مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


لكن عند الله لست بكاسد

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


11/07/2023 القراءات: 392  


سئل الأحنف، عن المروءة فقال التفقه في الدين وبر الوالدين والصبر على النوائب، ويروى عن الأحنف قال: لا مروءة لكذوب، ولا إخاء لملول، ولا سؤدد لسيئ الخلق. سئل ابن شهاب الزهري عن المروءة فقال اجتناب الريب وإصلاح المال والقيام بحوائج الأهل.
وقال الزهري أيضا: الفصاحة من المروءة وقال إبراهيم النخعي ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق وقال غيره من كمال المروءة أن تصون عرضك، وتكرم إخوانك، وتقيل في منزلك.
وذكرت الفتوة عند سفيان الثوري فقال: ليست الفتوة بالفسق ولا الفجور، ولكن الفتوة كما قال جعفر بن محمد طعام موضوع، وحجاب مرفوع ونائل مبذول وبشر مقبول، وعفاف معروف، وأذى مكفوف.
قال محمد بن داود من كان ظريفا فليكن عفيفا قال منصور الفقيه:
فضل التقى أفضل من ... فضل اللسان والحسب
إذا هما لم يجمعا ... إلى العفاف والأدب
وقال آخر:
وليس فتى الفتيان من راح واغتدى ... لشرب صبوح أو لشرب غبوق
ولكن فتى الفتيان من راح واغتدى ... لضر عدو أو لنفع صديق.

وروى الخلال عن أحمد وجماعة من السلف الممازحة في بعض الأوقات. وحديث ابن عمر مرفوعا «إني لأمزح ولا أقول إلا حقا» ولأحمد والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة «إني لا أقول إلا حقا» فقال بعض أصحابه فإنك تداعبنا قال «إني لا أقول إلا حقا» هو حديث ابن المبارك عن أسامة بن زيد الليثي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة وأسامة وإن كان من رجال مسلم فقد ضعفه الأكثر.
وعن أنس «أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستحمله فقال: إنا حاملوك على ولد الناقة فقال يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال وهل تلد الإبل إلا النوق» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال صحيح غريب ولأبي داود والترمذي عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له يا ذا الأذنين يعني يمازحه» «وكان رجل من أهل البادية اسمه زاهر يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية فيجهزه إذا أراد أن يخرج، فقال: إن زاهر باديا ونحن حاضرته وكان دميما فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه لا يبصره الرجل فقال: أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول من يشتري العبد فقال يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا؟ فقال: لكن عند الله لست
بكاسد أو قال لكن عند الله أنت غال» رواه أحمد من حديث أنس الدميم بالدال المهملة في الخلق بفتح الخاء القصر والقبح وبالذال المعجمة في الخلق بضمها.
وقال محمود بن الربيع «إني لأعقل مجة مجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهي» رواه مسلم والبخاري وزاد في وجهي قال في شرح مسلم قال العلماء المج طر الماء من الفم بالتزريق وهذا في ملاطفة الصبيان وتأنيسهم وإكرام آبائهم بذلك وجواز المزح.
وروى الترمذي عن زياد بن أيوب عن عبد الرحمن المحاربي عن ليث عن عبد الملك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا «لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا فتخلفه» عبد الملك هو ابن جريج لم يسمع من عكرمة قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسبق ما يتعلق بهذا في فصول الكذب.
وذكر ابن عبد البر قول ابن عباس: المزاح بما يحسن مباح، وقد «مزح النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقل إلا حقا» قال غالب القطان أتيت محمد بن سيرين وكان مزاحا فسألته عن هشام بن حسان فقال توفي البارحة أما شعرت؟ {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156] وقال {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} [الزمر: 42] .
وفي الحديث المأثور أن عيسى - عليه السلام - كان يبكي ويضحك وكان يحيى - عليه السلام - يبكي ولا يضحك، فكان خيرهما المسيح.
وقال الخليل بن أحمد الناس في سجن ما لم يتمازحوا.
مزح الشعبي يوما فقيل له يا أبا عمرو أتمزح قال: إن لم يكن هذا متنا من الغم، كان محمد بن سيرين
يدعب ويضحك حتى يسيل لعابه فإذا أردته على شيء من دينه كانت الثريا أقرب إليك من ذلك.
قال ابن عبد البر وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح لما فيه من ذميم العاقبة. ومن التوصل إلى الأعراض واستجلاب الضغائن وإفساد الإخاء. كان يقال لكل شيء بدء وبدء العداوة المزاح وكان يقال لو كان المزاح فحلا ما ألقح إلا الشر قال سعيد بن العاص لا تمازح الشريف فيحقد، ولا الدني فيجترئ عليك.
وقال ميمون بن مهران إذا كان المزاح أمام الكلام، فآخره الشتم واللطام وقال جعفر بن محمد إياكم والمزاح فإنه يذهب بهاء الوجه، كان خالد بن صفوان يكره المزاح ويقول يسعط أحدهم أخاه بأحر من الخردل، ويفرغ عليه أشد من غلي المرجل، ويقول مازحته.
وقال إبراهيم النخعي لا يكون المزاح إلا في سخف أو بطر السخف بضم السين رقة العقل، وقد سخف الرجل بالضم سخافة فهو سخيف مثل حامقته.
قال أبو هفان:
مازح صديقك ما أحب مزاحا ... وتوق منه في المزاح مزاحا
فلربما مزح الصديق بمزحة ... كانت لباب عداوة مفتاحا
وقال آخر:
لا تمزحن فإذا مزحت فلا يكن ... مزحا تضاف به إلى سوء الأدب
واحذر ممازحة تعود عداوة ... إن المزاح على مقدمة الغضب
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إياكم وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه» قال عمر بن الخطاب من كثر ضحكه استخف به وذهب بهاؤه وقال بعض الحكماء إياك والمشي في غير أدب، والضحك من غير سبب.


لكن عند الله لست بكاسد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع