مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


العودة الى الايمان بالعقيدة الاسلامية

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


26/01/2021 القراءات: 4601  


من نافلة القول يعد علم التوحيد العلم الذي يبحث في اثبات العقيدة الاسلامية بالأدلة اليقينية سواء النقلية ام العقلية فهو يبحث في الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وسمي علم العقائد بعلم التوحيد لان اهم بحوثه هو اثبات توحيد الله ويعد هذا العلم اشرف العلوم وافضلها لأنه روح الاسلام وجوهره ولأنه يتعلق بالله تعالى وصفاته والتوحيد عقيدة فطرية لذا فان تعلم القدر الضروري منه يعد فرض عين على كل مسلم ومسلمة ليكون مقتنعا كل الاقتناع بان الاسلام هو دين الحق فعلم التوحيد يعد اهم العلوم الشرعية على الاطلاق لأنه يتعلق بالإيمان والعقيدة واساس الاسلام لذلك سماه كثير من العلماء بعلم اصول الدين لأنه يبحث في اركان الدين واعظم مبادئه واول اهدافه وغاياته وهو الايمان وان بقية احكام الدين فروع له ومبنية عليه كما عرف فيما بعد بعلم الكلام ويدرس حاليا باسم علم العقيدة
ولما كانت العقيدة الصحيحة هي اصل دين الاسلام واساس الملة لذا فإنه سيكون موضوعنا من هذه القراءات الا وهو العودة الى الايمان بالعقيدة الاسلامية اذ يحتل هذا الموضوع بتقديرنا مكانة كبيرة فهو الركيزة الاساسية لأصول الدين من التوحيد والنبوة والعدل كما يعد ايضا الجسر الذي تسير عليه اعمال الخلائق فالعمل مهما كان عظيما اذا لم يكن لوجه الله فلا قيمة له وهذا لا يتحقق الا بعد الايمان بالله وبالغيبيات ولهذا فليس من العجب ان يحتل الايمان تلك الاهمية والمكانة المهمة ويشغل حيزا كبيرا من الاهتمام القرآني فالإيمان في القرآن الكريم يتدرج توضيحه من الايمان اللغوي- الذي هو التصديق والذي اشارت اليه الآية القرآنية ( وما انت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) يوسف17 وبمؤمن لنا اي مصدق لنا - الى الايمان الاصطلاحي الذي اشارت اليه الآية القرآنية (انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون) الحجرات 15
فالعقيدة الاسلامية الصحيحة تتلخص في اركان الايمان في قوله صلى الله عليه وسلم من حديث عمر رضي الله عنه ان جبريل عليه السلام سأل النبي عن الايمان فقال له " الايمان ان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " اخرجه الشيخان مع اختلاف يسير من حديث ابي هريرة, وهذه الاصول الستة هي اصول العقيدة الصحيحة التي نزل بها كتاب الله ويتفرع عنها كل ما يجب الايمان به من اصول الغيب وجميع ما اخبر به الله ورسوله فقال تعالى:( ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين) البقرة177
ورغم هذا الاهتمام القرآني فقد اتفق اهل اللغة وعلماء التفسير على ان المراد من الايمان لغة هو التصديق بالقلب في حين اختلف العلماء حول المفهوم الاصطلاحي للإيمان وتعددت الآراء والاتجاهات الى ان الايمان هو التصديق بالقلب والاقرار باللسان والعمل بالأركان ولعظم مكانته فقد جعله الله اساس قبول الاعمال فلا عمل مقبول الا من بعد الايمان وهو هبة الله سبحانه وتعالى لمن احبه من عباده قال تعالى (فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره) الانعام 125
والمقصود بالإيمان بالله هو التصديق القاطع الجازم بوجود الله واطمئنان القلب الى ذلك اطمئنانا يترك اثره في سلوك المسلم والتزامه بأوامر الله واجتناب نواهيه وهو اهم ركن من اركان الايمان والاركان الاخرى تابعة له ومضافة اليه فالمسلم يؤمن بالله اولا ومن ثم يؤمن ببقية الاركان ويتضمن الايمان بالله الايمان بوجوده ووحدانيته ومن الايمان بالله الايمان بانه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه لكونه خالق العباد والمحسن اليهم والقائم بأرزاقهم والعالم بسرهم ونجواهم وعلانيتهم والقادر على اثابة مطيعهم وعقاب عاصيهم
ولقد عز المسلمون وانتصروا وسادوا يوم كانت عقيدتهم بالله صحيحة واصابهم ما اصابهم من الضعف والذلة والهوان واستيلاء المستعمرين على بلادهم يوم ضعفت عقيدة التوحيد فيهم ! فعلة المسلمين اليوم ضعف ايمانهم , فقد وصل المسلمون الاولون الى ما وصلوا اليه من العلم والعزة والقوة والنصر على الاعداء والخلق الكريم والفضل العظيم بقوة ايمانهم وما اصاب المسلمون اليوم من الذل والضعف والجهل والانهزام وسوء المعاملة وفساد الخلق بسبب ضعف الايمان واذا ضعف الايمان في امة ضعفت فيها الفضائل لأنها من ثمرات الايمان فكان في المسلمين الاولين الشجاعة والصدق والامانة وما الى ذلك من الفضائل وذلك بسبب ايمانهم وصار وصف المسلمين اليوم الوقاحة والخيانة وموالاة الباطل وما الى ذلك من رذائل وخصال سوء بسبب ضعف الايمان ومن اجل هذا حلت بهم النكبات وطمع فيهم الاعداء وتفرقوا وذهبت هيبتهم واصبحوا كغثاء السيل كما جاء في الحديث الشريف انه صلى الله عليه وسلم قال"يوشك ان تداعى عليكم الامم كما تداعى الاكلة الى قصعتها قالوا ومن قلة نحن يومئذ يارسول الله ؟! قال بل انتم يومئذ كثير ولكنكم كغثاء السيل ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن يارسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت" وهذا كله بسبب نقص وضعف الإيمان
ويمكننا ان نسجل من هذه القراءات العلمية المتواضعة دعوتنا المتكررة الى ضرورة العودة الى الايمان بالله وان يترجم الى سلوك وعمل فعلي بالجوارح والاركان وان يكون المسلم صادقا بقرارة نفسه بعدم مخالفة العمل والقول والايمان وان يطابق عمله الخير حقيقة ايمانه الباطن فالمجتمع الاسلامي داؤه ضعف الايمان ودواؤه العودة الى الايمان الصادق واليقين بالله الذي كان عليه المسلمون الاولون وان الانسانية الحائرة المعذبة الضالة لن تجد دواءها وهداها الا في العودة الى الايمان لأنه يتعلق بالعقيدة واساس الاسلام فليعمل الدعاة المصلحون المخلصون على رد الامة الاسلامية الى مكارم الايمان وعزة الاسلام لينقذها من حيرتها وشقائها وضلالها والله الهادي الى سواء السبيل ولقد صدق الله في قوله(قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام )المائدة 15-16


(العودة الايمان بالله العقيدة الاسلامية)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع