مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (134)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


21/01/2024 القراءات: 524  


علمتني الحياة:
قال الشيخ الغزالي في كتابه "جدِّد حياتك" ص (88):"ولنثبتْ هنا قصيدة الشاعر محمد مصطفى حمام، فهي حافلة بهذه العاطفة السهلة الرقيقة، عاطفة الرضاء والطمأنينة:
عـلَّـمـتـنـي الحياةُ أن أتلقّى ... كـلَّ ألـوانـهـا رضـًا وقبولا
ورأيـتُ الـرِّضـا يـخفِّف أثقا ... لـي ويُـلقي على المآسي سُدولا
والـذي أُلـهـم الـرِّضا لا تراهُ ... أبـدَ الـدهـر حـاسدًا أو عذولا
أنـا راضٍ بـكـل مـا كتب الله ... ومُـزْجٍ إلـيـه حَـمْـدًا جَزيلا
أنـا راضٍ بـكل صِنفٍ من النا ... سِ لـئـيـمـًا ألـفيتُه أو نبيلا
لـسـتُ أخـشـى من اللئيم أذاه ... لا، ولـن أسـألَ الـنـبيلَ فتيلا
فـسـح الله فـي فـؤادي فلا أر ... ضـى مـن الحبِّ والوداد بديلا
فـي فـؤادي لـكل ضيفٍ مكان ... فـكُـنِ الـضيفَ مؤنسًا أو ثقيلا
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان ... أو يـراه عـلـى الـنِّفاق دليلا
فـالـرضا نعمةٌ من الله لم يسـ ... ـعـد بـهـا في العباد إلا القليلا
والـرضـا آيـةُ البراءة والإيـ ... ـمـان بالله نـاصـرًا ووكـيلا
* * *
عـلـمـتني الحياةُ أنَّ لها طعـ ... ـمَـيـن، مُـرًا، وسائغًا معسولا
فـتـعـوَّدتُ حـالَـتَـيْها قريرًا ... وألـفـتُ الـتـغـيير والتبديلا
أيـهـا الـناس كلُّنا شاربُ الكأ ... سَـيـن إنْ عـلقمًا وإنْ سلسبيلا
نـحـن كالرّوض نُضْرة وذُبولا ... نـحـن كـالـنَّجم مَطلعًا وأُفولا
نـحـن كـالـريح ثورة وسكونًا ... نـحـن كالمُزن مُمسكًا وهطولا
نـحـن كـالـظنِّ صادقًا وكذوبًا ... نـحـن كـالحظِّ منصفًا وخذولا
* * *
قـد تـسـرِّي الحياةُ عني فتبدي ... سـخـريـاتِ الورى قَبيلًا قَبيلا
فـأراهـا مـواعـظـًا ودروسًا ... ويـراهـا سـواي خَـطْبًا جليلا
أمـعـن الناسُ في مخادعة النّفـ ... ـسِ وضـلُّـوا بصائرًا وعقولا
عـبـدوا الـجاه والنُّضار وعَينًا ... مـن عـيـون المَها وخدًّا أسيلا
الأديـب الـضـعيف جاهًا ومالًا ... لـيـس إلا مـثـرثـرًا مخبولا
والـعـتـلُّ الـقويُّ جاهًا ومالًا ... هـو أهـدى هُـدَى وأقـومُ قيلا
وإذا غـادة تـجـلّـتْ عـليهم ... خـشـعـوا أو تـبـتّلوا تبتيلا
وتَـلـوا سـورة الـهـيام وغنّو ... هـا وعـافـوا القرآن والإنجيلا
لا يـريـدون آجلًا من ثواب الله ... إنَّ الإنـسـان كـان عـجـولا
فـتـنـة عـمّـت المدينة والقر ... يـةَ لـم تَـعْـفِ فتية أو كهولا
وإذا مـا انـبـريتَ للوعظ قالوا ... لـسـتَ ربـًا ولا بُعثتَ رسولا
أرأيـت الـذي يـكـذِّب بـالد ... يـن ولا يـرهب الحساب الثقيلا
* * *
أكـثـرُ الناس يحكمون على النا ... س وهـيـهات أن يكونوا عدولا
فـلـكـم لـقَّـبوا البخيلَ كريمًا ... ولـكـم لـقَّـبـوا الكريمَ بخيلا
ولـكـم أعـطَـوا الملحَّ فأغنَوا ... ولـكـم أهملوا العفيفَ الخجولا
ربَّ عـذراء حـرّة وصـموها ... وبـغـيٍّ قـد صـوّروها بتولا
وقـطـيـعِ الـيدين ظلمًا ولصٍ ... أشـبـع الـنـاس كـفَّه تقبيلا
وسـجـيـنٍ صَـبُّوا عليه نكالًا ... وسـجـيـنٍ مـدلّـلٍ تـدلـيلا
جُـلُّ مـن قـلَّـد الـفرنجة منا ... قـد أسـاء الـتـقـليد والتمثيلا
فـأخـذنـا الخبيث منهم ولم نقـ ... بـسِ مـن الـطـيّبات إلا قليلا
يـوم سـنَّ الـفرنج كذبةَ إبريـ ... ـلَ غـدا كـل عُـمْـرنا إبريلا
نـشـروا الرجس مجملًا فنشرنا ... هُ كـتـابـًا مـفـصَّلًا تفصيلا
* * *
عـلـمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْـ ... ـلٌ فـمـن ذا الذي يردُّ السيولا
ثـم قالت: والخير في الكون باقٍ ... بـل أرى الخيرَ فيه أصلًا أصيلا
إنْ تـرَ الـشـرَ مستفيضًا فهوِّنْ ... لا يـحـبُّ الله الـيئوس الملولا
ويـطول الصراع بين النقيضَيـ ... ـنِ ويَـطوي الزمانُ جيلًا فجيلا
وتـظـلُّ الأيـام تعرض لونَيْـ ... هـا عـلى الناس بُكرةً وأصيلا
فـذلـيـلٌ بالأمس صار عزيزًا ... وعـزيـزٌ بـالأمس صار ذليلا
ولـقـد يـنـهض العليلُ سليمًا ... ولـقـد يـسـقـطُ السليمُ عليلا
ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العمـ ... ـرِ وشـبـعانَ يستحثُّ الرحيلا
وتـظـلُّ الأرحـامُ تـدفع قابيـ ... لًا فـيُـردي بـبـغـيـه هابيلا
ونـشـيـد الـسـلام يتلوه سفّا ... حـون سَـنُّوا الخراب والتقتيلا
وحـقـوق الإنـسان لوحة رسّا ... مٍ أجـاد الـتـزويـر والتضليلا
صـورٌ مـا سرحتُ بالعين فيها ... وبـفـكـري إلا خشيتُ الذهولا
* * *
قال صحبي: نراك تشكو جروحًا ... أيـن لـحن الرضا رخيمًا جميلا
قـلـت: أما جروح نفسي فقد عوَّ ... دْتُـهـا بَـلـسَـمَ الرضا لتزولا
غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي ... لـيـس إلا الـتقاعسَ المرذولا
لـسـتُ أرضـى لأمـة أنبتتني ... خُـلُـقـًا شـائـهًا وقَدْرًا ضئيلا
لـسـتُ أرضى تحاسدًا أو شقاقًا ... لـسـتُ أرضى تخاذلًا أو خمولا
أنـا أبـغي لها الكرامة والمجـ ... ـدَ وسـيـفـًا على العدا مسلولا
عـلـمـتني الحياة أني إن عشـ ... ـتُ لـنفسي أعِشْ حقيرًا هزيلا
عـلـمـتـنـي الحياةُ أنيَ مهما ... أتـعـلَّـمْ فـلا أزالُ جَهولا
علق الشيخ الغزالي (ص: 90):"ألقيتْ في المركز العام للشبان...، وفرغ الشاعر من إنشادها، ثم أجهش بالبكاء!!".
***
ابن أخ:
شاركتُ في حفل عرس الأخ الكريم الصديق الفاضل المهندس زيد اليامور في بغداد، مساء الخميس (10 من صفر سنة 1414 = 29 من تموز سنة 1993) بقصيدة، وهي منشورة بعنوان: "إلى زيدٍ من الأصحاب في حفل زواجه"، وولد له أسامة في (14/ 1/ 1996)، فقلت فيه أبياتًا ضاعت منا، وذَكر لي الأخ زيد من ذاكرته هذين البيتين:
أسامةُ كن لدين الله ذُخرا ... وحقِّقْ في مجالِ الحقِّ نصرا
رأيتُك فازدهى قلبي سرورًا ... فوجهُك يملأُ الإنسانَ بِشرا
***
مدرج أم مستل:
تنبيه: جاء في كتاب "الإشارات إلى أسماء الرسائل المودعة في بطون المجلدات والمجلات" (ص: 103) أن ابن حجر العسقلاني أدرج كتابه "الزهر النضر في حال الخضر" في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة". والصواب أنه مستلٌ مفردٌ من "الإصابة". انظر مقدمته (ص: 57-58).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع