهذه.
محمد رشيد محمد عياش.
***
أخطأ الحلبي وأصاب:
تناول الشيخ محمد بدر الدين الحلبي في كتابه "التعليم والإرشاد" (ص: 92-94) جلالَ الدين السيوطي بقسوة، فقال:
"وطريقته -رحمه الله تعالى- على ما علمناه من استقراء كتبه، أنه كلما وقع إليه كتابٌ من الكتب في أي فنٍ من الفنون واستحسنه اختصرَه ونسبَه إلى نفسه بدون تمييزٍ بين غثٍّ وسمينٍ، ولا وقوفٍ على حقائق العلوم، ولذلك تراه مضطربًا في كتبه، لأنه لا يُحكم فكر نفسه، وإنما يحكم في كل كتابٍ فكرَ مؤلِّفه هو، فيضيفه إلى نفسه ببعض تصرُّفٍ يُحدثه في الكتاب.
وإنْ كنتَ قد قرأتَ في كتابه الذي سمّاه: "الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير"، وكتابه الذي سماه: "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة"، ورأيتَ في "الجامع الصغير" كثيرًا من الأحاديث التي نصَّ في كتابه "اللآلئ" على أنها موضوعةٌ على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تصح عنه بطريقٍ من الطرق، جزمتَ بصحة هذا الذي قلناه، وعلمتَ أنه لا يؤلفُ، وإنما يلخصُ كتب الناس، وينسبُها إلى نفسه.
ولقد كان -رحمه الله- محافظًا على هذه الطريقة ملازمًا لها لا يصدُّه عنها صادٌ، ولا يمنعه منها مانعٌ، ولا يرحم فيها مؤلّفًا، ولا يشفق على مؤلّفٍ.
ولشدَّما بالغ ياقوت في خطبة كتابه "معجم البلدان" في التلطف للسيوطي وأمثاله، وأكثرَ من الاسترحام لهم أولًا، ثم تخويفهم ثانيًا؛ لئلا يمسخوا له كتابه فقال: "ولي على ناقل هذا الكتاب، والمستفيد منه، أن لا يضيع نصبي، ونَصْبَ نفسي له وتعبي، بتبديد ما جمعتُ ...".
فما رقَّ السيوطي لاستعطافه، ولا رثى لبكائه، ولا خاف عاقبة ما حذره منه، فاختصر كتاب "معجم البلدان" بكتابٍ سماه: "مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع" اختصارًا فاحشًا، تركه كفهرسٍ لأسماء البلدان والمواضع، وجرده من كل الفوائد التي ملأ بها صاحب "المعجم" كتابه، كضبط أسماء البلدان، وبيان معانيها، وبيان اشتقاقها، وذكر قسمٍ من تاريخها وآثارها وخواصها وعجائبها، ومن فتحها من المسلمين، وكيف كان فتحها صلحًا أو عنوةً، ومَن نسب إليها من أهل العلم والصلاح، وما قيل فيها من الأشعار، فكان مختصر السيوطي خلوًا من كل فائدةٍ". انتهى كلام الحلبي.
قلتُ:
كتاب "مراصد الاطلاع" ليس للسيوطي، وقد تبع المؤلفُ الحلبيُّ كلامَ حاجي خليفة فأخطأ، انظر: "مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع ليس للسيوطي" مقال منشور في شبكة الألوكة بتاريخ (2/ 2/ 2016م).
على أنَّ السيوطي شرع في اختصار "معجم البلدان" ولم يكمله.
قال في كتابه "التحدُّث بنعمة الله" وهو يعدد مؤلفاته: (ص: 159): "المُشرق والمُغرب في بلدان المَشرق والمَغرب، وهو مختصرُ "معجم البلدان" لياقوت، كُتِبَ منه كراريس".
وقال في "فهرست مؤلفاتي" كما في "بهجة العابدين" (ص: 178): "مختصر معجم البلدان لياقوت. لم يتم".
ولم تُعرف لما أنجزه منه نسخةٌ.
وبهذا يكون بدر الدين الحلبي أخطأ من جانب، وأصاب من جانب آخر.
أمّا كلامُه على طريقة السيوطي في التأليف ففيه نظرٌ طويلٌ، ولذلك موضع آخر.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع