مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


🔻غزوة تبوك(1)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


21/03/2023 القراءات: 401  


وجاء غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليقدم كل واحد منهم بمقدار ثرائه وغناه
فجاء العباس بمال كثير، وجاء طلحة وسعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة، كلهم جاؤا بمال، وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقا من التمر، وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها، حتى كان منهم من أنفق مدا أو مدين لم يكن يستطيع غيرها؛ وبعثت النساء ما قدرن عليه من قرط وخواتم.
ولم يمسك أحد يده، ولم يبخل بماله إلا المنافقون الذين كانوا يسخرون من المؤمنين { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ، وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] . وكان هناك آخرون من أهل الإيمان الصادق ولكنهم فقراء لا يملكون شيئا من الزاد والراحلة جاءوا للرسول صلى الله عليه وسلم يطلبون إليه أن يحملهم معه ليجاهدوا بالنفس بعد أن عز عليهم جهادهم بالمال ، فاعتذر لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم لعدم وجود ما يحملهم عليه فاشتد حزنهم على ذلك ولكن الله أسقط عنهم الحرج بقوله تعالى:
{وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ}سورة التوبة-92

وكان هناك أيضا هؤلاء الذين فترت أول الأمر هممهم فلما جد الجد وانطلق الجيش سرعان ما عادوا إلى صوابهم وراجعوا أنفسهم وخافوا عاقبة النكوص والتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هؤلاء أبو خيثمة عاد يوما إلى أهله بعد مسير النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه وذلك فى يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له فيه ماء و هيأت له فيه طعام

فلما دخل قام على باب العريش فنظر الى امرأتيه وما صنعتا له فاستيقظ ضميره وقال : رسول الله صلى الله عليه و سلم فى الشمس والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء ؟ في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال : والله لا أدخل عريش واحد منكما حتى الحق برسول الله صلى الله عليه و سلم فهيئا لي زادا ففعلتا ثم ارتحل فى طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه حين نزل بتبوك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرآ ودعا له بخير

وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فى رجب سنة تسع وعلى الرغم من كثرة المعتذرين والمتخلفين فقد بلغ تعداد الجيش أكثر من ثلاثين ألفا ولذا كان أكبر جيش خرج به الرسول فى غزوة

وخلف الرسول صلى الله عليه وسلم على أهله على بن أبى طالب رضي الله عنه ، وامره بالإقامة فيهم ، وتكلم عليه المنافقون ،فخرج فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشكا إليه كلام المنافقين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبى بعدى"
فرجع على رضي الله عنه إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى سفره تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتجاه تبوك، وكان الجيش كبيرا ثلاثون ألف مقاتل، لم يخرج المسلمون في مثل هذا الجمع الكبير قبله قط ، ولم يستطع المسلمون مع ما بذلوه من الأموال أن يجهزوه تجهيزا كاملا. بل كانت في الجيش قلة شديدة بالنسبة إلى الزاد والمراكب، فكان ثمانية عشر رجلا يعتقبون(يتبادلون ركوب) بعيرا واحدا، وربما أكلوا أوراق الأشجار حتى تورمت شفاههم، واضطروا إلى ذبح العير- مع قلتها- ليشربوا ما في كروشها من الماء، ولذلك سمي هذا الجيش جيش العسرة

ومر الجيش في طريقه إلى تبوك بالحجر- ديار ثمود - فاستقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا من مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة. وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صالح عليه السلام»

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال؛ لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع بالسير حتى جاز الوادي»
البخاري

وفي الطريق احتاجوا إلى الماء حتى شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا الله، فأرسل الله سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس، واحتملوا حاجاتهم من الماء.
ولما قرب من تبوك قال عليه الصلاة والسلام : «إنكم ستأتون غدا إن شاء الله تعالى عين تبوك، وإنكم لم تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي»


قال معاذ رضي الله عنه : فجئنا وقد سبق إليها رجلان، والعين تبض بشيء من مائها، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل مسستما من مائها شيئا؟ " ، قالا: نعم. فقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غرف من العين قليلا قليلا ، ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويده، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جنانا»
مسلم


🔻غزوة تبوك(1)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع