مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (83)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


02/11/2023 القراءات: 863  


النظارات:
قال الأديب الشاعر أحمد بن محمد بن علي الدنيسري، شهاب الدين ابن العطار (ت: 794) بعد أن كبر وضعف بصره:
أتى ‌بعد ‌الصِّبا شيبي، وظهري … رُميْ بعد اعتدالٍ باعوجاجِ
كفى أنْ كان لي بصرٌ حديدٌ … وقد صارتْ عيوني مِنْ زُجاجِ
وأنشد جلال الدين السيوطي وقد أشير عليه بوضع مرآة العين -ولم يُسمِّ قائلًا-:
لهفي على دولة التصابي ... وحُقَّ لي أنْ يزيد لهفي
كانت عيوني فوق خدي ... واليوم صارتْ فوق أنفي
وأوصى الشيخُ إبراهيمُ الشاذلي (ت: 914) بالعيون التي كان ينظر بها لتلميذه عبدالوهاب الشعراني قال: "فهي عندي إلى الآن" .
***
اقتراح تعديل:
وصل إلي هذان البيتان هكذا:
ولعلَّ ما تخشاه ليس بكائنٍ ... ولعلَّ ما ترجوه سوف يكونُ
ولعلَّ ما هوَّنتَ ليس بهيِّنٍ ... ولعلَّ ما شدَّدتَّ سوف يَهونُ
فقلت: ليت القائل قال:
ولعل ما هونتَ يأتي هينًا
فالأشطر الثلاثة فيها رجاء، فليكن الرابع كذلك، وهو أنسب للتفاؤل.
***
مجلس علمي لقراءة "الكوكب الساطع" للسيوطي، وإجازة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى
وبعـد: فقـــد عقـــد (نادي مداد في جامعة الكويت) مجلسين عن بُعد، قرأتُ فيهما من كتاب "الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع" للإمام جلال الدين السيوطي (ت: 911)، (812) بيتًا، وسمع ذلك عددٌ من الإخوة الفضلاء، والأخوات الفُضليات، وأجزتهم بروايته عني، ومنهم: «...»
وأروي هذا الكتاب إجازةً عن شيخنا الشيخ محمد ياسين الفاداني الشافعي، والشيخ عبدالفتاح أبو غدة الحنفي، والشيخ محمد بوخبزة التطواني المالكي، والشيخ عبدالرحمن الكتاني المالكي، أربعتهم عن الشيخ محمد عبدالحي الكتاني، عن الشيخ عبدالله السُّكري الدمشقي، عن الشيخ عبدالرحمن الكزبري، عن الشيخ مصطفى الرحمتي، عن الشيخ عبدالغني النابلسي، عن الشيخ نجم الدين الغزي، عن والده الشيخ بدر الدين الغزي، عن الناظم الإمام السيوطي.
نفعنا اللهُ تعالى بالعلم والعمل، وبلَّغنا مِنْ رضاهُ غاية السؤل والأمل، وأصلحَ لنا البال وحقَّقَ الأمل، وجنَّبنا الزللَ والخللَ.
وكتبَ عبدالحكيم بن محمد الأنيس لطف الله به.
دُبي: الأربعاء (17) من ربيع الآخر سنة (1445) = (1/ 11/ 2023م).
تنبيه: كانت القراءة في طبعة دار طيبة الخضراء في مكة المكرمة، بتحقيق الأستاذ علي بن حمد الصالحي، الطبعة الأولى، (1438).
***
الناس على طبقات ثلاث:
قال ابن طيفور في «كتاب بغداد» (ص: 11):
«قال أحمد بن أبي خالد الأحول: لما قدمنا من خراسان مع المأمون فصرنا في عقبة حلوان وكنت زميلَه قال لي المأمون: يا أحمد إني أجد رائحة العراق.
فأجبتُه بغير جوابه، وقلت له: ما أخلقه!
فقال: ليس هذا جوابي، ولكني أحسبك سهوتَ أو كنتَ مفكرًا.
قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
قال: فيم فكرت؟
قلت: فكرتُ في هجومنا على بغداد وليس معنا إلا خمسون ألف درهم، مع فتنة غلبتْ على قلوب الناس واستعذبوها، فكيف يكون حالنا إنْ هاج هائجٌ أو تحرك متحركٌ؟
فأطرق مليًّا ثم قال: صدقتَ يا أحمد، ما أحسنَ ما فكرت! ولكني أخبرك: ‌الناس ‌على ‌طبقات ‌ثلاث في هذه المدينة -يعني بغداد-:
ظالم، ومظلوم، ولا ظالم ولا مظلوم.
فأما الظالم فليس يتوقع إلا عفونا وإمساكنا.
وأما المظلوم فليس يتوقع أن يُنصف إلا بنا.
ومَنْ كان لا ظالمًا ولا مظلومًا فبيتُه يسعُه.
فوالله ما كان إلا كما قال».
***
الناس على طبقات ثلاث أيضًا:
قال الشوكاني في ترجمة الشيخ علي بن قاسم حنش (1143 - 1219) في «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع» (1: 473):
«من محاسن كلامه الذي سمعتُه منه: ‌
الناس ‌على ‌طبقات ‌ثلاث:
فالطبقة العالية: العلماء الأكابر، وهم يعرفون الحق والباطل، وإن اختلفوا لم ينشأ عن اختلافهم الفتن؛ لعلمهم بما عند بعضهم بعضًا.
والطبقة السافلة: عامة على الفطرة لا ينفرون عن الحق، وهم أتباع مَن يقتدون به إنْ كان محقًّا كانوا مثله، وإنْ كان مبطلًا كانوا كذلك.
والطبقة المتوسطة: هي منشأ الشر وأصل الفتن الناشئة في الدين، وهم الذين لم يُمعنوا في العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة الأولى، ولا تركوه حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة، فإنهم إذا رأوا أحدًا من أهل الطبقة العليا يقول ما لا يعرفونه مما يخالف عقائدهم التى أوقعهم فيها القصورُ فوَّقوا إليه سهام التقريع، ونسبوه إلى كل قول شنيع، وغيروا فطر أهل الطبقة السفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة، فعند ذلك تقومُ الفتنُ الدينيةُ على ساق.
هذا معنى كلامه الذي سمعناه منه، وقد صدق، فإن مَنْ تأمل ذلك وجده كذلك».
وقوله: "الناشئة" هو في «التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول» (ص: 394): «الناشبة».
***
السمعة الحسنة:
أنشدنا الأستاذ عبدالستار الشيخ مكاتبة، متمثلًا:
"المالُ يَذْهَبُ حِين نُدْفَنُ في الثَّرَى ... والـرِّزْقُ يُـقْطَعُ والهَوَا والماءُ
يَبقى وَرَاءَ المَـرْءِ حُسْنُ صَنِـيْعِهِ ... أبدًا وتَبْقَى السُّـمْعَةُ الحسنـاءُ
اللهم أحسن ختامنا واجعل خير أيامنا يوم لقائك".
***
صلاة الفجر:
قال الإمام الرازي رحمه اللّٰه تعالى: تأثير صلاة الفجر في تصفيةِ القلب وتنويرهِ أكثرُ مِن تأثير سائر الصلوات، ولهذا السبب: فإنَّ كلَّ مَن له ذوقٌ سليمٌ وأدّى هذه الصلاة في وقتها بالجماعة وَجَدَ مِن قلبه فسحةً ونورًا وراحةً. تفسير الرازي (21: 385). نقله الأستاذ الدكتور الشيخ سعدي الهاشمي حفظه الله تعالى.
***
رحلة الإنسان:
كُتب في آخر رسالة «فضل علم السلف على علم الخلف» لابن رجب (3: 39 من مجموع رسائله):
«يلوح الخطُّ في القِرطاس دهرًا ... وكاتبُهُ رميمٌ في الترابِ
خرجتَ مِنَ التراب بغير ذنبٍ ... وعُدْتَ مع الذنوب إِلى الترابِ
نقله الشيخ علوان حمود.
قلت: ويبدو أن ناسخًا أعجب بهذين البيتين فكتبهما في آخر تلك الرسالة.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


منشورات متميزة