مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


إن من التواضع الرضا بالدون من شرف المجلس

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


10/07/2023 القراءات: 402  


قال عبد الله بن مسعود إن من التواضع الرضا بالدون من شرف المجلس، وأن تسلم على من لقيت وقال عبد الله بن المبارك التعزز على الأغنياء تواضع. كان يقال الغنى في النفس، والكرم في التقوى، والشرف في التواضع وكان سليمان بن داود - عليهما السلام - يجيء إلى أوضع مجالس بني إسرائيل ويقول مسكين بين ظهراني مساكين وكان يقال ثمرة القناعة الراحة، وثمرة التواضع المحبة.
وقال لقمان لابنه يا بني
تواضع للحق تكن أعقل الناس وقال أبو الدرداء ليس الذي يقول الحق ويفعله بأفضل من الذي يسمعه فيقبله.
وقال بعض الفلاسفة إذا نسك الشريف تواضع، وإذا نسك الوضيع تكبر وقال بعض الفلاسفة أظلم الناس لنفسه من تواضع لمن لا يكرمه، ورغب فيمن يبعده.
وقال بزرجمهر: وجدنا التواضع مع الجهل والبخل أحمد من الكبر مع الأدب والسخاء وقال ابن السماك للرشيد تواضعك في شرفك أشرف من شرفك.
قال ابن عبد البر: روي من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يعجبنكم إيمان الرجل حتى تعلموا ما عقدة عقله» وهذا الخبر من رواية إسحاق بن أبي فروة مذكور في ترجمته وهو متروك قال ابن عبد البر: وقد روي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: في صحف موسى وحكمة داود حق على العاقل أن يكون له أربع ساعات، ساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يناجي فيها ربه، وساعة يقضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقون عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه ولذاتها فيما يحل ويجمل، فإن هذه الساعة عون له قال وعلى العاقل أن يكون عارفا بزمانه مالكا للسانه، مقبلا على شأنه» .
وقال بعضهم أوحى الله إلى موسى أتدري لم رزقت الأحمق قال: لا قال: ليعلم العاقل أن الرزق ليس باحتيال وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من حرمهن فقد حرم خير الدنيا والآخرة عقل يداري به الناس، وحلم يداري به السفيه، وورع يحجزه عن المحارم» .
افتخر رجلان عند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: أتفتخران بأجساد بالية، وأرواح في النار؟ إن يكن لكما عمل فلكما أصل، وإن يكن لكما خلق فلكما شرف، وإن يكن لكما تقوى فلكما كرم وإلا فالحمار خير منكما ولستما خيرا من أحد. وقال أيضا - رضي الله عنه -: العاقل الذي لم يحرمه نصيبه من الدنيا حظه من الآخرة. وقال أيضا في وصيته لابنه: لا مال أعود من
العقل، ولا فقر أشد من الجهل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة كالمشاورة، ولا حسب كحسن الخلق وكان يقال إذا كان علم الرجل أكثر من عقله كان قمنا أن يضره علمه.
قال الشاعر:
ولا خير في حسن الجسوم وطولها ... إذا لم يزن حسن الجسوم عقول
وقال مطرف بن الشخير عقول كل قوم على قدر زمانهم، كان يقال خصال ست تعرف في الجاهل: الغضب في غير شيء، والكلام في غير نفع، والعطية في غير موضعها، وإفشاء السر، والثقة بكل أحد، ولا يعرف صديقه من عدوه وقال يحيى بن خالد ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها الكتاب على مقدار كاتبه، والرسول على مقدار عقل مرسله، والهدية على مقدار عقل مهديها.

وقيل لابن هبيرة ما حد الحمق قال لا حد له وقال بعضهم الحمق الكساد، يقال انحمقت السوق إذا كسدت، ومنه الرجل الأحمق لأنه كاسد العقل لا ينتفع برأيه ولا بعقله، والحمق أيضا الغرور، يقال سرنا في ليال محمقات: إذا كان القمر فيهن يسير بغيم أبيض دقيق فيغتر الناس بذلك يظنون أن قد أصبحوا فيسيرون حتى يملوا قال: ومنه أخذ الاسم الأحمق؛ لأنه يغرك في أول مجلسه بتغافله فإذا انتهى إلى آخر كلامه تبين حمقه.
وقال الجوهري في الصحاح الحمق والحمق قلة العقل، وقد حمق الرجل بالضم حماقة فهو أحمق وحمق أيضا بالكسر يحمق حمقا مثل غنم غنما فهو حمق وامرأة حمقاء وقوم ونسوة حمق وحمقى وحماقى، وحمقت السوق بالضم أي كسدت، أحمقت المرأة أي جاءت بولد أحمق فهي محموق ومحمقة، فإن كان من عادتها أن تلد الحمقى فهي محماق، ويقال أحمقت الرجل إذا وجدته أحمق، وحمقته تحميقا نسبته إلى الحمق، وحامقته إذا ساعدته على حمقه، واستحمقته أي عددته أحمق، وتحامق فلان إذا تكلف الحماقة، ويقال حمقت السوق بالكسر وانحمقت أي
كسدت، وانحمق الثوب أي أخلق.
ذكر المغيرة بن شعبة يوما عمر بن الخطاب فقال: كان والله أفضل من أن يخدع وأعقل من أن يخدع وقال الحجاج يوما: العاقل من يعرف عيب نفسه، فقال له عبد الملك فما عيبك قال أنا حسود حقود، فقال عبد الملك ما في إبليس شر من هاتين.
وقال الحسن البصري صلة العاقل إقامة دين الله، وهجران الأحمق قربة إلى الله، وإكرام المؤمن خدمة لله وتواضع له، كان يقال: إذا تم العقل نقص الكلام قال الشاعر:
ألا إنما الإنسان غمد لعقله ... ولا خير في غمد إذا لم يكن نصل
فإن كان للإنسان عقل فإنه ... هو النصل والإنسان من بعده فضل
وقال آخر:
وليس عتاب المرء للمرء نافعا ... إذا لم يكن للمرء عقل يعاتبه
وقال آخر:
تحامق مع الحمقى إذا ما لقيتهم ... ولا تلقهم بالعقل إذا كنت ذا عقل
فإني رأيت المرء يشقى بعقله ... كما كان دون اليوم يسعد بالعقل
وكان الحسن البصري إذا أخبر عن أحد بصلاح قال كيف عقله؟ ما يتم دين امرئ حتى يتم عقله وقال الأوزاعي قيل لعيسى يا روح الله أنت تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي الموتى بإذن الله فما دواء الأحمق؟ قال: ذلك أعياني.
وقال زيد بن أسلم قال لقمان لابنه يا بني لأن يضربك الحليم خير من أن يداهنك الأحمق.
وقال عمر بن عبد العزيز خصلتان لا تعدمك من الأحمق، أو قال من الجاهل: كثرة الالتفات وسرعة الجواب.
وقال سهل بن هارون ثلاثة من المجانين وإن كانوا عقلاء الغضبان، والعريان، والسكران.
سمع الأحنف رجلا يقول
ما أبالي أمدحت أم هجيت، فقال استرحت من حيث تعب الكرام.
وقالت العرب: استراح من لا عقل له.
وقالت الفرس: مات من لا عقل له قال الشاعر:
كم كافر بالله أمواله ... تزداد أضعافا على كفره
ومؤمن ليس له درهم ... يزداد إيمانا على فقره
لا خير فيمن لم يكن عاقلا ... يمد رجليه على قدره


إن من التواضع الرضا بالدون من شرف المجلس


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع