الطبيب و المريض بين ذكاءَين : القلب و التقنية
أ.د. عقبة جنان الزاوي | Okba DJENANE al-Zawi
07/03/2023 القراءات: 386 الملف المرفق
وَصل التطوّر التقني الطبي، بواسطة وسائل الكشف الجديدة (التصوير و الأشعة) إلى تشفيف الجسد الإنساني، مُحوِّلاً إياه إلى مجرّد "واجهة"؛ تَحمل جملة من الرُّسوم و الكتابات الرقمية. التي صادرت لصالحها علاقة الطبيب بالمريض؛ بِمَحْـوِ البُعد الإكلينيكي، الذي يَتغذّى بحرارة قُرب الطبيب من مريضه. فقَبل الحوار و الإصغاء، و قَبل النّظر في الأعراض من خلال الفحص الإكلينيكي، تَتكلّم الصّور و "الكليشيهات"، المعروضة على الشّاشة قَبل المريض !
فأصبح من الممكن للمريض التعرّف على مرضه من خلال جملة من القنوات ( الشبكة الصحية، طب الإنترنت، سلسلة الطب الإكلينيكي...)، قنوات من شأنها أن تَحسِر الحوار الفردي و الشخصي بين الطبيب و المريض و تُقلّصه؛ ممّا يَجعل من مهارة الطبيب تتضاءل مع الشُّركاء المتعدّدين و المختلفين، كالصيدلي و مخبر التحاليل و جمعيات المرضى، و يَتحول الطب بالتالي من النموذج الإكلينيكي إلى النموذج التقني. ذلك أن النموذج الإكلينيكيي "klinikos " يَرتكز على فكرة علاج المريض مُستلقياً على سرير، بواسطة النظر و اللمس دون اللجوء إلى وساطة. فالفعل الإكلينيكي يَقوم على الإصغاء و استجواب المريض، ليَكتمل بإعلامه و طمأنته؛ أو بالأحرى تصوُّر المريض و تمثّلُه لمرضه...
و رغم أن فن الطب يَفترض في مسار العلاج ثلاث خطوات رئيسية هي : الفحص The diagnosis”" و التشخيص The prognosis " " والعلاج "Therapeutic ". إلا أن الخطوة الأهم هي الفحص، على اعتبار أنه يتضمّن الاستجواب، الذي قد يَمس الجانب الحَذر و المحتشم للمريض، بالسؤال عن هويته و محيطه، و عن منابعه الماديّة و العلمية. و الملاحظة، التي تَتجّه إلى قراءة إيحاء الوجه، و الفحص الجسدي، الذي يقوم أساسا على الجسِّ، بملامسة البَشرة؛ مما يُعطي للفحص بُعداً انفعاليا و عاطفياً.
تَحتكِم العلاقة بين الطبيب و المريض إلى الأخلاق الطبية، التي تعني الاضطلاع بمهمة إعادة الواجب الإنساني و الاحتكام إلى التعاليم، و لكنها تَحتكم أيضاً إلى الأخلاق الكبيرة ؛ من خلال القلب المستنير بواسطة الرؤية الروحية للإنسان ؛ منبع الحُب و الكرم و العَطاء !..
البيوإتيقا، الأخلاق الطبية، علاقة الطبيب بالمريض، فلسفة الطب
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة