نقطة اللاعودة: هل سنفقد هويتنا عبر التعليم؟
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
23/01/2025 القراءات: 3
في سياق تاريخي حافل بالمؤامرات، شهدت أمتنا العربية حملات غزو ممنهجة استهدفت جذورها الثقافية والحضارية. كان التعليم ساحة المعركة الرئيسية في هذا الصراع، حيث دُسّ السم في العسل، وحُوّلت المدارس إلى أدوات لتدمير الهوية العربية.
ابتدأت هذه الحملات باستهداف النخب، حيث تم إغراؤهم بمدارس دولية ومناهج عالمية زائفة الوعد، هدفها الأساسي هو اقتلاع النشء من أرضهم الثقافية، وحشو عقولهم بأفكار غريبة عن بيئتهم. ولما حققت هذه الحملات نجاحًا باهرًا، انتقلت إلى المستوى التالي، مستهدفة الجماهير عبر أبنائها الذين تلقوا تعليمًا مغايرًا.
ظهرت ما تسمى بـ"مدارس اللغات"، والتي كانت في حقيقة الأمر مصانع لإنتاج أجيال جديدة تخجل من لغتها الأم، وتتبنى ثقافات غريبة. هذه المدارس لم تكن تهدف إلى تعليم لغة أجنبية بقدر ما كانت تهدف إلى استبدال اللغة العربية بلغة أخرى، وبالتالي استبدال الثقافة العربية بثقافة غربية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد إلى المعاقل العلمية والدينية، حيث تم اختراق الأزهر الشريف، وافتتاح معاهد لغات على غرار المدارس اللغوية، وذلك تحت ستار التحديث والتطوير. كان الهدف هو إضعاف الأزهر كصرح من صروح الحضارة الإسلامية، وتقويض دوره في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية.
إن اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي حاملة للهوية والقيم والتاريخ. وعندما يتم استبدال اللغة الأم بلغة أجنبية، فإن ذلك يعني استبدال الثقافة والتاريخ والقيم. وهذا ما حدث بالفعل، حيث أصبحنا نشاهد أجيالًا عاجزة عن التعبير عن نفسها بلغتها الأم، وتفضل التحدث بلغة أجنبية حتى في حياتها اليومية.
إن الدعاية التي تزعم أن تعلم اللغات الأجنبية ضرورة حتمية في العصر الحديث هي مجرد ذريعة واهية. فمن السهل تعلم أي لغة أجنبية في مراكز متخصصة، دون المساس بالهوية الوطنية.
إن النتيجة المباشرة لهذا الغزو الثقافي هي فقدان الأجيال الشابة لهويتها، وتشوه انتمائها، وضعف ارتباطها بجذورها التاريخية والحضارية. وهذا بدوره يؤدي إلى ضعف الأمة وتشتتها، وجعلها عرضة للتأثيرات السلبية من الخارج.
مقترحات لحل المشكلة:
- تعزيز مكانة اللغة العربية: يجب أن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية في التعليم وفي جميع المؤسسات، وأن يتم تشجيع استخدامها في الحياة اليومية.
- إعادة النظر في المناهج الدراسية: يجب أن يتم مراجعة المناهج الدراسية لتعزيز الهوية الوطنية والقيم العربية والإسلامية، وأن يتم التركيز على تعليم اللغة العربية بشكل صحيح.
- دعم المؤسسات الثقافية: يجب دعم المؤسسات الثقافية التي تعمل على الحفاظ على التراث العربي والإسلامي، وتشجيع الإبداع والابتكار في المجالات الثقافية والفنية.
- توعية المجتمع: يجب توعية المجتمع بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية، وأن يتم مكافحة الأفكار التي تعمل على تقويض هذه الهوية.
إن الحفاظ على الهوية الوطنية هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، فبدون هوية قوية لا يمكن لأي أمة أن تحقق التقدم والازدهار.
#الغنيمي #رؤية_لإصلاح_التعليم #رؤية_للنهوض_الحضاري،
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة