مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


08/02/2023 القراءات: 573  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

وأما الرجل الآخر الذي كان إسلامه كذلك فتحاً ونصراً للمسلمين، وخزياً للمشركين وحسرة عليهم فهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد كان عمر رضي الله عنه من أوائل المحاربين للإسلام والمستهزئين بالمسلمين، وكان معروفاً بحدة الطبع وقوة الشكيمة، وطالما لقي المسلمون منه ألوان الأذى، وصنوف العذاب ، فقد كان رجﻻ قويا مهيبا

قال سعيد بن بن عمرو بن نفيل ، وهو ابن عم عمر رضي الله عنه وزوج أخته فاطمة بنت الخطاب : "والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقى على الإسﻻم قبل ان يسلم " البخاري

وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء كان بركة على عمر وتوفيقاً من الله تعالى له، روى الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال:
قال رسول صلى الله عليه وسلم: " اللهم اعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، قال وكان أحبهما إليه عمر

وكان إسلام عمر رضي الله عنه بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة ، فقد روى ابن إسحاق أن أم عبد الله زوجة عامر بن ربيعة قالت :
" والله إنّا لنترحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا ، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علىَّ وهو على شركه وكنَّا نلقي منه البلاء أذىً لنا وشدةً علينا
فقال : إنَّه الانطلاق يا أم عبد الله؟ قالت: قلت نعم والله لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا مخرجاً
فقال عمر: صحبكم الله
ورأيت له رقة لم أكن أراها ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا
قالت فجاء عامر بحاجته فقلت: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفاً ورقته وحزنه علينا
قال: أطمعتِ في إسلامه؟ قلت: نعم
قال : والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب "
قال ذلك يأساً منه لِمَا كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام، ولكن قلب المرأة كان أصدق من رأي الرجل، فإن غلظة عمر كانت قشرة خفيفة تكمن وراءها ينابيع من الرقة والعطف والسماحة تفجرت بعد إسلامه .

وبعد إدارة النظر في جميع الروايات التى رويت في إسلامه يبدو أن نزول الإسلام في قلبه كان تدريجيا ، ورغم عدم ثبوت أي رواية من هذه الروايات حديثيا إلا أن هذا لايعنى حتمية عدم حدوثها تاريخيا

وخلاصة الروايات ،مع الجمع بينها ، في إسلامه رضي الله عنه‏:‏
أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته، فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، وقد استفتح سورة ‏{‏الْحَاقَّةُ‏}‏،فجعل عمر يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه، قال‏:‏ فقلت في نفسي‏:‏
هذا والله شاعر، كما قالت قريش، قال‏:‏ فقرأ ‏{‏إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏40، 41‏]‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ كاهن‏.‏ قال‏:‌‏{‏ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ إلى آخر السورة ‏[‏الحاقة‏:42، 43‏]‏ ‏.‏ قال‏:‏ فوقع الإسلام في قلبي‏.
ابن الجوزي‏

كان هذا أول وقوع نواة الإسلام في قلبه، لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية، وعصبية التقليد، والتعاظم بدين الآباء هي غالبـة على مخ الحقيقة التي كان يتهمس بها قلبه، فبقى مجدًا في عمله ضد الإسلام غير مكترث بالشعور الذي يكمن وراء هذه القشرة‏.‏

وكان من حدة طبعه وفرط عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج يومًا متوشحًا سيفه يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيه رجل من بني زهرة فقال‏:
‏ أين تعمد يا عمر‏؟‏
قال‏:‏ أريد أن أقتل محمدًا‏.‏
قال‏:‏ كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدًا‏؟‏
فقال له عمر‏:‏ ما أراك إلا قد صبوت، وتركت دينك الذي كنت عليه
قال‏:‏ أفلا أدلك على العجب يا عمر‏!‏ إن أختك وخَتَنَكَ قد صبوا، وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر دامرًا حتى أتاهما، وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيها‏:‏ ‏[‏طه‏]‏ يقرئهما إياها ،وكان يختلف إليهما ويقرئهما القرآن ،فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت

وسترت فاطمة ،أخت عمر، الصحيفة‏.‏ وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال‏:‏ ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم‏؟‏
فقالا‏:‏ ما عدا حديثًا تحدثناه بيننا‏.، قال‏:‏ فلعلكما قد صبوتما‏
فقال له ختنه‏:‏ يا عمر، أرأيت إن كان الحق في غير دينك‏؟‏
فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدًا‏، فجاءت أخته فرفعته عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها ـ وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها ـ فقالت، وهي غضبى‏:‏
يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله

فلما يئس عمر رضى الله عنه ، ورأي ما بأخته من الدم ندم واستحيا
وقال‏:‏ أعطونى هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه
فقالت أخته‏:‏ إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل
ثم أخذ الكتاب، فقرأ‏:‏ ‏{‏بسم الله الرحمن الرحيم‏}‏ فقال:‏ أسماء طيبة طاهرة‏.‏ ثم قرأ ‏[‏طه‏]‏ حتى انتهي إلى قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّنِي أَنَا الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي‏}‏ ‏[‏طه‏:‏14]‏ فقال‏:‏ ما أحسن هذا الكلام وأكرمه‏؟‏ دلوني على محمد‏.‏


سلسلة السيرة النبوية 🔻 إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع