مدونة حسين سالم مرجين


هل إنتاج الابتكار يعد ضمن أولويات الجامعات الليبية الحكومية ؟

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


11/08/2023 القراءات: 763  


قام الصديق الأستاذ الدكتور معتز خورشيد وزير التعليم العالي والبحث والعلمي المصري (الأسبق) بكتابة مقالة مهمة، وذلك يوم الخميس الموافق 10 أغسطس 2023م، في صحيفة المصري، بعنوان " من يقود الابتكار على المستوى العالمي " تناول كعادته - كمهتم بقضايا التعليم العالي- عدد من القضايا والموضوعات المرتبطة بالابتكار، وقدم رؤى قيمة حول الابتكار، وتأثيره على المستوى العالمي، حيث بين بأن أكثر المؤسسات إنتاجا للابتكار على المستوى العالمي هي الشركات العابرة للقارات، في حين أوضح بأن هناك تراجع لدور الجامعات والمراكز البحثية في إنتاج الابتكار أمام تلك المؤسسات العملاقة. ومع ذلك، فهو أكد بأن الجامعات والمراكز البحثية لا تزال لها أهمية كبيرة في مجال الابتكار. فهي لا تزال تقوم بدورًا هامًا في تأهيل الطلبة والباحثين وتزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة لدخول سوق العمل، والمساهمة في عمليات الابتكار والتطوير. وحتى نقرب المعنى أكثر يمكن أن نشير إلى أن الابتكار مرتبط إلى حد كبير بتحرك وفعالية الطالب أو الباحث أو الأستاذ داخل الجامعة، وهنا يتبادر إلى الدهن مقولة مالك بن نبي يقول فيها " إذا تحرك الإنسان تحرك المجتمع والتاريخ، وإذا سكن سكن المجتمع والتاريخ".
في الحقيقة إن السؤال الجوهري الذي يقفز إلى الذهن هنا ونحن نود الحديث عن الابتكار في الجامعات الليبية، هو : هل إنتاج الابتكار يعد ضمن أولويات الجامعات الليبية ؟
كما ينبثق عن هذا التساؤل عدد من التساؤلات الفرعية المهمة، وهي :
• ما متطلبات البيئة المحفزة للابتكار في الجامعات الليبية؟
• ما تحديات التي تواجه الابتكار في الجامعات الليبية ؟
• ما الحلول المقترحة؟
قبل الولوج إلى إجابات لهذه التساؤلات المشروعة أود طرح عدد من المقدمات المهمة، وهي :
• إن الابتكار والتطوير الجامعي يمكن أن يكونان أدوات فاعلة لتحقيق التنمية والاستقرار الطويل الأجل في ليبيا.
• قد يكون للابتكار الدور في تعزيز الاقتصاد، وتحسين فرص العمل، وتلبية احتياجات المجتمع في مجالات مثل الصحة، والطاقة، والبيئة.
• يمكن أن يكون للابتكار دور في تعزيز التعليم العالي، ورفع جودة التعليم في الجامعات الليبية.
• يمكن للجامعات الليبية تحسين تجربة الطلبة وتأهيلهم بشكل أفضل لمواجهة تحديات المستقبل.
وعموما، فأنه على مستوى الجامعات الليبية ارتبط مفهوم الابتكار مع صدور قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقم 1633 لسنة 2022م بشأن اعتماد لائحة تنظيم عمل مراكز الريادة والابتكار بالأكاديمية والجامعات الليبية، حيث تم تأسيس مراكز ريادة الأعمال والابتكار في جل الجامعات الليبية الحكومية بناءً على ذلك القرار، ولذلك فلعله من المفيد التأكيد بأن تأسيس هذه المراكز يعد اتجاهًا مهمًا في الجامعات الليبية.
هل يكفي إصدار لائحة لريادة الأعمال والابتكار ليكون هناك إنتاجًا للابتكار في الجامعات الليبية ؟
في الحقيقة نحن لا نقلل من أهمية وجود لائحة تنظم إنشاء وعمل مراكز ريادة الأعمال والابتكار في الجامعات الليبية، وهي خطوة هامة لضمان التنظيم والحوكمة والتوجيه السليم لهذه المراكز؛ إلا أن ذلك لا يكفي لضمان نجاح وفعالية هذه المراكز. إن من يحسن التأمل ويدقق النظر يستطيع أن يدرك بسهولة وجود عدد من التحديات تواجه إنتاج الابتكار في جل الجامعات الليبية الحكومية، حيث ساكتفي في هذا السياق بالتنويه إلى أهمها، وهي على النحو الآتي :
• الحاجة إلى إلتزام الإدارة العليا بالابتكار وريادة الأعمال.
• ضعف ثقافة الابتكار.
• الافتقار إلى بنية وبيئة محفزة وداعمة لتشغيل وإدارة مراكز ريادة الأعمال والابتكار بفعالية.
• شح أو ضعف الموارد المالية.
• الافتقار إلى الربط بين المراكز والبرامج التعليمية في جل الجامعات، مما يقيد تدفق المعارف والمهارات المستقبلية إلى الطلبة وأعضاء هيئة التدريس.
• ضعف البنية التحتية والمساحات الملائمة للأنشطة الابتكارية.
• انعدام أو قلة التعاون بين الجامعات والقطاع الصناعي والخدمي والمجتمع المحلي.
• الافتقار إلى الدعم والتوجيه المناسب للطلبة والباحثين الذين يسعون لتطوير أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع تجارية.
• قلة أو ضعف البرامج التدريبية، وورش عمل، لتعزيز روح المبادرة وتطوير المهارات اللازمة للابتكار.
• الافتقار إلى وجود شبكة من الخبراء والمستشارين المتخصصين في مجالات الابتكار وريادة الأعمال لتقديم الإرشادات والمشورة للطلبة والباحثين.
وحتى لا تظهر أي مفارقات محتملة أو غير محتملة، نتيجة لتشابك وتعقد وتعدد التحديات التي تواجه إنتاج الابتكار في الجامعات الليبية فأنه يمكن تبني رؤية مستقبلية تتضمن عدد من الإجراءات الداعمة والمحفزة للابتكار، وهي :
• يجب تعزيز الإرادة السياسية لدعم الابتكار وإدراجه كجزء من الخطط الوطنية للتنمية.
• مراجعة وتطوير التشريعات والسياسات داعمة للابتكار وريادة الأعمال في الجامعات.
• تعزيز ثقافة الابتكار بين الطلبة وأعضاء هيئة التدريس.
• توفير الدعم المالي والموارد اللازمة لتحفيز واستكشاف وتطبيق الأفكار الابتكارية.
• تعزيز التدريب والتطوير المهني لأعضاء هيئة التدريس والباحثين، لتعزيز مهاراتهم في مجال الابتكار وتحقيق البحوث ذات الجودة العالية.
• مراجعة وتحديث المناهج الدراسية وتحسين وتطوير عمليتي التعليم والتعلم بحيث تكون قادرة على تشجيع الابتكار وريادة الأعمال.
• تعزيز التعلم العملي والتفاعل مع الصناعة والمجتمع بشكل عام.
• تعزيز التعاون والشراكات بين الجامعات وقطاع الصناعة.
وأخيرًا يمكن القول، بأننا نخلص إلى أن تحقيق التغيير في هذه الجوانب يحتاج إلى تعاونًا شاملاً بين الجامعات، والحكومة، والمؤسسات الصناعية، والخدمية، والمجتمع المحلي.كما يجب أن يتم التركيز على بناء بيئة محفزة تدعم الابتكار وتشجع على التعاون وتبادل الخبرات والممارسات والمعارف، لتعزيز القدرات البحثية والابتكارية في الجامعات الليبية، وليكون إنتاج الابتكار ضمن أولويات الجامعات الليبية الحكومية


الابتكار - الجامعات الليبية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع