مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي
سيكولوجية التربية والتعلم والتعليم في الاسلام
د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a
12/10/2022 القراءات: 2308
لاغروة ان التعليم يعد السبيل لبناء الحضارة واحراز التقدم الامر الذي ادركه العرب قبل الاسلام حيث كانوا يتعلمون ما يساعدهم في رحلات تجارتهم من الحساب وامور الفلك ليهتدوا بها خلال الاسفار الا انه بظهور الاسلام اصبح التعلم امرا لازما وفريضة على كل مسلم ومسلمة فانتشرت حلقات العلم بالمساجد وشجع العلماء على التعليم فخصص لهم اجور ثابتة تمكنهم من التفرغ له كماانتشرت المكتبات الكبيرة لتشهد الامة الاسلامية نهضة تعليمية كبرى كان اوجها مع افتتاح المدارس النظامية التي لن تعد مناهجها مقتصرة على المواد الدينية فحسب بل كانت جامعات حقيقية يتعلم فيها الطلاب مسائل الفلسفة والرياضيات وفنون الطب والصيدلة بشكل يماثل الاساليب التعليمية الحديثة التي عليها جامعات العالم اليوم
فالإسلام رفع من قيمة العلم والعلماء في كل عصر وزمان وفي الدنيا والاخرة فقال تعالى(يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات)المجادلة/11فالعلم يجعل الانسان اكثر خشية واجلالا لله لذا مجد الاسلام العلماء وجعل منزلتهم عالية قال جل شأنه(انما يخشى الله من عباده العلماء)فاطر/28فالإسلام ينظر الى العلم والعلماء نظرة رفعة واحترام لانهم الاسرع في تلبية اوامر الله واجتناب النواهي وهم الاسرع في ادراك الحق وتصور الامور على حقيقتها لذلك حضي العلم على اهتمام الاسلام فنزلت اول آية في القرآن لتحث على القراءة والعلم وجاء الإسلام ليحث على التعلم وامر به منذ اللحظة الاولى لنزول الدستور الرباني فقال تعالى(اقرأ باسم ربك الذي خلق)العلق/1وقال سبحانه في اول سورة نزلت مفتتحة بقسم(ن والقلم وما يسطرون)القلم/1فالأمر بالقراءة يفيد الوجوب والقسم بالقلم اشارة الى شرف العلم وعلو شأنه وأهميته في احياء القلوب وفتح العقول وانارة البصائر لطريق الحق والهدى والعدل فالقلم اداة لتسجيل مهارة الانسان التي تميز بها عن غيره من المخلوقات حيث يدون افكاره وعلمه ليبني حضارته وليفهم مايحييط به وما يجري حوله وهذا هو هدف التربية والتعليم في الاسلام هدف مزدوج ومنهج عقلاني يدفع الانسان لبناء ذاته وضمان مستقبله في الدارين وبهذا اكد الاسلام منذ ظهوره على اهمية التربية والتعلم والتعليم وامر بتعليم القراءة والكتابة وجعل تعلمهما الزاميا وأعطى فرص التعليم المتكافئة والمكفولة للجميع
ويشتمل التعليم على اربع اركان المعلم والمتعلم والمادة والطريقة فالتعليم يزود العقل بالمعارف والخبرات واعداده ليكون قادرا على الفهم والاستجابة وبناء القدرات وتكوين الاطر وتلاقي العناصر في كل متكامل فهو العملية والاجراءات بينما التعلم هونتاج تلك العملية اما المعلم فهو الذي يقوم بعملية التربية والتعليم حيث ينقل للمتعلم الطلاب المعارف والحقائق ويكسبهم العديد من الميول والاتجاهات والقيم والمهارات وهذا مايسمى بعملية التعليم كما يسعى الى احداث تغيرات عملية ووجدانية ومهارية لديهم فبالعلم والتعلم والتعليم تكتمل السيكولوجية المعرفية وبالسعي المستمر بالتربية الاخلاقية يتمكن من نفع مجتمعه بغرس الافكار والقيم الاخلاقية البناءة خصوصا القيم الاسلامية النبيلة التي تشتمل على مجموعة من المعايير والاحكام النابعة من تصورات اساسية عن الكون والحياة والانسان والإله كماصورها الاسلام فهي تلك المعايير الاخلاقية الاسلامية التي تسير عليه حياة الفرد والمجتمع ويمكن باتباعها ان يصل الى درجة الكمال فالقرآن والسنة والاجماع والقياس يعدان من مصادر هذه القيم الاسلامية والتي تمتاز بالربانية والشمولية والوسطية والابدية وبموافقتها التامة للشريعة الاسلامية فالأخلاق والعلم وجهان لعملة واحدة حيث ان العلم والاخلاق يؤهلان لأعلى المراتب ولا علم بدون اخلاق ولا اخلاق بدون علم
وهكذا نستخلص ان الاسلام اذكى جذوة المعرفة في النفوس ودفعهم الى العلم والتعلم والتعليم فلم يمضي نحو قرن حتى اخذت العلوم الدينية واللغوية توضح اصولها وترسم حدودها وكل هذا يعود فيه الفضل للقرآن الكريم في انتشار العلم ولهذا يمكننا ان نعده اصل التعليم والمرجع الاساس في العالم الاسلامي وان الحق في التعليم هو في حد ذاته حق من حقوق الانسان وفي نفس الوقت وسيلة لا غنى عنها لإعمال حقوق الانسان الاخر فالتعليم بوصفه حقا تمكينيا هوالاداة الرئيسية للهداية الى سبيل الحق والعدل والخير فالتعليم يعد من اهم الاشياء التي يجب الاهتمام بها للحصول على جيل يقود المجتمع في المستقبل بطريقة صحيحة لبناء الحضارة واحراز التقدم نحو الافضل
وبهذا نوصي بتقصي النص القرآني واسقاطه على الواقع والعبور به من مجرد التلاوة الى التفعيل وتثويره أي استخراج الكنوز منه بالتدبر وذلك بتحقيقه بدقة لأنه معجزة الله الكبرى ورسالة السماء الى الارض
كما نسجل دعواتنا الى اعادة النظر في فلسفة التعليم بالنظر اليه من زاوية انه سياسة عامة ذات اهمية خاصة لها اثار ونتائج تنعكس على بقية السياسات العامة الاخر كالتشريعية والاجتماعية والاقتصادية وان تتضمن الجوانب الثلاث من صنع وتنفيذ وتقييم السياسة التعليمية اي وضع البرنامج الوطني للسياسة التعليمية ثم تنفيذه على ارض الواقع ومن ثم تقييم ما اذا حقق هذا البرنامج النتائج المطلوبة اذ يجب ان يسبقه تحديد الاهداف التي تتحكم فيها حقائق الموارد المادية والبشرية فالخبراء يجب ان يكونوا على دراية تامة بتوجهات فلسفة المجتمع ويستخلصون منها ملامح فلسفة تربوية قابلة للتطبيق محكومة عمليا بحجم الموارد المتاحة والاهداف المطلوب تحقيقها ومن ثم عليهم ان يكونواعلى دراية بآليات التنفيذ وقدرات الجهاز التعليمي الاداري المنفذ للبرنامج والمؤسسات المختلفة التابعة له لان أية سياسة عامة لا تنفذ بطريقة جيدة سوف لا تعطي نتائج جيدة منذ البداية فضلا عن دعوتنا الى تعليم القيم الاسلامية ضمن مناهج الدراسة منذ مراحلها الاولى وتستمر الى نهايتها لأنها تعد ضرورة وقد تكون فرض عين على اهل الاخلاق والعلم واهل المسؤولية من رواد التنوير فالحاجة اليها لاتقل قيمة عن خطط الاصلاح الاخر والله اسال ان يوفقنا لما فيه الخير انه نعم المولى ونعم النصير
( سيكولوجية التربية التعلم التعليم في الاسلام )
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة