مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


🔻 غزوة الأحزاب ( الخندق) (1)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


11/03/2023 القراءات: 258  


استمر حفر الخندق بسرعة وحماسة ، رغم الجو البارد والجوع الشديد وكان لمشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم في الحفر أثر كبير في الروح التى سادت العمل فقد رأوه صلى الله عليه وسلم وهو ينقل مثلهم التراب ويشد على بطنه حجرا لفرط جوعه عليه الصلاة والسلام، فزاد ذلك من حماسهم وتمكنوا من إنجاز الخندق في ستة أيام فقط ، وبذلك نفذوا متطلبات خطة الدفاع عن المدينة قبل وصول الأحزاب


وقد حدثت عدة معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم أثناء حفر الخندق ، منها تكثير الطعام ، فقد لاحظ الصحابي جابر بن عبد الله رضي الله عنه ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجوع الشديد ، فطلب من زوجته أن تصنع طعاما للرسول صلى الله عليه وسلم ، فذبح معزى له ، وطحنت امرأته صاعاً من شعير، وصنعت طعاما ، وذهب جابر رضي الله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم سراً أن يأتي في نفر من أصحابه إلى الطعام ، وأخبره بكمية الطعام

فقام النبي صلى الله عليه وسلم ودعا جميع أهل الخندق إلى طعام جابر رضي الله عنه وكانوا ألف، وأسقط في يد جابر وأهله ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بارك في البرمة التى صنع فيها الطعام فأكل منها الجميع حتى شبعوا وتركوا فيها الكثير ، وبقيت بُرْمَة اللحم تغط به (تمتلىء به) كما هى ، وبقي العجين يخبز كما هو‏ ، فأكل منها أهل جابر وأهدوا منه
(البخاري ومسلم )

وجاءت أخت النعمان بن بشير بحَفْنَة من تمر إلى الخندق ليتغدي به أبوها وخالها عبد الله بن رواحة رضي الله عنهما ، فمرت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلب منها التمر، فصبته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأنها ، ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر فبدده فوق الثوب، ثم دعا أهل الخندق، فجعلوا يأكلون منه وجعل التمر يزيد، حتى صدر(قام) أهل الخندق عنه، وإنه يسقط من أطراف الثواب‏.‏

وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال ‏:‏ إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كُدْية(صخرة) شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ هذه كدية عرضت في الخندق‏.‏ فقال‏:‏ ‌‏" ‏أنا نازل " ، ثم قام وبطنه معصوب بحجر ـ ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقاً ـ فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المِعْوَل، فضرب فعاد كثيباً أهْيل ، أي صار رملاً لا يتماسك‏.‏

وقال البراء‏ رضي الله عنه :‏ لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول(لا تستطيع تكسيرها ) ، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وأخذ المعول فقال‏:‏ ‌‏(‏بسم الله‏)‏، ثم ضرب ضربة، وقال‏:‏ ‌‏(‏الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة‏)‏، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال‏:‏ ‌‏(‏الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن‏)‏، ثم ضرب الثالثة، فقال‏:‏ ‌‏(‏بسم الله‏)‏، فقطع بقية الحجر، فقال‏:‏ ‌‏(‏الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني‏)
وهكذا بشرهم بما سيكون من فتوح لهذه البلدان وهم محصورون في خندق يقرصهم البرد والجوع!وأقبل جيش الأحزاب حتى نزل أمام المدينة في عشرة آلاف ، وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون في ثلاثة آلاف وبينهم وبين القوم الخندق وأمر الرسول صلى الله عليه و سلم بالذراري والنساء فجعلوا في الاطام( الحصون) البعيدة ، ليكونوا بمأمن إذا ركب العدو رأسه واستباح المدينة واسند المسلمون ظهورهم إلى جبل سلع ورابطوا علي جانب الخندق ، وكان شعارهم :[ حم لا ينصرون ]

ولما اجتمعت الأحزاب حول المدينة في أعدادها الهائلة وضيقوا عليها الخناق ، لم يتسرب الخوف إلى قلوب المؤمنين بل واجهوا هذا الجيش الجرار بعقيدة المؤمن وثقة المطمئن بتأييد الله
{وَلَمَّا رَءَا الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب :22]

وأما المنافقون وضعفاء النفوس فقد تزعزعت قلوبهم لرؤية هذا الجيش ‏{‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا‏}‌‏[‏ الأحزاب‏:‏ 12‏]‌‏.‏

ولما أراد المشركون مهاجمة المسلمين واقتحام المدينة، وجدوا خندقاً عريضاً يحول بينهم وبينها، فاعترتهم الدهشة ، وداخلهم الاظطراب لعدم معرفتهم بوسائل القتال أمام الخنادق ، ولم يكونوا يتوقعون هذا النوع من الدفاع ، إذ كانت هذه الخطة ـ كما قالوا ـ مكيدة ما عرفتها العرب، فلم يكونوا أدخلوها في حسابهم أساسا

فالتجأوا إلى فرض الحصار على المسلمين، بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم، و ظل المشركون يدورون حول الخندق وهم في غضب شديد ، يتحسسون نقطة ضعيفة ؛ لينحدروا منها، عسى أن ينالوا من المسلمين شيئا ، وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين، يرشقونهم بالنبل، حتى لا يجترئوا على الاقتراب منه، ولا يستطيعوا أن يقتحموه، أو يهيلوا عليه التراب، ليبنوا به طريقاً يمكنهم من العبور‏.‏

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوي في ترقب نتائج الحصار، فإن ذلك لم يكن من شيمهم، فخرجت منها جماعة فيها عمرو بن عبد وُدّ وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم، فتيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق وضربوا خيلهم فاقتحموه، وجالت بهم خيلهم في أرض المدينة

وخرج على بن أبي طالب رضي الله عنه في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم، ودعا عمرو بن عبد ود إلى المبارزة، فبرز له علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:يا عمرو إنك كنت عاهدت الله لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه
قال : أجل
قال علي : فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام
قال : لا حاجة لي بذلك
قال : فإني أدعوك إلى النزال
فقال له : لم يا ابن أخي ؟ فوالله ما أحب أن أقتلك
قال له علي رضي الله عنه : لكني والله احب أن أقتلك
يتبع.


🔻 غزوة الأحزاب ( الخندق) (1)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع