مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة أحد (6)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


07/03/2023 القراءات: 426  


وأثناء هذا القتال المرير كان المسلمون وأثناء هذا القتال المرير ، كان المسلمون يأخذهم النعاس أمنة من الله، كما قال الله تعالى : {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} وكانوا مغتمين لما أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم ولما أصابهم فأنزل الله تعالى عليهم النعاس فناموا يسيرا ثم أفاقوا وقد زال عنهم الخوف وامتلأت نفوسهم طمأنينة ، ‏قال أبو طلحة رضي الله عنه ‏:‏ "كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مراراً، يسقط وآخذه ويسقط وآخذه ‏"

وبمثل هذه البسالة بلغت هذه الكتيبة ـ في انسحاب منظم ـ إلى شعب الجبل، وشق لبقية الجيش طريقاً إلى هذا المقام المأمون، فتلاحق به في الجبل، وفشلت عبقرية خالد أمام عبقرية رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ولقد ضرب المسلمون في هذه المعركة أروع الأمثلة في التضحية والحب و الفداء؛ ففي أثناء انسحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجبل عرضت له صخرة من الجبل، فنهض إليها ليعلوها فلم يستطع ؛ لأنه كان قد ظاهر بين الدرعين، وقد أصابه جرح شديد‏.‏فجلس تحته طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ، فنهض به حتى استوي عليها، وقال‏:‏ ‌‏(‏أوْجَبَ طلحةُ‏)‏ ، أي‏:‏وجبت له الجنة‏.‏


وقاتل زياد بن السكن رضي الله عنه في سبعة من الأنصار دون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلون دونه رجلاً ثم رجلاً، فقاتل زياد حتى أثبتته الجراحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أدنوه مني"، فأدنوه فوسده قدمه فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان عمرو بن الجموح رضي الله عنه أعرج شديد العرج ، وكان له أربعة أبناء شباب يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما توجه إلى أحد أراد أن يخرج معه فقال له بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة فلو قعدت ونحن نكفيك وقد وضع الله عنك الجهاد، وأتى عمرو رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني هؤلاء يمنعونني أن أخرج معك ،أرأيت إن قتلت اليوم أطأ بعرجتي هذه الجنة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم"
قال: فوالذي بعثك بالحق لأطأن بها الجنة اليوم إن شاء الله ثم قاتل حتى قتل شهيدا

وكان عبد الله بن جحش رضي الله عنه قد دعا ربه فقال: (إني أقسم أن نلقي العدو فإذا لقينا العدو أن يقتلوني ثم يبقروا بطني ثم يمثلوا بي فإذا لقيتك سألتني: فيم هذا؟ فأقول: فيك.
فلقى العدو ففعل ذلك به)

وقد أبى شيخان كبيران تركهما الرسول صلى الله عليه وسلم في الحصون مع النساء والأطفال عند خروجه إلا اللحاق به والاشتراك في القتال طلبا للشهادة ، وهما اليمان والد حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش رضي الله عنهما ،فاستشهدا في الميدان. فأما ثابت فقتله المشركون، وأما اليمان فقتله المسلمون خطأ ووداه الرسول صلى الله عليه وسلم فتصدق ابنه حذيفة بديته مما زاده عند الرسول خيراً

وسارع عمرو بن أقيش إلى أحد، وكان للإسلام كارها، فلما رآه المسلمون منعوه، فقال: "إني قد آمنت" فقاتل حتى جرح فحمل إلى أهله جريحا، فجاءه سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال لأخته: "سليه حمية لقومك أو غضباً لهم أو غضبا لله؟ فقال: بل غضبا لله ولرسوله، فمات فدخل الجنة وما صلى لله صلاة"

وقد ثبت أن رجلاً أخبر الناس الرسول صلى الله عليه وسلم عن حسن بلائه. فقاله: "إنه من أهل النار" ، ثم أخبرهم الرجل بأنه إنما قاتل عصبية لقومه وليس لله. وقد انتحر بسهمه لما آلمته الجراح ، وفي هذين الخبرين آية وبيان لمكان النية في الجهاد، فمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ومن قاتل لغير ذلك من الأهداف مهما سمت في نظر الناس فليس بشهيد

وقد خرجت بعض النسوة مع جيش المسلمين إلى أحد ، فكانت السيدة عائشة رضي الله عنها وأم سليم رضي الله عنها تقومان بسقي الجرحى واسعافهم بعد تراجع المسلمين

وقد يئس المشركون من إنهاء المعركة بنصر حاسم، وتعبوا من طولها ومن جلادة المسلمين، فكفوا عن مطاردة المسلمين في شعاب أحد، ولكن أبا سفيان تقدم من المسلمين وخاطبهم فقال: "أفي القوم محمد؟ فقال: "لا تجيبوه". فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال: "لا تجيبوه". فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟
فقال: إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا.
فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله أبقى الله عليك ما يخزيك.
قال أبو سفيان: أعل هبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه". قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: "الله أعلى وأجل ".
قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوا". قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: "الله مولانا ولا مولى لكم".
قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال وتجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني"
وفي رواية أخرى قال عمر: "لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" وكان السكوت عن إجابة أبي سفيان أولا تصغيرا له حتى إذا انتشى وملأه الكبر أخبروه بحقيقة الأمر وردوا عليه بشجاعة.


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة أحد (6)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع