ثقافة الجودة في التعليم: تجويد أم تجويف؟!
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
15/09/2023 القراءات: 814
التعليم عملية إنسانية في المقام الأول، غايتها الكبرى تحقيق العمران الكوني بمقوماته، ولا يتحقق ذلك بشكل متكامل ومتوازن إلا وفق منهج العبادة بمفهومها الشامل، أما تسليع التعليم وتحديده بمقاييس ومعايير مثل التي في المؤسسات الصناعية والتجارية، باسم تجويد التعليم وتحسينه، فهو في الحقيقة تجويف وليس تجويد، وتعليب وليس تعليم، وفي ظل هذه الثقافة فإن الاهتمام سيتركز في المظاهر الخارجية التي تبهر "الزبون"، أما الباطن فالله به عليم.
ولا شك أن التعليم يقوم على علاقات وتفاعلات إنسانية بحتة لا يمكن قياسها، كالضمير والإيمان والقيم والأخلاق .. فكلها أمور قد يستدل لها لكن لا يمكن قياسها بخلاف المعارف التي تحفظ.
وفي المقابل جاء الإسلام بالإحسان الذي هو أعلى مراتب الإيمان، ويعتمد الإحسان على تنمية ثقافة افعل الشيء واعلم أن الله يراك فإن لم تكن تراه فهو يراك، ويقوم على إيقاظ الضمير والنفس اللوامة التي تدفعه إلى الإتقان في الظاهر والباطن، أما إرضاء "الزبون" في ثقافة الإتقان فليس هدفا، إنما الهدف إرضاء الله تعالى والفوز بجنة عرضها السموات والأرض.
ولا يمكن تحقيق جودة المخرجات سواء في الأمور المادية أو المعنوية إلا إذا مرت بعمليات يحكمها الضمير الذي يراقب الله في خلوته وجلوته، والتعليم الذي يعتمد على عمليات إنسانية لا ترى ومن الصعب قياسها، فهو أولى بالاعتماد على ثقافة الإحسان وبناء سياج قوي من القيم، والكشف عن المهارات وتنميتها، ويعزز القدرات، ويوجيه الإرادات، بعيدا عن المقاييس الكمية التي منذ دخلت مجال التعليم وفسد حال المعلم والمتعلم.
تعليم، ثقافة، اجتماع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة