مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


🔻 غزوة الأحزاب ( الخندق) (3)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


11/03/2023 القراءات: 290  


قال : " بل شئ اصنعه لكم ، والله ما اصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم (غالبوكم) من كل جانب فأردت أن اكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما "

فقال له سعد بن معاذ رضي الله عنه : يا رسول الله إن كان شئ تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه ، لقد كنا نحن و هؤلاء القوم علي الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منه ثمرة الا قري أو بيعا ، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له و أعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "فأنت وذاك" ابتلي المؤمنون بلاء عظيما فقد جاءهم الأحزاب من فوقهم وبنو قريظة من أسفل منهم والمنافقون ظنوا بالله الظنونا ، فأصاب المسلمين زلزال شديد وبلاء عظيم، ولكن الإيمان العميق والتربية الدقيقة جعلت المسلمين يصمدون أمام سائر هذه الأخطار.

وقد نظمت الدوريات لحراسة المدينة فكان سلمة بن أسلم الأوسي يقود مائتي رجل وزيد بن حارثة يقود ثلثمائة رجل يحرسون المدينة ويظهرون التكبير لإشعار بني قريظة بيقظتهم ووجودهم خوفاً منها على النساء والأطفال في الحصون

وقد فوجئت قريش برؤية الخندق، واحتاروا في كيفية اقتحامه، إذا كلما هموا بذلك أمطرهم المسلمون بالسهام، واشتد الحصار وطال أربعا وعشرين ليلة وقيل دام شهرا، لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبال

وفي هذه المراماة رمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم فقطع منه الأكْحَل (عرق في الذراع ) ، فدعا سعد‏ رضي الله عنه : (‏ اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلى أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني لهم حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها‏ واجعله لى شهادة ،‏ وقال في آخر دعائه‏:‏ ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة‏)
ودعوة سعد رضي الله عنه هذه تصور مبلغ ما انطوت عليه قلوب المسلمين من غيظ وحنق لخيانة اليهود وانضمامهم إلى الأحزاب في هذا الوقت العصيب ، ولقد ضرب له النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده فيها

وفي هذه المراماة أيضا قتل رجال من الجيشين، يعدون على الأصابع‏:‏ ستة من المسلمين، وعشرة من المشركين، بينما كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف‏.‏

ثم إن الله عز وجل ـ وله الحمد ـ صنع أمراً من عنده خذل به العدو وهزم جموعهم، فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان يقال له‏:‏ نعيم بن مسعود بن عامر رضي الله عنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‌‏(‏إنما أنت رجل واحد، فَخذِّلْ عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة‏)‏

فذهب من فوره إلى بني قريظة ـ وكان عشيراً لهم في الجاهلية ـ فدخل عليهم وقال‏:‏ قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم
قالوا‏:‏ صدقت‏ ، قال‏:‏ فإن قريشاً ليسوا مثلكم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم
قالوا‏:‏ فما العمل يا نعيم ‏؟‏ قال‏:‏ لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن‏
قالوا‏:‏ لقد أشرت بالرأي‏.‏

ثم ذهب نعيم رضي الله عنه إلى قريش وقال لهم‏:‏ تعلمون ودي لكم ونصحي لكم‏؟‏
قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك‏.‏

فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة 5هـ بعثت قريش وحلفائها إلى اليهود‏:‏ أنا لسنا بأرض مقام، فانهضوا بنا حتى نناجز محمداً
فأرسل إليهم اليهود : أن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن
فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان‏:‏ صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود إنا والله لا نرسل إليكم أحداً، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمداً
فقالت قريظة‏:‏ صدقكم والله نعيم‏
فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم‏.‏ يتبع


🔻 غزوة الأحزاب ( الخندق) (3)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع