مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
سلسلة أمهات المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما)(1)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
22/04/2023 القراءات: 335
خير من عثمان
الباب يقرع، إنه باب دار عمر بن الخطاب، والقارع هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والطلب هو زواجه عليه الصلاة والسلام من حفصة…!
ولقد كانت فرحة عمر أعظم من أن توصف، وأكبر من أن يخطها قلم… لقد أصبح سيد المرسلين وخاتم النبيين زوجاً لحفصة الأرملة الحزينة، تلك التي عرضها والدها على اثنين من أخلص أصحابه، وأصفى مقربيه، فرفض أحدهما وسكت الآخر.
توجيهات وتوصيات عمر (رضي الله عنه)
لقد كانت لحفصة رضي الله عنها شخصية قوية، حباها الله بالذكاء والفطنة، وكانت تناظر وتعارض كثيراً، كثيراً ما تستوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أمور تسأله فيها تستفهمه وتستوضحه. وكان أهل قريش شديدين على نسائهم، وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) منهم، فلما هاجر المسلمون إلى المدينة وجدوا نساءً يغلبن أزواجهن، وأخذت النساء تعلمن من نساء المدينة. وقد حدث أن غضب عمر يوماً على امرأته فإذا هي تراجعه وتجادله فأنكر عليها ذلك. فقالت له: ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فانطلق حتى دخل على حفصة فقال لها: أتراجعين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالت: نعم، قال: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم، قال: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر، أفتأمن إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله، فإذا هي قد هلكت. لا تراجعين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا تسأليه شيئاً، وسليني من مالي ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منك -يريد عائشة-.
حفصة من نسائه في الجنة
على الرغم من ذكاء وحكمة وفطنة حفصة إلا أنها تبقى شأنها شأن جميع النساء تغار على زوجها، فقد ذُكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وطئ مارية، وقد كانت جارية له، في بيت حفصة وفي نوبتها، فوجدت حفصة، فقالت: يا نبي الله، لقد جئت إلي شيئاً ما جئت إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي، قال: ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها؟ قالت: بلى، فحرّمها وقال لها: لا تذكري ذلك لأحد، فذكرته لعائشة، فأظهره الله عليه فأنزل الله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ) [التحريم] الآيات كلها. وكان رسول الله قد قرر في ذلك الوقت أن يطلقها، فنزل جبريل عليه السلام وقال له: لا تطلق حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها من نسائك في الجنة.
بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
مرت حياة حفصة في بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أحب ما تشتهي وتريد، وحفظت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام بعض أقواله الحميمة وتوجيهاته السامية، فسلكت مسلكها وعملت بمقتضاها، ووعاها صدرها وقلبها.
ولما دنت ساعة الفراق، ولحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق الأعلى، بكته حفصة بدمع هتون، وقلب محزون، ولزمت دارها لا تفارقها أبداً، سوى الحج إلى بيت الله الحرام، وكانت العبادة سلوكها، والتصدق على الفقراء والمساكين عادتها.
سلسلة أمهات المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما)(1)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع