مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (54)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


21/09/2023 القراءات: 519  


🌴بزغ الربيع:
قلت مشطرًا بيتين -وهما المقوسان- قالهما الأستاذ الدكتور عبدالرزاق مرزوك المراكشي:
(بَزَغَ الرَّبيعُ مُناجِيًا غَيْثَ الوَرى) ... وتفتحتْ مِنْ طِيبِ ذاك قرائحُ
هذي ميادينُ السّباق فقمْ لها ... (أَدْرِكْ نَسائِمَ طِيبِهِ يا مادِحُ)
(واقْطَعْ مَداهُ بِذِكْرِ أحمدَ سالِيًا) ... مَنْ جاء هذا الكنز فهْوَ الرابحُ
لا يُلهينَّك عنه رتعٌ خاسرٌ ... (فالرَّتْعُ فيه مدارِكٌ ومَنائِحُ)
دبي: الأحد (2) من ربيع الأول (1445) = (17/9/2023م).
***
وصية نافعة ماتعة:
قال الشيخ العربي المسّاري (ت تحو: 1240) يخاطبُ ابنَه لما أتى إلى مدينة فاس:
بُنَيَّ اجتهدْ واقرأ وزاحِمْ ونافسِ ... ولا تتجمَّعْ في رحاب المـــدارسِ
وكن باحثًا عن فهم كلِّ عويصــةٍ ... بذهنٍ يُرَى مستيقظًا غير ناعــسِ
وإيّاك لا تستحي واسألْ لتفهمنْ ... وكن ذا اعتناءٍ بالمعاني العرائسِ
وكسِّرْ جُموعَ اللهو واصرِمْ حبالها ... وكن في جُموع الخير أولَ جالسِ
وجانبْ قرينَ السوء والــزمْ بِعادَه ... فقربُك منه مُوقعٌ فـــي المناحـــسِ
وإنْ ضحكتْ لكَ المعاصي بثغرها ... فكنْ -ولدي- في وجهِها شرَّ عابسِ
وكن متواضعًا لنفسِك هاضمًا ... وثوبَ ذميم الكِبر كنْ غير لابسِ
وحافظْ على التقوى وصَلِّ بوقتها ... وكنْ بأكف البرِّ أوثقَ جالسِ
فخذها وصايا والدٍ لك ناصحٍ ... تدلُّ على أسنى الخصالِ النفائسِ
المصدر: ديوان العربي المسّاري (ص: 75-76)، وكُتبت القصيدة في طالعة نسخةٍ من "شرح المحلي على جمع الجوامع" في الخزانة الحسنية في الرباط. انظر: فهرس الكتب المخطوطة في علم أصول الفقه المحفوظة في الخزانة الحسنية (ص: 97-98). وجاء فيه: "وإن عنت لك المعاصي"، و: "فكن ... في وجهها". ويُصحح اللفظ الأول، ويُتمم الثاني ممّا أوردتُّه هنا.
***
في تراث الشيوخ:
-الذين علّموني: نبذ عن أساتذة د. علي فهمي خشيم منذ المرحلة الابتدائية حتى نهاية تعليمه العالي. دار مكتبة الشعب. مصراته، ليبيا، عام 2008م.
-مَنْ علَّمني للدكتور محمد أكرم الندوي.
***
مَنْ لي سواك:
مِنْ شعر الأستاذ الشاعر ابن الشاعر أبي عمر أحمد البراء بن عمر بهاء الدين الأميري الذي غادرنا يوم الأربعاء (5 من ربيع الأول سنة 1445) رحمه الله تعالى:
مَن لي سواكَ إذا ما لفَّني سَقَمُ ... مَن لي سواكَ إذا ما برَّحَ الألمُ؟
مَن لي سواكَ إذا وَجْدِي سَرى بدَمِي ... نارًا تُلَذِّعُ قَلبِي، ثم تَضْطَرِمُ؟
مَن لي سواكَ - أيا ربّاهُ - من سَنَدٍ ... ومُنيَتِي أمَلٌ يَجْتاحُهُ عدَمُ؟
ومَوطِني في الليالي حُلمُ سارقةٍ ... تلفُّه في الضُّحَى مِن ظُلمِها ظُلَمُ
مَن لي سواكَ، وخَطْوُ المَوتِ يَتْبَعُني ... وغَفلةُ الرُّوحِ جُرحٌ ليسَ يلتَئِمُ؟
وواهِنُ العَزْمِ في التَّفريطِ يُقْحِمُنِي ... فأنثَني صاغِرًا، ينتابُني النَّدَمُ
وطائِفُ المَجدِ أطيافٌ تُنازِعُني ... ومَطمَحي طائرٌ تَحْلو له القِمَمُ
وواقِعي مارِدٌ يغتالُ مَقدِرَتي ... ولو أطاعَ لأحنَتْ رأسَها أمَمُ!
شكوايَ فاضت، وضَعْفي زادَ مَسألَتي ... لكنَّني بكَ - يا ربَّاهُ - أعتَصِمُ
***
الكتب الأصولية:
أخبرني الأخ الكريم البحاثة المحقق الفاضل الأستاذ الدكتور رأفت آل فرج الموصلي أنه على وشك إكمال كتاب في مجلدين عنوانه: "الموسوعة الببليوغرافية للمؤلفات الأصولية المطبوعة والمخطوطة والمفقودة منذ أول تدوين علم أصول الفقه إلى غاية عام ٢٠١٨م".
يسَّر الله له إنجازه على أحسن حال.
***
روائع من "الجامع":
في خواتيم كتب المالكية بابٌ يسمونه "الجامع" استنانًا بصنع الإمام مالك، ومن ذلك "الجامع" في كتاب "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبدالبر القرطبي (ت: 463)، ومِن روائعه فيه قوله (2/ 1132):
"‌جماع ‌الخير كله تقوى الله عزوجل، واعتزال شرور الناس.
ومن حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه.
ومَن طلب العلم لله فالقليل يكفيه، ومن طلبه للناس فحوائج الناس كثيرة.
وأزين الحلي على العالم التقوى.
وحقيقٌ على مَن جالس عالمًا أن ينظر إليه بعين الإجلال، وينصت له عند المقال.
وأن تكون مراجعته له تفهمًا لا تعنتًا.
وبقدر إجلال الطالب للعالم ينتفع بما يفيد من علمه.
وقد اجتلبنا من فضائل العلم وآدابه وما يلزم العالم والمتعلم المتخلق به ولزومه وامتثاله في كتاب "بيان العلم" ما يشفي العالمَ ويقر عينه، ويكفي المسترشدَ ويبصره".
وقولُه (2/ 1135):
"وإذا بلغ الصبيان سبع سينين أمروا بالصلاة، وإذا بلغوا عشرًا ضُربوا عليها. ‌والخير ‌كله بالعادة".
وقولُه (2/ 1144):
"‌ومَن ‌وعظ فليُخفف فإنه إذا أسرف كان بالوعظ أولى من الموعوظ".
وقولُه (2/ 1144):
"وكل آت قريب، والموت لا محالة آت، فمَن أكثر ذكره وجعله نصب عينيه صرفه ذلك عن الرغبة في الدنيا، وحمله على التقوى، وكلُّ ما كان لم يكن ‌إذا ‌ذهب".
***
إبليس يطلب الفاحشة:
جاء في "الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة" (1/ 38-39):
"عن محمد بن يعقوب بن إلياس المعروف بابن النحوية قال: أنشدنا علي بن هبة الله الحموي أنه رأى إبليس في النوم على صورة أمرد يطلبُ منه الفاحشة. قال: فضربته بحجرٍ فولى هاربًا، ثم التفت ينظر إلى السماء وهو ينشد:
أهوى النجومَ وأهوى كلَّ بارقةٍ … تلوح في الجو مِنْ شوقي إلى القمر".
***
طبع سليم:
جاء في ترجمة أرغون الصغير الكاملي نائب حلب (المتوفى سنة 758 ولم يكمل الثلاثين):
"كان أحد مماليك الصالح إسماعيل، ربّاه وهو صغير السن حتى صيّره أمير طبلخاناة أول ما عُرف من أمره وتنويه قدره، وزوَّجه أخته لأمّه وهي بنت أرغون العلائي.
وكان جميلًا جدًّا.
قال الصفدي: حضرَ إلى بدر الدين جنكلي -لمّا تزوجَ- فأمره بالجلوس، وأعطاه قباءً ‌مطرزًا، فلما خرجَ قال لي: رأيتَ ما أحسنَ وجهَ هذا وعيونَه؟
فقلتُ: نعم - أو نعم ما رأيتَ-.
قال: ولم يكن جنكلى ممَّنْ يميلُ إلى المُردان". الدرر الكامنة (1/ 418-419).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع